يتابع السعوديون باهتمام بالغ أنباء المنخفض الجوي الذي تعرضت له دول أوروبية وصولاً إلى تركيا وشمال سورية ولبنان والأردن، وتسبب في وفاة عشرات الأشخاص وإلغاء مئات الرحلات الجوية. فيما يتوقع أن تتأثر به المناطق الشمالية من المملكة. وتوقعت الهيئة العامة للأرصاد وحماية البيئة اليوم (الثلثاء) أن يشهد طقس الأسبوع الجاري انخفاضاً في درجات الحرارة، وانتشار الغيوم شمال المملكة وغربها، مع توقعات أن تكون درجة الحرارة حول الصفر المئوي في محافظات طريف، والقريات، وسكاكا، وحائل، ومرتفعات تبوك (جميعها شمال السعودية)، وحدوث انخفاض ملموس لدرجة الحرارة في محافظتي حقل وضبا. وذكر عضو لجنة تسمية الحالات المناخية المميزة زياد الجهني أول من أمس (الأحد)، أن المنطقة الشمالية ستتأثر في الموجة الباردة القادمة من مصر والبحر المتوسط وستؤثر في شكل مباشر على المناطق الشمالية والشمالية الغربية، وتمتد لتصل إلى الغربية وحائل، ثم تتعمق إلى الوسطى. إلا أن الفلكي الدكتور خالد الزعاق توقع أن يشهد الأسبوع الجارى استقراراً في درجات الحرارة المعاشة في جل مناطق المملكة، مطالباً سالكي الطرق الرابطة بين السعودية والكويت بالتنبه إلى وجود ضباب يمنع الرؤية طوال الليل. وشهدت المملكة خلال السنوات الأخيرة تساقطاً للثلوج على مناطقها الشمالية في ظاهرة لم تشهدها منذ فترات طويلة، حملت في بعضها ذكريات آليمة، إذ تسببت الثلوج في كانون الثاني (يناير) من العام 2013، في وفاة ثمانية أشخاص وإصابة حوالى 70 شخصاً، نتيجة التزاحم الكبير من المواطنين والمقيمين الذين صعدوا إلى أماكن تساقط الثلوج. وأدت الثلوج المنهمرة على محافظة طبرجل على مدار يومين في كانون الثاني (يناير) من العام 2015، في انزلاق حافلة كانت تقل سبع معلمات في طريقهن إلى مدرستهن، ما أدى إلى إصابة معلمتين، ونقلتا إثرها إلى المستشفى. ويعمد سكان المناطق الشمالية في مثل هذه الظروف الاستثنائية إلى البقاء في منازلهم واستخدام وسائل التدفئة الكهربائية والحطب أو الفحم، على رغم تحذيرات مديرية الدفاع المدني من خطورتها، مشددة على ضرورة ترك النوافذ مفتوحة لتجنب الاختناقات. وعاش رعاة الإبل من سكان الصحراء القريبة من تبوك معاناة شديدة بعد هبوب عاصفة شتوية قوية، وأجبر انخفاض درجات الحرارة الرعاة الذين يعيشون داخل خيام إلى حماية أنفسهم وإبلهم من التجمد والجليد الذي غطى الأرض بكل الوسائل المتاحة. وتسببت في وفاة شخصين وكثير من حوادث الطرق. واضطر سكان القريات (منطقة الجوف) العام الماضي إلى البقاء في منازلهم هرباً من الثلوج، وبحثاً عن الدفء عبر الوسائل التقليدية والتقنية، وبدت شوارع المحافظة خالية من الناس، بينما اضطر أئمة مساجد إلى جمع الصلوات (الظهر والعصر، والمغرب والعشاء)، للتخفيف على الناس. وعلى النقيض من ذلك، أضفت العاصفة الجوية «هدى» التي هبت على المناطق الشمالية من المملكة أجواء من البهجة على السعوديين، إذ اتاحت لهم فرصة الاستمتاع بصناعة مجسمات الثلج التي لم يعتادوها من قبل، واستوحوا أشكالها من تراثهم المحلي في تصاميم حيوانات صحراوية، وصنعوا فيها «رجل الثلج» بهيئة سعودية يلبس الكوفية والطاقية والعقال، إضافة إلى التقاط صور تذكارية، في حين وجدها الأطفال فرصة للعب. وتكررت الظاهرة نفسها في شباط (فبراير) العام الماضي، معيدة أجواء البهجة إلى سكان تلك المناطق، بعدما وصلت درجة الحرارة في بعضها إلى أكثر من 10 درجات تحت الصفر، مستثيرة قريحة الشعر لديهم، ونشطت خلالها «هاشتاغات» مرحبة بالموجة الثلجية التي غطت مسطحات ترابية لم تعتدها من قبل، وخصوصاً في عرعر. وحذر الأطباء مرضى الربو في تلك المناطق من الوجود أمام مدافيء الفحم والحطب ووسائل التدفئة التي لها رائحة مثل مدافئ الكيروسين، كونها تسبب نوبات اختناق وأزمات قد تصل إلى الوفاة. وطالبت المديرية العامة للدفاع المدني، السكان في مثل هذه الظروف بضرورة اتباع إرشادات السلامة، وعدم النزول إلى الأودية والشعاب والابتعاد عن الأماكن الخطرة والمنزلقات، فيما رفعت مستوى جاهزيتها على صعيد الآليات والمعدات والكوادر البشرية، إضافة إلى تجهيز غرف العمليات لاستقبال جميع البلاغات التي تردها، وجاهزية المراكز والوحدات الميدانية لمباشرة أي حوادث.