بينما تكثف وزارة الداخلية المصرية من استعداداتها مع اقتراب فتح باب الترشح لانتخابات مجلس الشعب (البرلمان) والمقرر إجراؤها في 28 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، بات الحزب الوطني الديموقراطي (الحاكم) وهو يستعد لهذا الاستحقاق المرتقب بين سندان تحركات المعارضة المطالبة ب «التغيير» ومطرقة الغضب الشعبي المتزايد جراء ارتفاع أسعار السلع الغذائية في شكل غير مسبوق وتردي حال الخدمات. ويثير هذا الوضع مخاوف لدى بعض قياديي الحزب «الوطني» الذي يسعى إلى تأمين غالبية مريحة في مجلس الشعب. وأصدر الرئيس المصري حسني مبارك قراراً جمهورياً أمس بدعوة الناخبين إلى انتخابات مجلس الشعب في 28 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. وتضمن القرار أنه في حال إعادة الانتخابات في الدوائر التي ستحتاج إلى إعادة فستجرى جولة الإعادة في 5 كانون الأول (ديسمبر) المقبل. كما نص القرار على دعوة مجلس الشعب بتشكيله الجديد إلى الانعقاد في 13 كانون الأول المقبل. ويعلن حزب التجمع اليساري المعارض اليوم الخميس القائمة النهائية لمرشحيه في الانتخابات بعدما استقر على 72 مرشحاً إضافة إلى 9 سيدات سيتنافسن على المقاعد المخصصة ل «كوتة المرأة». وبدا من قائمة الحزب أنه لم يتحاش الدخول في منافسة مع جماعة «الإخوان المسلمين» وقيادات الحزب الوطني (الحاكم)، إذ أكد القيادي في «التجمع» حسين إبراهيم أن حزبه سينافس وزير الدولة للشؤون القانونية والبرلمانية الدكتور مفيد شهاب في دائرة محرم بيك في محافظة الاسكندرية (الساحلية)، متوقعاً «منافسة كبيرة» في غالبية الدوائر مع مرشحي «الإخوان» خصوصاً في محافظات الاسكندرية والشرقية وقنا التي تشهد وجوداً إخوانياً كبيراً. ودفع «التجمع» بأعداد كبيرة من مرشحيه في هذه المحافظات. وأكد إمكان حدوث تنسيق مع حزبي الوفد والعربي الناصري. وأوضح أن «التجمع» استقر على 72 مرشحاً بينهم 8 أقباط في حين استقر على 9 نساء يخضن المنافسة على 64 مقعداً خُصصت للمرأة، مشيراً إلى أن الحزب سيعلن قائمته النهائية اليوم في مؤتمر صحافي، لافتاً إلى وجود ما بين 2 و 4 أسماء أخرى ربما تدخل في القائمة النهائية. وتتضمن ترشيحات «التجمع» 8 مرشحين على دوائر القاهرة و6 في الاسكندرية، إضافة إلى 43 مرشحاً في محافظات دلتا النيل، بينما دفع ب 15 مرشحاً في محافظات الصعيد بينهم 6 في محافظة قنا وحدها. ومن المنتظر أن يكون حزب الوفد الليبرالي المعارض حسم مساء أمس قائمته النهائية بعد اجتماع لهيئته العليا. وكان الوفد أعلن في وقت سابق قائمة مبدئية قوامها 172 مرشحاً، لكن عضو الهيئة العليا في الحزب عصام شيحة قال ل «الحياة» إن بعض المرشحين على تلك القائمة اعتذروا في وقت لاحق. وأوضح: «لدينا 225 اسماً تقدموا بطلبات ترشح سيتم الاستقرار من بينهم على القائمة النهائية مساء اليوم (أمس)»، مشيراً إلى أن الوفد يتجه نحو الدفع ب 200 بينهم 23 قبطياً و15 إمرأة. ولفت شيحة إلى أن من بين المرشحين نائب رئيس الحزب فؤاد بدراوي وبعض «نجوم المجتمع» مثل لاعب كرة القدم السابق الإعلامي طاهر أبو زيد والإعلامية نجوى إبراهيم إضافة إلى أعضاء الكتلة البرلمانية للوفد وقوامها خمسة نواب. أما النائب الأول للحزب العربي الناصري سامح عاشور فقال ل «الحياة» إن حزبه في طور الإعداد لقائمته النهائية، لافتاً إلى أن الحزب الناصري استقر حتى الآن على 60 إسماً، قائمة مبدئية، في حين سيعلن قائمته النهائية خلال أيام. في غضون ذلك، اتهمت منظمة العفو الدولية مصر بأنها اعتقلت عشرات الأعضاء في جماعة «الإخوان المسلمين»، بهدف «خلخلة حملتها» الانتخابية قبل الانتخابات التشريعية. لكن مصادر أمنية شددت على أن «أجهزة الأمن لا تتشدد في تعاملها مع مرشحي المعارضة». وقالت ل «الحياة»: «أي مرشح تتوافر فيه الشروط التي وضعها القانون سيتم قبول طلبه»، وأعلنت أن «عدد المقيّدين في الجداول الانتخابية بلغ 40 مليون ناخب من حقهم التصويت في انتخابات مجلس الشعب المقبل». وشددت المصادر على أن أجهزة الأمن «لن تسمح برفع المرشحين أي شعارات دينية من شأنها تكدير السلم العام وتكريس الطائفية»، كما أكدت أن واجب عناصر الشرطة «الحفاظ على كل الأطراف والقائمين على العملية الانتخابية في مراحلها كافة من دون التحيز إلى فصيل أو مرشح ضد آخر»، رافضة ما يقال عن أن أجهزة الأمن تتدخل في العملية الانتخابية وفرز الأصوات. وتواجه الانتخابات بالكثير من الانتقادات بسبب افتقار إجراءات الاقتراع لضمانات النزاهة على ما يقول معارضون، خصوصاً مع إلغاء التعديلات الدستورية التي أقرت العام 2007 الإشراف القضائي الكامل على صناديق الاقتراع، الأمر الذي دفع أحزاب الجبهة والغد والكرامة (تحت التأسيس) إلى الإعلان عن الانسحاب من سباق التنافس، في حين دعت حركة «كفاية» و «الجمعية الوطنية من أجل التغيير» التي يقودها الدكتور محمد البرادعي المصريين والمعارضة إلى عدم الاشتراك في ما اعتبرته «تمثيلية انتخابية يخرجها الوطني». من جهته، استنكر الخبير السياسي في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو هاشم ربيع ما يحدث في الشارع المصري في «غفلة عن اللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات». وقال ل «الحياة»: «نرى حدوث تحالفات ورشاوى انتخابية وترتيبات وانتشار للافتات، وكل هذا يحدث يحصل قبل أن يفتح الباب للترشح حتى الآن، وفي غفلة عن اللجنة المشرفة على الانتخابات»، معتبراً أن هذا الأمر يؤشر إلى إمكان حدوث «عمليات تزوير واسعة النطاق خلال الاقتراع»، معرباً عن تخوفه من سيطرة رأس المال على العملية الانتخابية الأمر الذي يؤدي إلى «غياب المنافسة الشريفة». كما حذر ربيع من أن يتحول يوم الاقتراع إلى «يوم دام خصوصاً مع ارتفاع العنف في المجتمع وسيطرة العشائرية والعصبيات على عملية الاقتراع، إضافة إلى الصراع الذي من الممكن أن يحدث يوم الاقتراع بين المتنافسين من الناخبين على الحصول على رشاوى انتخابية». وقال: «أخشى من سقوط ضحايا في يوم الاقتراع، ورأينا حتى الآن سقوط قتيل في اشتباكات وقعت بين متنافسين على بطاقة ترشح الحزب الوطني».