لاقى خطاب وزير الخارجية الأميركي جون كيري في شأن النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي ودور الاستيطان في تقويض حل الدولتين، ردود فعل متباينة في الوسط الأميركي كما في إسرائيل التي اختلفت في قراءته بين يمين ويسار. وفيما رحبت به مجموعات يهودية أميركية، باستثناء «لجنة العلاقات الإسرائيلية- الأميركية» (إيباك)، لاقى الخطاب تنديداً من اليمين الأميركي، وتعويلاً على نهج مختلف بعد تسلم الرئيس المنتخب دونالد ترامب الحكم خلال ثلاثة أسابيع، بحيث يحتضن سياسة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ويعاقب الأممالمتحدة. (للمزيد) ورحبت صحيفة «نيويورك تايمز» في افتتاحيتها أمس بخطاب كيري وبامتناع إدارة الرئيس باراك أوباما عن نقض قرار الأممالمتحدة الرقم 2334 اللاجم للاستيطان. وقالت إن كيري «قبل ثلاثة أسابيع من خروج أوباما، أدلى بخطاب كان يريد إلقاءه قبل عامين». ووصفته بأنه «صريح وفاعل وتفصيلي حذّر من خطورة ما يجري على حل الدولتين، وكيف يمكن إنقاذ هذا الحل قبل إحداث ضرر لا سابق له ولا عودة عنه لإسرائيل والمنطقة». وافترقت مجموعات يهودية أميركية عن خط نتانياهو، ورحبت بمضمون خطاب كيري، فيما حضر ممثلوها الخطاب في وزارة الخارجية الأميركية. وقالت مجموعة «جاي ستريت»، وهي أقرب للديموقراطيين في الولاياتالمتحدة: «نهنئ كيري على خطابه الذي استعرض بقوة الحجة وراء حل الدولتين، وذلك ليس فقط مصلحة إسرائيلية وفلسطينية بل أيضاً مصلحة قومية أميركية». وقالت «مؤسسة السلام في الشرق الأوسط» على لسان رئيسها مات داس إن «خطاب كيري يرسخ الرؤية البراغماتية وعناصرها لحل النزاع، ويؤكد أن الاحتلال الإسرائيلي، الذي يدخل عامه ال50 قريباً، يقود نحو نظام غير متساو وفاصل، وفق تعبير كيري». الا أن اللجنة اليهودية الأميركية أعطت موقفاً أكثر حذراً من الخطاب، وفيما قدّر مديرها ديفيد هاريس في بيان «جهود كيري والتزامه الطويل أمن إسرائيل، في الوقت نفسه نرى أن التطورات الأخيرة قد تبعدنا أكثر عن استئناف المفاوضات المباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين نحو حل الدولتين». ولفت إلى أنه طالما «تعتقد القيادة الفلسطينية بأنه يمكنها تدويل النزاع، فليس هناك سبب وجيه لعودتها إلى طاولة المفاوضات». ورحبت بتنديد كيري ب «الإرهاب الفلسطيني والتحريض على العنف». أما «إيباك»، فانتقدت في شكل لاذع خطاب كيري واعتبرته، «كما قرار الأممالمتحدة، غير عادل وغير متزن ويفترق عن سياسات الإدارات الديموقراطية والجمهورية لأميركا في العقود الأربعة الماضية». واعتبرت أن «كيري ألقى بملامة غير منصفة على إسرائيل وتجاهل عروض السلام الإسرائيلية في مقابل الرفض الفلسطيني لاستئناف المفاوضات المباشرة». ودعت الكونغرس وإدارة ترامب المقبلة إلى اتخاذ خطوات تصلح أضرار إدارة أوباما، خصوصاً القرار 2334 في الأممالمتحدة. وبدأت حملة من اليمين لإقناع ترامب بمعاقبة الأممالمتحدة، وكتب السفير السابق جون بولتون المرجح أن يتولى حقيبة نائب وزير الخارجية، أن على ترامب فرض عقوبات مالية على المنظمة الدولية من خلال خفض نسبة المساعدات الأميركية. وكتب في صحيفة «وول ستريت جورنال» أن ترامب يجب أن يدعو إلى جلسة لمجلس الأمن لسحب التصويت عن القرار 2334، وأن يتخذ إجراءات صارمة بحق الدول التي تمتنع عن ذلك. كما اعتبر أنه حان الوقت للتفكير بحل خارج سياق حل الدولتين، وأفكار أخرى تشمل ضم قطاع غزة إلى مصر، والضفة الغربية إلى الأردن. كما غرّد نتانياهو أمس على «تويتر» بفيديو لترامب ينتقد فيه رصيد الأممالمتحدة في التعاطي مع إسرائيل، وقال: «لا يمكن أن أقولها في شكل أفضل من ذلك». وفي إسرائيل أيضاً، تباينت ردود الفعل على خطاب كيري بين المعارضة التي حمّلت نتانياهو المسؤولية، ورأت أن «كلام كيري يصب في مصلحة إسرائيل، ويعكس قلق الولاياتالمتحدة على مستقبلها»، ويتجاوب مع القسم الأكبر من المطالب الإسرائيلية، خصوصاً يهودية الدولة، وبين اليمين الذي أعلن رفضه حل الدولتين، معوّلاً على ترامب في حماية إسرائيل. وقال وزير التعليم الإسرائيلي، زعيم «البيت اليهودي» نفتالي بينيت إنه بانتظار موعد تسلم ترامب الحكم في 20 الشهر المقبل حتى تقوم إسرائيل بضم المستوطنات إلى السيادة الإسرائيلية، وانتهاء عصر الدولة الفلسطينية. وتخشى إسرائيل من احتمال أن يتبنى مؤتمر باريس الدولي للسلام منتصف الشهر المقبل خطاب كيري، وأن تطرح دولة ما هذا الخطاب أو ملخصات المؤتمر كمشروع قرار في مجلس الأمن حيث لن يكون في وسع الولاياتالمتحدة فرض «فيتو» على برنامج طرحه وزير خارجيتها. كما تبدي إسرائيل «عدم ارتياح» من أن السويد ستصبح الشهر المقبل عضواً في مجلس الأمن.