تحاول الدول الصناعية التخفيف من شد الحبال بين الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة من ناحية والاقتصادات الناشئة، خصوصاً الصين، من ناحية أخرى حول سعر صرف العملات بعدما ارتفعت أسعار اليورو والين في أسبوعين تقريباً إلى مستويات قياسية، بينما تظل العملة الصينية منخفضة ولا تعكس في نظر الدول الصناعية نمو الاقتصاد الصيني. وقال رئيس صندوق النقد الدولي دومينيك ستروس - كان إن وصف «حرب العملات» الذي أطلقته البرازيل في نهاية أيلول (سبتمبر) «هو على الأرجح عبارة قوية جداً». وأعربت وزيرة الاقتصاد الفرنسية كريستين لاغارد، على هامش اجتماعات صندوق النقد الدولي في واشنطن، عن الأسف للحديث عن حرب في هذا المجال واعتبرتها «فكرة سيئة». ويؤثر اضطراب أسعار العملات في شكل مباشر في المناخ الاقتصادي وجهود استعادة النمو إذ يكبل ارتفاع سعر اليورو المصدرين الأوروبيين في مرحلة تتميز بتراجع القدرة الشرائية جراء زيادة الضرائب واستفحال عجز الموازنات الحكومية وارتفاع المديونيات العامة. إلا أن تخفيف التوتر لا يقلل من حجم المعركة الجارية في الخفاء بين الدول الصناعية والقوى الناشئة حول سبل تقييد فوارق أسعار الصرف. ولا تجد الولاياتالمتحدة سبيلاً لإقناع الصين بضرورة رفع قيمة اليوان سوى بالضغط عليها من خلال خفض قيمة الدولار. وأكد وزير المال الياباني يوشيهيكو نودا أن وزراء المال في دول مجموعة السبع اتفقوا خلال اجتماع في واشنطن ليل أول من أمس على أن التقلبات الجامحة لأسعار الصرف الأجنبي غير مرغوبة. وأضاف أنه كسب تفهم نظرائه في المجموعة لموقف بلاده التي تدخلت للجم صعود الين خوفاً من أن يضر ذلك بالمصدرين اليابانيين. وأبلغ صحافيين بعد الاجتماع: «لم نبحث أي شيء في شأن المستقبل لكن أعتقد أننا كسبنا تفهماً لموقفنا الأساسي». وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية أن الوزير تيموثي غايتنر ونودا سيعقدان اجتماعا ثنائياً في ساعة متقدمة أمس. وأوضحت أن الاجتماع الثنائي سُيعقد على خلفية اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن حيث تتصدر المسائل المتعلقة بأسعار العملات جدول أعمال المناقشات. وتمول الصين العجز المالي الأميركي من خلال شرائها سندات خزانة أميركية، ولذلك كلما انخفضت قيمة الدولار، تقلصت عوائد المصرف المركزي الصيني. وقد يتطور الصراع يوماً ما إلى درجة توقف معها الصين شراء سندات الخزانة الأميركية ما سيسبب أزمة مالية للولايات المتحدة. وتقل الخيارات أمام الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان، وأهمها ضخ كميات كبيرة من العملات في السوق، مثلما فعل المصرف المركزي الياباني منتصف الشهر الماضي. ولمح مجلس الاحتياط الفيديرالي الأميركي إلى إمكانية طبع أوراق جديدة من العملة الخضراء، ما سيخفض قيمتها أكثر، وهو السبيل لاحتواء انخفاض اليوان الصيني. وفي المقابل يفتقر المصرف المركزي الأوروبي إلى صلاحيات طبع الأوراق المالية لخفض قيمة اليورو لأن مهمته الرئيسة تتمثل في مكافحة التضخم والحفاظ على استقرار الأسعار.