شهدت مدينة حلب في شمال سورية قتالاً متجدداً بين القوات النظامية وميليشيات حليفة لها من جهة، وبين فصائل المعارضة من جهة أخرى، وسط استمرار محاولات الطرف الأول استعادة مناطق خسرها في غرب المدينة عندما حاول المعارضون الشهر الماضي اختراقها بهدف الوصول إلى أحيائها الشرقية وفك الحصار عنها. وفيما نقلت وكالة إنترفاكس للأنباء عن سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي قوله أمس، إن الجيش الروسي سيستمر في ترتيب عمليات وقف إطلاق النار لأغراض إنسانية في سورية، كشف يان إيغلاند مستشار الأممالمتحدة للشؤون الإنسانية، أن عمال الإغاثة في شرق حلب وزّعوا أمس آخر حصص غذائية متوافرة لديهم مع حلول شتاء يتوقع أن يكون قاسياً على ربع مليون شخص محاصر في المدينة. وقال إيغلاند في تصريحات إلى الصحافيين في جنيف: «يجري في هذا الوقت توزيع آخر الحصص الغذائية. لن يعود هناك ما يمكن توزيعه الأسبوع المقبل». وأرسلت الأممالمتحدة خطة إنسانية من أربعة أجزاء إلى كل أطراف الصراع قبل أيام وتشمل توصيل الغذاء والإمدادات الطبية وعمليات الإجلاء الطبي وتمكين العاملين في مجال الصحة من دخول المناطق المتأثرة بالصراع. وقال إيغلاند في تصريحاته في جنيف إنه يأمل في التوصل إلى اتفاق. وأضاف: «أعتقد أننا سنتمكن من تفادي جوع جماعي هذا الشتاء». وأشار إلى أن لديه انطباعاً واضحاً بأن روسيا ستواصل وقف العمليات الجوية فوق المدينة في شمال البلاد. ويعيش في الأحياء الشرقية في حلب أكثر من 250 ألف شخص تحاصرهم القوات السورية الحكومية منذ أكثر من ثلاثة أشهر. ولم تتمكن الأممالمتحدة من إدخال المساعدات منذ بداية تموز (يوليو) رغم إعلان القوات الروسية والسورية الهدنة مرات عدة لعدم حصول المنظمات الإنسانية على الضوء الأخضر من كل الأطراف، وفق ما قال إيغلاند خلال المؤتمر الصحافي. وقال «إن تداعيات عدم وصول المساعدات ستكون كارثية جداً، لدرجة انه لا يمكنني تخيل ما سيحدث»، موضحاً أن عدم السماح بدخول المساعدات يوازي «تجويع» ربع مليون شخص. وقال إن الأممالمتحدة أعلنت الأسبوع الماضي عن «مبادرة جديدة» من أربع نقاط من اجل حلب الشرقية تطلب من جميع الأطراف السماح بدخول المساعدات الطبية والإنسانية وبإخراج نحو 300 مريض وجريح والسماح للطاقم الطبي بالدخول إلى هذا الجزء من المدينة. وأضاف: «ما نحتاجه هو الضوء الأخضر من جميع الأطراف على الأرض. نحتاج إلى ضمانات أمنية»، مشيراً إلى أن عشرين شاحنة تنتظر على الحدود التركية. وقال: «إنها أسوأ أزمة إنسانية، وأزمة لاجئين ونزاع منذ جيل». وعلى سؤال حول نتائج فوز دونالد ترامب في الرئاسة، قال إيغلاند: «نحن بحاجة إلى التزام أميركي كامل وغير منقطع». ميدانياً، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن «معارك عنيفة تدور بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جانب، والفصائل المقاتلة والإسلامية وجبهة فتح الشام والحزب الإسلامي التركستاني من جانب آخر، في منطقة منيان الواقعة عند الأطراف الغربية لمدينة حلب، وتترافق الاشتباكات مع قصف عنيف ومكثف من قوات النظام على مناطق الاشتباك، واستهداف الفصائل تمركزات قوات النظام في المنطقة». وتابع أن الجيش الحكومي يحاول «استعادة السيطرة على المنطقة (منيان) بعد نحو أسبوعين على خسارته إياها» عندما شنت فصائل المعارضة هجوماً ضخماً لاختراق أحياء حلب الغربية والوصول إلى شرق المدينة المحاصر. كذلك أشار «المرصد» إلى أن مناطق خان العسل والراشدين وكفرناها بضواحي حلب الغربية وريف المدينة الغربي شهدت قصفاً صاروخياً «أحدث انفجارات عنيفة ودماراً في ممتلكات فيها، من دون معلومات عن الخسائر البشرية». في غضون ذلك، أوردت شبكة «الدرر الشامية» المعارضة، أن الفصائل تمكنت من صدّ محاولة تقدُّم للقوات النظامية في اتجاه قرية الجنابرة بريف حماة الشمالي الغربي. ونقلت عن المكتب الإعلامي لفصيل «جيش النصر» إعلانه قتل 5 عناصر وجرح آخرين لدى صدّ محاولة تقدُّم القوات الحكومية من قاعدة بريديج العسكرية في اتجاه القرية. واستعادت القوات النظامية في الأسابيع القليلة الماضية سلسلة قرى وبلدات كانت فصائل المعارضة سيطرت عليها في معركة أُطلق عليها اسم «غزوة مروان حديد». ورداً على ذلك، شكّلت فصائل عدة «غرفة عمليات مشتركة» بريف حماة الشمالي بهدف وقف تقدم الجيش الحكومي. ولفتت «الدرر» إلى أن المعركة في حماة ارتبطت «نوعاً ما» بمعركة حلب، حيث اضطرت القوات الحكومية إلى إرسال تعزيزات من حماة إلى جبهات حلب، «ما خفف الضغط العسكري شيئاً ما على الفصائل بالريف الحموي، وساهم بإيقاف حملة جيش الأسد أيضاً أن تلك الفصائل تمكنت من قطع طريق إثريا - خناصر الذي يربط بين مناطق سيطرة القوات (الحكومية) في حماة وحلب بشكل جزئي، وتمكنت من رصده نارياً» واعتراض أرتال عسكرية كانت تعبره. وفي محافظة حمص المجاورة، قال «المرصد» إن «اشتباكات متفاوتة العنف» تدور بين القوات النظامية والمسلحين الموالين لها من جهة، وتنظيم «داعش» من جهة أخرى، في محيط منطقة جب الجراح وفي محيط حقلي شاعر ومهر للنفط وللغاز وفي شرق مدينة تدمر ببادية حمص الشرقية، «حيث تحاول قوات النظام بغطاء من القصف المتجدد والمكثف، استعادة السيطرة على المناطق التي خسرتها في الأشهر الفائتة لمصلحة التنظيم». وأضاف أن القوات النظامية قصفت أيضاً قريتي الهلالية وأم شرشوح بالريف الشمالي لحمص، في حين نفذت الطائرات الحربية ضربات استهدفت مدينة الرستن. وفي محافظة ريف دمشق، نفذت طائرتان حربيتان بشكل متزامن أكثر من 10 غارات استهدفت مدينة دوما في الغوطة الشرقية، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 4 مواطنين بينهم طفل وإصابة نحو 10 أشخاص «بالتزامن مع قصف لقوات النظام على مناطق في المدينة بأربع قذائف وتنفيذ الطائرات الحربية غارتين على مدينة حرستا»، بحسب «المرصد». أما في الغوطة الغربية فقد قصفت القوات النظامية منطقة مخيم خان الشيح المحاصر، وذلك بعد يوم من شن فصائل المعارضة هجوماً على الجيش النظامي في منطقة الحضر بريف القنيطرة بهدف تخفيف الضغط عن خان الشيح. وقال الإعلام الحربي ل «حزب الله» اللبناني إن الهجوم على الحضر نُفّذ من محورين الأول من جهة التلول الحمر (من الشمال) وطرنجة (من الجنوب)، علماً أن الحضر هي المنطقة الوحيدة التي ما زالت في أيدي القوات النظامية على الحدود مع الجولان الذي تحتله إسرائيل. وزعم «حزب الله» أن عدد قتلى الفصائل المهاجمة بلغ «قرابة 25 مسلحاً» و30 جريحاً. وفي محافظة دير الزور (شرق)، قال «المرصد» إن تنظيم «داعش» استهدف بقذائف عدة تمركزات للقوات النظامية في أطراف حي الحويقة بمدينة دير الزور، قبل اندلاع اشتباكات بين الطرفين في الحي. وفي محافظة اللاذقية (غرب)، قصفت القوات النظامية مناطق في جبل التركمان وأماكن أخرى قريبة من الشريط الحدودي مع لواء إسكندرون بريف اللاذقية الشمالي، بحسب ما أورد «المرصد».