منذ سنوات ووزنها ثابت لا يتحرك فهو يدور في حدود 65 كيلوغراماً. لكنها تلاحظ منذ شهور انخفاضاً طفيفاً فيه. لم تكترث للأمر كون شهيتها على الطعام طبيعية، ولا تشكو من أي عارض يثير الشكوك. مع مرور الوقت تدهور وزنها في شكل ملموس ليصل إلى ما دون 55 كيلوغراماً، فبدأ القلق يساورها. ذهبت إلى الطبيب تستكشف سر ضياع الوزن، وبعد درس القصة المرضية وفحصها سريرياً طلب الطبيب منها أن تجري مجموعة من التحاليل الأساسية، وعندما عادت بالنتائج تبين أن المصابة تعاني من الداء السكري. نعم، إن الداء السكري قد يكون أحد الأسباب المؤدية إلى نقص الوزن، ويرجع الأمر إلى قلة افراز هرمون الأنسولين من قبل غدة البانكرياس أو حتى إلى انعدامه كلياً، الأمر الذي ينتج منه عدم دخول السكر إلى قلب الخلايا وحرمان الأخيرة منه من أجل إنتاج الطاقة، وإلى اعتماد الجسم على المواد الدهنية والبروتينية في توليد السعرات الحرارية ما يسبب نقص الوزن. ومن بين الأسباب التي تقف وراء فقدان الوزن أمراض سوء الامتصاص الهضمي التي ينتج منها فشل الجسم في امتصاص بعض العناصر الغذائية الموجودة في الأطعمة أو كلها، مثل المعادن والفيتامينات والبروتينات والسكريات والدهنيات وغيرها. وأمراض سوء الامتصاص قد تنشأ من علل تضرب البانكرياس أو الكبد أو الطرق الصفراوية أو الأمعاء. وتتميز غالبية حالات سوء الامتصاص بعطل يشمل امتصاص الدهون الأمر الذي تنتج منه الإسهالات الدهنية، لهذا يعتبر فحص البراز أساسياً في تشخيص حالات سوء الامتصاص. وفقدان الوزن يمكن أن يكون علامة أساسية لمرض يعرف بكسل المعدة، وينتج من شلل نسبي يطاول عضلات المعدة ما يسبب سوء هضم الطعام فيها، وبالتالي تأخر وصوله إلى الأمعاء الدقيقة. وكسل المعدة يمكن أن يكون مسؤولاً عن كثير من الشكاوى الهضمية بسبب بطء سير الطعام والتخمرات التي تطرأ عليه، ومن بين الشكاوى: الشعور العاجل بامتلاء المعدة، وانتفاخ البطن، وفقدان الشهية على الطعام، والإحساس بالغثيان وأحياناً التقيؤ، وحس الانزعاج في البطن. هناك بعض الأسباب المعروفة لكسل المعدة مثل الأمراض العصبية وبعض الأدوية وغيرها، ولكن غالبية حالات سوء الامتصاص سببها غير معروف. وفقدان الوزن قد يكون نذير إصابة النساء بداء الخرف (الزهايمر). وفي هذا الإطار أشار علماء أميركيون الى النساء اللواتي عانين من الداء إنما يشكين من نقص في الوزن باكراً قبل تشخيصه بحوالى 10 الى 12 سنة على الأقل. ومن المعروف أن مرض الزهايمر لا يحصل بين ليلة وضحاها، بل هناك مسار زمني طويل تتخلله سلوكيات معينة تسبق ظهور المرض بسنوات. ويجدر التنويه هنا إلى أن الزهايمر يبدأ باضطرابات طفيفة في الذاكرة لينتهي باختلالات حادة في الدماغ. وفرط افراز الغدة الدرقية متورط هو الآخر في مشكلة فقدان الوزن نظراً الى التأثيرات الواسعة للهرمونات التي تطرحها الغدة، ويحدث الفقدان في شكل سريع في غضون شهر إلى شهرين على رغم زيادة الشهية على الطعام، ونقص الوزن هنا لا يتم على حساب الكتلة الدهنية وحسب بل يشمل الكتلة العضلية، ما يفسر الوهن والضعف المرافقين لهذا المرض. وطبعاً يرافق فقدان الوزن عوارض وعلامات أخرى مثل تسرع دقات القلب، والرجفان، والعصبية، إضافة إلى طائفة من العوارض الجلدية والعينية والهضمية. وجميع الالتهابات الحادة تقريباً، مثل التهاب الحلق والتهاب الرئة والتهاب اللوزات وغيرها، تترافق مع فقدان الوزن، ولكنه فقدان موقت لا يلبث أن يختفي بمجرد تطبيق العلاج المناسب واختفاء المرض. أيضاً الالتهابات المزمنة، مثل داء السل ومرض الإيدز والتهاب الكبد المزمن وغيرها، تسبب فقدان الوزن، ويكون ضعف الشهية سمة شائعة ملازمة لهذه الأمراض. ومن بين أسباب فقدان الوزن نشير إلى: - الأورام الخبيثة، فالنقص التدريجي وغير المسيطر عليه في الوزن يمثل أحد العوارض المهمة للإصابة بالأورام الخبيثة خصوصاً في أورام القولون والكلى والرئة. - التدخين، ينخفض الوزن عادة أثناء التدخين، وبعد التوقف عنه يميل الشخص إلى اكتساب الوزن، ولكن هذا الأمر لا يحصل لجميع المدخنين. وزيادة الوزن غالباً ما تكون مبرراً للعودة إلى التدخين. - التقدم في السن، فكلما توغل الشخص في العمر تتباطأ العمليات الاستقلابية في الجسم ما يؤدي الى نقص في الوزن. - أسباب وراثية. - فقر الدم. - أمراض الجهاز الهضمي، مثل صعوبة البلع، تشمع الكبد، السرطانات في أي مكان من الأنبوب الهضمي، وداء الطفيليات. - بعض الأمراض التنفسية، مثل تناذرة انسداد القصبات المزمن، سرطان الرئة والتهاب غشاء الجنب القيحي. - أمراض الجهاز المناعي. - أمراض الجهاز البولي، مثل أمراض الكلية التي تسبب ضياع الملح، والفشل الكلوي المزمن، وسرطانات الكلية والمجاري البولية. - بعض الأمراض النفسية والعصبية مثل داء الكآبة، نقص الشهية العصبي، داء باركنسون والحرمان من النوم. - التعرض لبعض العوامل الكيماوية أو الفيزيائية. - بعض أمراض القلب، مثل قصور القلب الاحتقاني، والتهاب شغاف القلب الميكروبي (التهاب الغشاء المبطن للعضلة القلبية). - بعض أمراض الروماتيزم مثل التهاب المفاصل الرثياني. - بعض الجراحات الجراحية التي تجرى على المعدة مثل عملية قطع العصب المبهم المغذي للمعدة. في المختصر، يأتي بعض المرضى إلى العيادة وهم يشكون من نقص الوزن كعارض رئيسي وحيد، وهو (نقص الوزن) غالباً ما لا يؤخذ على نحو جدي، وفي شكل عام يمكن القول أن ضياع أكثر من 3 إلى 4 كيلوغرامات خلال 6 أشهر يعتبر أمراً مهماً يجب البحث عن أسبابه. وفقدان الوزن قد يحصل لأسباب فيزيولوجية أو لأسباب مرضية، وقد يكون مؤشراً لاضطراب صحي طفيف أو لاضطراب خطير. وفي كل الأحوال، يمكن أن يكون فقدان الوزن مقصوداً، أي بإرادة الشخص نفسه نتيجة تقنين الواردات الغذائية أو بسبب القيام بنشاط رياضي عنيف أو تناول بعض العقاقير. أو قد يكون فقدان الوزن غير مقصود إثر التعرض لمرض ما. وسواء كان فقدان الوزن مقصوداً أم لا فمن المهم معرفة أن نقص الوزن الشديد تترتب عنه مضاعفات ليست لمصلحة صاحبه. [email protected]