يشهد القطاع النفطي في سورية والعراق وإيران حركة نشطة هذه الأيام، خصوصاً بعد الإعلان عن تأسيس تعاون إستراتيجي وفني واقتصادي بين دمشق وبغداد في مجال تصدير النفط الخام العراقي عبر الأراضي السورية إلى ساحل البحر المتوسط، ونقل الغاز الإيراني عبر العراق إلى سورية ومنها إلى أوروبا. وتفيد مصادر نفطية بأن محادثات فنية ثلاثية سورية - عراقية - إيرانية تناقش نقل الغاز الإيراني والعراقي من جنوب العراق الى سورية ومنها إلى البحر المتوسط فأوروبا بدءاً باليونان وإيطاليا وقبرص. وكانت دمشق رحبت على لسان مصدر رسمي بالتوقيع الذي جرى مع وزارة النفط العراقية على نقل النفط الخام والغاز العراقيين إلى ساحل البحر المتوسط عبر الأراضي السورية، فيما أوضح الناطق باسم الحكومة العراقية علي الدباغ أول أمس «أن الجانب العراقي أعرب للجانب السوري عن رغبته في تأسيس تعاون استراتيجي وفني واقتصادي في مجال تصدير النفط الخام عندما زار وفد من وزارة النفط العراقية دمشق في حزيران (يونيو) الماضي»، لافتاً إلى أن الجانب العراقي اقترح تنفيذ المشروع بأسلوب «بناء وتشغيل ونقل ملكية» (بي أو تي). وبين الدباغ أن المشروع يتألف من خط أنابيب بطاقة 1.25 مليون برميل يومياً لنقل النفط الخام الاعتيادي وخط بطاقة 1.5 مليون برميل يومياً لنقل النفط الثقيل، وخط للغاز بطاقة مناسبة يرافق للخطين السابقين لتأمين الوقود المطلوب لتشغيل محطات الضخ على طول مسار الخطين في كلا البلدين. وأكد «أن الجانب السوري بيّن توافر مسارات للخطوط الثلاثة المقترحة من الحدود العراقية - السورية إلى الساحل السوري بموازاة الخطوط الحالية لنقل النفط الخفيف العائدة للشركة السورية لنقل النفط وإمكانية الإفادة من البنى التحتية المتوافرة حالياً على هذا المسار». وأضاف : «سيتم تشكيل فريق فني عراقي - سوري مشترك لإعداد الوثائق والدراسات التصميمية والفنية للمشروع، وأبدى الجانب السوري رغبته واستعداده للتعاون كذلك في مجالي نقل الغاز الجاف الفائض وتنمية حقول النفط والغاز في البلاد من خلال إنشاء خط أنابيب جديد بطاقة مناسبة وتقديم خدمات الحفر وإصلاح الآبار والتشغيل والصيانة والتدريب للملاكات العراقية». وكانت مصادر نفطية أكدت ل «الحياة» أن الخط الأول قديم يصل بين كركوك وبانياس ويُستخدم لنقل النفط السوري من حقول دير الزور إلى المصافي وموانئ التصدير، وأعيد تشغيله نهاية تسعينات القرن الماضي بطاقة 200 ألف برميل يومياً، إلى أن قصفته القوات الأميركية عشية غزوها العراق عام 2003. وتبلغ طاقته النظرية نحو 1.2 مليون برميل يومياً. وشددت المصادر على أن الخط قادر على تزويد محطات الضخ بنحو 300 ألف برميل يومياً من دون تعديلات أو تحسينات، في حال جُهز القسم العراقي وطوله نحو 80 كيلومتراً ويمتد من كركوك إلى حديثة ومنها إلى الحدود السورية. وأشارت إلى أن الخط الثاني، الجديد في موازاة الخطوط الموجودة بطول 1350 كيلومتراً، يكلّف أربعة بلايين يورو، وينقل لدى إنجازه مليوني برميل يومياً من جنوب العراق إلى حديثة ومن ثم إلى مدينة بانياس السورية لتصديره. وبحث الرئيس بشار الأسد مع نظيره الإيراني محمود احمدي نجاد لدى زيارة الأخير دمشق قبل يومين «ما توصلت إليه اللجان المشتركة بين البلدين وضرورة رفع مستوى التعاون الاقتصادي والتنموي بخاصة في المواضيع ذات الطابع الاستراتيجي كالنفط والغاز والسكك الحديد». وكان وزير النفط العراقي حسين الشهرستاني أكد موافقة بلاده على مرور الغاز الإيراني عبر الأراضي العراقية إلى سورية. وترتكز الفكرة على إنشاء خط غاز بقطر لا يقل عن 56 إنشاً ينقل أكثر من مئة مليون متر مكعب يومياً. كما تُبذل جهود لربط حقل عكاس العراقي، الذي يراوح الاحتياط فيه بين 150 و200 بليون متر مكعب ويبعد 40 كيلومتراً عن الحدود المشتركة، بشبكة الغاز السورية. وبحث وزير النفط السوري سفيان علو الذي يزور الصين حالياً مع مسؤولي شركات نفط صينية، خصوصاً «شركة الصين الوطنية للنفط» (سي إن بي سي) و«سينوبيك» و«سينوكيم»، آفاق التعاون بين وزارته وهذه الشركات في ما يتعلق بالمشاركة في طلب العروض المغلقة للتنقيب والاستكشاف في البلوكات الثمانية المعلن عنها من قبل وزارة النفط السورية وأيضاً التنقيب والاستكشاف في البحر وإنشاء مصفاة لتكرير النفط في سورية. ويُتوقع أن تساهم المصفاة التي ستبلغ طاقتها نحو 70 ألف برميل يومياً وكان مقرراً تشييدها عام 2008 في معالجة النفط والغاز من العراق عبر سورية.