تواصلت التحركات الفلسطينية الرافضة للمفاوضات المباشرة في واشنطن، وتظاهر في رام الله أمس المئات من أنصار المعارضة اليسارية والمستقلين مطالبين الرئيس الفلسطيني بالتراجع عن المشاركة في هذه المفاوضات، كما عقد في غزة «المؤتمر الوطني للحفاظ على الثوابت» عرضت خلاله حركة «حماس» مسودة «ميثاق وطني» فلسطيني جديد يقوم على أنقاض «الميثاق الوطني الفلسطيني» الذي وضعته منظمة التحرير قبل أكثر من 40 عاماً. وشاركت في تظاهرة رام الله قيادات وأنصار لأربعة قوى في منظمة التحرير هي «الجبهة الشعبية» و «الجبهة الديموقراطية» و «حزب الشعب» و «المبادرة الوطنية» وشخصيات مستقلة مثل رجل الأعمال منيب المصري والناشط الحقوقي ممدوح العكر والأكاديمي مهدي عبد الهادي والسياسي المستقل هاني المصري الذي تلا بياناً قال فيه «إننا نعتصم اليوم تلبية للدعوة التي وجهتها لجنة المتابعة وذلك استمراراً لسلسلة التحركات الشعبية الرامية الى التعبير عن موقف وقطاعات شعبية واسعة رافضة للمفاوضات المباشرة وفق الشروط الأميركية والإسرائيلية وللعدوان الصارخ على الحريات العامة». وقال بسام الصالحي الأمين العام لحزب الشعب في كلمة في التظاهرة إن على الوفد الفلسطيني العودة فوراً وعدم التفاوض قبل وقف الاستيطان، فيما طالب عبد الرحيم ملوح نائب الأمين العام للجبهة الشعبية حركة «فتح» بشراكة حقيقية في منظمة التحرير معتبراً المفاوضات «عبثية». ودعا رجل الأعمال منيب المصري الى الحفاظ على التراث النضالي للزعيم الراحل ياسر عرفات. وحمل المتحدثون بشدة على أجهزة الأمن الفلسطينية على خلفية تدخلها لإفشال مؤتمر دعت له القوى والشخصيات المعارضة للمفاوضات الأسبوع الماضي. وقال قيس عبد الكريم عضو المكتب السياسي للجبهة الديموقراطية إن هذه الإجراءات «لن تفت من عضضنا، ولن تثنينا عن مواصلة التعبير عن مواقفنا الرافضة للمفاوضات في ظل الاستيطان». وطالب النائب مصطفى البرغوثي قيادة حركة «فتح» «الاستماع الى صوت الشارع المعارض للمفاوضات في ظل الاستيطان». وفي غزة عرض عضو المكتب السياسي في حركة «حماس» محمود الزهار خلال «المؤتمر الوطني للحفاظ على الثوابت» مسودة «ميثاق وطني» فلسطيني جديد ودعا إلى مناقشة «المبادئ» الواردة في هذه المسودة، وهي عبارة عن 25 مادة قال إنها «ليست من اختراعنا، ولم نبتدعها، ولم نأت بجديد، لكننا استعنا بما جاء في الميثاق القومي الفلسطيني، وبنود ميثاق منظمة التحرير قبل إلغائها (عام 1996)، فانتقينا المبادئ وابتعدنا عن الآليات، وتجاوزنا عما تجاوز عنه الزمن من شعارات سقطت على أرض الحقيقة في المعارك العسكرية والسياسية الفاشلة». وحددت المادة 15 حدود فلسطين فاعتبرتها «الأرض التي وقعت تحت الاحتلال البريطاني لفلسطين عام 1920، وهي وحدة إقليمية واحدة، هي الأرض التي بارك الله حولها، وهي المساحة الواقعة بين البحر المتوسط غرباً ونهر الأردن شرقاً وسورية ولبنان شمالاً وسيناء جنوباً». وشارك في المؤتمر الذي جاء رداً على إطلاق المفاوضات المباشرة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل في واشنطن اليوم، ممثلون عن «حركة الجهاد الإسلامي» وعدد من فصائل منظمة التحرير، بينها «القيادة العامة» و «الصاعقة» و «جبهة النضال الشعبي»، فيما غابت الجبهتان الشعبية والديموقراطية اللتان تعارضان هذه المفاوضات. وفي أعقاب المؤتمر، قال الزهار للصحافيين إن «المفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي تعتبر آلية أثبتت فشلها خلال السنوات الماضية بسبب عدم تحقيقها أي نتائج تخدم القضية... وفي القريب العاجل سيخرج علينا المفاوض الفلسطيني يؤكد عدم قدرته على تحقيق أي تقدم». وأشار إلى أن «الشعب الفلسطيني استطاع أن يعبر عن رفضه للمفاوضات مع الاحتلال من خلال مقاومته التي نفذت عملية الخليل عشية انطلاقها». وشدد على أن «المقاومة حق شرعي للدفاع عن الحقوق». وأكد أن «برنامج المقاومة لم يتوقف في يوم من الأيام كوسيلة أساسية في الدفاع عن الأرض والمقدسات». ورأى أن عملية الخليل «تعبر عن فشل سياسة التنسيق الأمني التي تتعامل بها الضفة الغربية في ملاحقة المقاومة الفلسطينية هناك». وقال عضو المكتب السياسي لحركة «الجهاد» نائب رئيس المؤتمر الدكتور محمد الهندي إن «المفاوض الفلسطيني وضع نفسه في موقف حرج جراء استجابته للضغوط الأميركية والدخول في المفاوضات المباشرة في ظل عدم وجود ضمانات لنجاحها». وتوقع ألا تخرج المفاوضات المباشرة بنتائج، مشيراً إلى أن «الاحتلال سيستغلها لفرض مزيد من الوقائع على الأرض من خلال الاستيطان والتهويد». وسبق عقد المؤتمر، تنظيم اعتصام معارض للمفاوضات المباشرة شارك فيه ممثلون عن الجبهتين الشعبية والديموقراطية وحزب الشعب وعدد من المؤسسات والشخصيات. وردد المشاركون في الاعتصام الذي نُظم في حديقة الجندي المجهول غرب مدينة غزة ودعت إليه «شبكة المنظمات الأهلية» وفصائل، هتافات تعبر عن رفضهم المفاوضات المباشرة باعتبارها «خطراً على القضية والشعب الفلسطيني».