أتاح الاقتراع السري في البرلمان العراقي الفرصة أمام الكتل المؤيدة لوزير الدفاع خالد العبيدي التراجع عن موقفها فتأمن النصاب وسحبت الثقة منه، بالتزامن مع إعلان الجيش تحرير ناحية القيارة، وجزيرة الخالدية، وأقر البرلمان قانون العفو العام، وتبعه استجواب وزير المال هوشيار زيباري. من جهة أخرى، دعا زعيم «القاعدة» أيمن الظواهري في تسجيل مصور بثته أمس مواقع مقربة من التنظيم، السنة في العراق الى «تنظيم أنفسهم في حرب عصابات طويلة الأمد إذا هزم داعش». وقال «على أهل السنة ألا يستسلموا لمجرد سقوط المدن في يد الجيش الصفوي الشيعي». وأضاف «بل عليهم أن يعيدوا تنظيم أنفسهم ليهزموا الاحتلال الصفوي الصليبي الجديد لمناطقهم كما هزموه من قبل». وجاءت دعوة الظواهري في وقت استعادت القوات العراقية ناحية «القيارة» لتقطع بذلك معظم خطوط الإمداد والتنقل بين الموصل والشرقاط والحويجة، وهي من المعاقل الأساسية الأخيرة للتنظيم. وفي تصويت البرلمان أمس على إقالة العبيدي تصبح أهم وزارتين امنيتين (الداخلية والدفاع) شاغرتين ستداران بالوكالة اذا فشل رئيس الحكومة حيدر العبادي في تعيين وزيرين متفق عليهما. وليست المرة الأولى التي تشغر فيها المناصب الأمنية، ففي عهد رئيس الحكومة السابق نوري المالكي أديرت الوزارتان، بالإضافة إلى مواقع حساسة، بالوكالة ولم تنجح القوى في الاتفاق على من يتولاهما. وفي خضم نشاط نيابي غير مسبوق أقر البرلمان أمس قانون العفو العام الذي أثار الكثير من الجدل، ونشرت النسخة التي تم اقرارها وهي تسمح بإعادة محاكمة مدانين بالإرهاب، شرط موافقة لجنة ثلاثية تشكل لهذا الغرض. وقال رئيس البرلمان سليم الجبوري، في بيان مقتضب «نزف إلى شعب العراقي نبأ إقرار قانون العفو العام». وكان العبادي أبدى أول من أمس تأييده القانون. وتشير التقديرات الأولية شبه الرسمية إلى أن العفو سيشمل 22 ألف سجين وحوالى 12 ألف فار، وما يقرب من 75 ألفاً من عناصر الجيش والشرطة الذين هربوا من وظائفهم. إلى ذلك، استجوب البرلمان زيباري بناء على طلب من النائب هيثم الجبوري، على خلفية شبهات فساد. وقبل استجوابه، امتدح رئيس البرلمان «التاريخ المهني للوزير». أمنياً، تمكنت القوات العراقية من إحكام سيطرتها على ناحية القيارة، فيما أكد مصدر عشائري في الأنبار حسم المعارك في جزيرة الخالدية، وقال «لم يبق أمامنا سوى التطهير». ورحب رئيس الوزراء بهذا التقدم، معتبراً أنه «خطوة مهمة لاستعادة الموصل». وقال في بيان نقله مكتبه الإعلامي: «حققت قواتنا البطلة اليوم نصراً كبيراً وخطوة مهمة على طريق تحرير الموصل وألحقت هزيمة منكرة بعصابة داعش الإرهابية». وأضاف: «بهذا الإنجاز والنصر الباهر، أتقدم بالتهنئة إلى أبناء شعبنا العراقي الكريم بتحرير ناحية القيارة الإستراتيجية والمناطق المحيطة بها». وأعتبر ان ذلك «يعني تقريب المسافة نحو الهدف الكبير المتمثل باستعادة محافظة نينوى وإنقاذ أهلها من جور وظلم العصابات الظلامية وإعادتها الى حضن الوطن». وخاضت القوات العراقية، بالتعاون مع طيران التحالف الدولي، معارك ضارية على مدى ثلاثة أيام، لتحرير الناحية، وأفادت قيادة العمليات في نينوى «أن القوات نجحت خلال اليومين الماضيين في تحقيق انتصارات كبيرة تمثلت في تحرير مصفاة النفط والمجمع الحكومي ومستشفى المدينة، ورفع العلم الوطني فوقها، وهي تتعامل بحذر خلال تقدمها لتحرير الأحياء السكنية، بسبب العوائق التي وضعها التنظيم، مثل العبوات الناسفة والألغام والسيارات المفخخة، وتفخيخ المنازل، في ظل وجود نحو عشرة آلاف مدني»، وأشارت إلى أن «سحب الدخان تغطي السماء لأن عناصر داعش أحرقوا آبار النفط». وقال مصدر آخر ان «الجيش سيطر في شكل كامل على مركز الناحية، إثر فرار من تبقى من مسلحي التنظيم».