بعناية بالغة، تربط سهام سعود رباط حذائها، بعد ان ارتدت زيها الرياضي، ولكنها أخفته خلف عباءتها السوداء، في انتظار ان يكمل زوجها استعداداته هو الآخر لساعة الرياضة اليومية، التي يؤديها الزوجان سوياً، ليس في صالة رياضية، ولكن حول جبل المريكبات جنوب مدينة الدمام. اعتاد أهالي الدمام تسمية التلة الواقعة جنوب مدينة العمال في مدينتهم، ب «الجبل»، على رغم أنه لا يعدو ان يكون كتلة صخرية، قسمها شارع الأمير محمد بن فهد، إلى قسمين. وقامت أمانة المنطقة الشرقية أخيراً، بتنفيذ متنزه في الجزء الغربي منه، وأنشأت حوله مضمار مشي، استقطب منذ أشهر هواة ممارسة رياضة المشي، وبخاصة من النساء. لم تكن قدرة سهام وزوجها أحمد، في مشوار المشي حين بدأ ممارسته قبل نحو ثلاثة أشهر، تتجاوز نصف دورة حول «جبل المريكبات»، ولكنهما اليوم يلفان حوله ثلاث مرات، ويخططان ان يصلا إلى الرابعة بحول نهاية هذا الشهر، أي أنهما سيقطعان نحو ثمانية كيلومترات، فمحيط المتنزه يبلغ كيلومترين. وتقول سهام: «في البدء كنت أسعى إلى تخفيف وزني، الذي كان زائداً نسبياً، أما زوجي فكان يسعى إلى الحفاظ على نسبة السكر في دمه، والذي بدأ في الارتفاع، فقررنا ممارسة رياضة المشي، والتي تناسب كلانا». ولكن الأمر لم يعد مُقتصراً على تخفيف الوزن أو الحفاظ على نسبة السكر، بل أصبح «متعة وضرورة لكلينا، فلا يمكن ان ننام دون ان نمشي ساعة. فيما نخطط لزيادة الوقت المخصص للرياضة، وربما نصل إلى ساعتين». وعلى غرار سهام وأحمد، يؤم مضمار المشي حول متنزه المريكبات، عشرات الأزواج يومياً، وبخاصة بعد صلاة العشاء وحتى العاشرة مساءً، بعضهم لممارسة الرياضة، وآخرون لأن زوجاتهم في الأشهر الأخيرة من الحمل، فيلجئن إلى المشي، الذي يساعد على تسهيل ولادتهن، إضافة إلى نساء من محبي ممارسة رياضة المشي. وعلى رغم ان كورنيش الدمام مهيأ لممارسة هذه الرياضة، لكنه بعيد نسبياً على سكان أحياء جنوبالدمام، إضافة إلى أنه يعج بالمتنزهين، وبخاصة في عطلة نهاية الأسبوع، بخلاف مضمار المريكبات، الذي لا يرتاده سوى المشاة. وفيما هي تكمل دورتها الثانية حول المتنزه، تستذكر مروة محمد، تجربة مشي مشابهة، عاشتها في مدينة الرياض. وتقول: «كنت أعيش وزوجي في الرياض، وحين كنت حاملاً بطفلتي الثانية، نصحني الطبيب بممارسة المشي، فكنت أمشي نصف ساعة يومياً في شارع الملك عبدالله بن عبد العزيز، أو ما يعرف هناك ب«شارع الحوامل». ولكنها تشير إلى الفرق بين التجربتين «هناك لم تكن النساء يستطعن ممارسة المشي دون رفقة رجل، بسبب إزعاج الشبان المتسكعين. أما هنا، فأستطيع المشي حتى بعد حلول الظلام بمفردي، على رغم وجود شبان في محيط المكان، ولكن الوضع يدعو إلى الاطمئنان، بسبب طبيعة سكان الأحياء المحيطة بالمتنزه، ولوجود رجال آخرين برفقة زوجاتهم». وتترك مروة طفلتيها برفقة عاملتها المنزلية، يلهوان في الألعاب الموجودة داخل المتنزه، فيما هي تمارس المشي خارجه، وحين ينتهين، يقلهن السائق إلى منزلهن في حي الجامعيين. ولا يقتصر المشي على السيدات، فللفتيات حضور لافت في المضمار، إحداهن سهير الهلال، التي تأتي يومياً إلى المريكبات برفقة زميلتيها في جامعة الملك فيصل، لممارسة المشي. وتقول منى: «العقل السليم في الجسم السليم»، هكذا يقول العرب، وهي مقولة صحيحة مئة في المئة، وقد توصلت إلى ذلك بعد أربعة أشهر من المشي اليومي في هذا المضمار برفقة زميلتيّ». لا يبعد المتنزه عن منزل سهير، سوى 250 متراً، فتذهب إليه مشياً، فيما تستخدم صديقتاها السيارة، لأنهما يسكنان في أحياء بعيدة. وتقول صديقتها هدى: «هنا اكتشفت متعة المشي، الذي يساعد على صفاء الذهن وانشراح النفس، فضلاً عن فوائده على الجسم والتخلص من الوزن الزائد، والمحافظة على الرشاقة». وكانت أمانة الشرقية نفذت مشروع «متنزه المريكبات» على مرحلتين، وتبلغ كلفة المرحلة الأولى مليون ريال. وروعي في تصميم المشروع المحافظة على الأهمية التاريخية والبيئية التي يمثلها جبل المريكبات، مع إبقائه على وضعه الطبيعي من دون تغيير. ويحتوي المتنزه على مضمار مشي حول الجبل بطول كيلومترين، وتتخلله مشايات داخل الجبل بطول كيلومترين ونصف الكيلومتر، إضافة إلى عناصر ومكونات المنتزه من أشجار وشجيرات ملائمة لظروف الموقع ومسطحات خضراء في الأماكن المنخفضة، وكراسي للجلوس، ومظلات وملاعب للأطفال، وشبكة ري مُبرمجة أوتوماتيكياً ومرتبطة في بئر ارتوازية.