دعت الأممالمتحدة الى هدنة إنسانية في مدينة حلب السورية، مبدية خشيتها على مصير المدنيين المعرضين للحصار، في وقت يستعد كل من الجيش النظامي والفصائل المعارضة والاسلامية لحسم المعركة لمصلحته وسط استمرار القصف العنيف من الطيران السوري على المدينة، في وقت شنت القوات النظامية قصفاً على غوطة دمشق وريف حمص. ودارت اشتباكات عنيفة الثلثاء عند أطراف مدينة حلب الجنوبية الغربية بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة والفصائل المقاتلة من جهة ثانية. ويأتي ذلك بعد أيام قليلة على نجاح الأخيرة في فك الحصار عن أحياء حلب الشرقية وقطع آخر طريق إمداد الى الأحياء الغربية. وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»: «تعرضت مناطق في الراشدين غرب حلب، لقصف مكثف من قبل قوات النظام ونفذت طائرات حربية المزيد من الغارات على مناطق في الأطراف الجنوبية والجنوبية الغربية والغربية من مدينة حلب ومناطق أخرى في بلدة كفرحمرة وضهرة عبد ربه شمال حلب وشمال غربها، بالتزامن مع اشتباكات بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وغير سورية من جهة، والفصائل المقاتلة والإسلامية من جهة أخرى»، في وقت «ارتفع إلى 9 على الأقل عدد الشهداء الذين قضوا جراء قصف طائرات حربية لمناطق في أحياء الصاخور وكرم النزهة وتل الزرازير ومناطق أخرى في أحياء حلب الشرقية». وأثارت التطورات الأخيرة في حلب الخشية على حوالى 1,5 مليون شخص في المدينة. ويقدر «المرصد السوري» وخبراء عدد سكان الأحياء الشرقية ب250 الف شخص مقابل مليون و200 الف نسمة في الأحياء الغربية. وبعد إبداء خشيتها على مصير سكان حلب نتيجة القصف والمعارك، أكدت الأممالمتحدة في بيان انها «مستعدة لمساعدة المدنيين في حلب، المدينة التي توحدها المعاناة». وطالب منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في سورية يعقوب الحلو والمنسق الاقليمي كيفن كينيدي: «في الحد الأدنى بوقف تام لإطلاق النار أو بهدنة إنسانية أسبوعية من 48 ساعة للوصول الى الملايين من الناس الذين هم بأمس الحاجة في كل أرجاء حلب وإعادة تموين مخزونهم من الطعام والأدوية الذي تدنى الى مستوى الخطر». وتشهد مدينة حلب منذ العام 2012 معارك بين قوات النظام في الأحياء الغربية وفصائل المعارضة في الجهة الشرقية. واشتد القتال والقصف في الأسابيع الأخيرة مع مشاركة فصائل معارضة في المعارك ويسعى كل من الطرفين لحسم المعركة. وفي 17 تموز (يوليو)، تمكنت قوات النظام من فرض حصار كامل على الأحياء الشرقية، بعدما سيطرت على طريق الكاستيلو آخر منفذ اليها. وكان السكان أول المتضررين، فارتفعت أسعار المواد الغذائية قبل ان تبدأ بالاختفاء من الأسواق. ومنذ 31 تموز، أطلقت الفصائل المقاتلة والجهادية سلسلة هجمات بهدف فك الحصار، ونجحت في مسعاها في السادس من آب (اغسطس) وتمكنت ايضاً من قطع طريق الراموسة، آخر طريق إمداد الى الأحياء الغربية لتصبح هذه بدورها بحكم المحاصرة. وبرغم تمكن كل طرف من استخدام الطريقين اللذين باتا يسيطران عليهما لإدخال الماء والمؤن ومستلزمات اخرى الى الأحياء الواقعة تحت سيطرته، فإن المدنيين لا يزالون غير قادرين على استخدامهما لخطورتهما. وألحقت أعمال العنف، وفق الأممالمتحدة، أضراراً بالمستشفيات والعيادات وشبكتي المياه والكهرباء في المدينة. وأكدت الاممالمتحدة في بيانها أن «تكتيك الحصار يشكل جريمة حرب عندما يستخدم عمداً لحرمان السكان من الطعام والمواد الأخرى الأساسية لبقائهم». وقال أحمد ان «التوتر هو سيد الموقف» في الأحياء الغربية، مشيرًا الى أن «محطات البنزين مغلقة والمواد الغذائية قليلة». وأضاف: «هناك أنباء عن حشد الجيش لقوات على جبهة الراموسة وكأنما يتم التحضير لعملية ما». واستقدمت كل من قوات النظام والفصائل المقاتلة والمعارضة خلال اليومين الماضيين تعزيزات تضم المئات من المقاتلين مع عتادهم، الى مدينة حلب وريفها. ويدعم قوات النظام مقاتلون سوريون وعراقيون وايرانيون ومن «حزب الله» اللبناني. ودارت معارك عنيفة الثلثاء عند أطراف المدينة الجنوبية، من دون أن يحقق أي من الطرفين خرقاً جديداً، وفق ما أكد «المرصد». واستهدفت قوات النظام، وفق قوله، المواقع التي سيطرت عليها الفصائل خلال الايام الماضية وتحديداً الراموسة والكليات العسكرية، كما تعرضت الأحياء الشرقية لقصف عنيف من قبل الطيران الحربي، ما أسفر عن مقتل «ثلاثة مدنيين». وأفاد مصدر أمني لوكالة فرانس برس: «الجيش يتابع استهدافه للمجموعات الإرهابية في مناطق تواجدها في الكليات وجنوب غرب حلب، حيث تمكن من حشرهم في جيوب نارية في منطقة العمليات». ورأى الخبير في الشؤون السورية في معهد الشرق الاوسط للدراسات تشارلز ليستر ان «المعركة من اجل حلب هي الأكثر رمزية واستراتيجية من أي معركة أخرى في سورية». وأضاف: «بالرغم من ان سيطرة المعارضة على كامل المدينة غير مرجحة، فإن تمكنها من فك الحصار بعث برسالة قوية حول قدرة المعارضة على التحمل». وبعد التقدم الذي حققته، أعلنت الفصائل المعارضة والمقاتلة مساء الأحد إطلاق معركة للسيطرة على كامل مدينة حلب. إلا أن ياسر عبدالرحيم، القيادي في «عملية فتح حلب»، أكد لفرانس برس أن «المعركة الكبيرة لم تبدأ بعد»، مضيفاً: «نحن ننتظر المزيد من التعزيزات قبل البدء». في وسط البلاد، قال «المرصد: «نفذت طائرات حربية عدة غارات على مناطق في محيط مدينة القريتين، بريف حمص الجنوبي الشرقي، ومناطق أخرى في محيط حقل شاعر وعنق الهوى والشنداخيات وجب الجراح وام صهيريج وسط اشتباكات بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، وتنظيم داعش من جهة أخرى، في محيط منطقة الصوامع بريف حمص الشرقي، في وقت قصفت قوات النظام مناطق في مدينة تلبيسة بريف حمص الشمالي». في الجنوب، قال «المرصد» ان القوات النظامية قصفت «مناطق في درعا البلد بمدينة درعا، في حين تعرضت مناطق في اللواء 52 ومحيطه المسيطر عليه من قبل الفصائل الإسلامية والمقاتلة ومناطق أخرى في الطريق الواصل بين بلدتي رخم والكرك الشرقي في ريف درعا الشرقي، لقصف من قبل قوات النظام». وأشار الى انه «ارتفع إلى 32 على الأقل عدد البراميل المتفجرة التي ألقتها طائرات مروحية على مناطق في مدينة داريا بالغوطة الغربية، ترافق مع سقوط صاروخين يعتقد أنهما من نوع أرض- أرض وقصف مكثف من قبل قوات النظام على مناطق في المدينة، وسط اشتباكات متفاوتة العنف، بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، والفصائل الاسلامية والمقاتلة من جهة أخرى، في محيط المدينة، حيث قضى مقاتل من الفصائل الإسلامية في هذه الاشتباكات». كما «قصفت قوات النظام مناطق في مدينة دوما بالغوطة الشرقية ونفذت طائرات حربية ما لا يقل عن 6 غارات على مناطق في بلدات النشابية وحوش الصالحين وأماكن أخرى في منطقة المرج بالغوطة الشرقية، وسط اشتباكات عنيفة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، والفصائل الإسلامية من جهة أخرى في محيط حوش نصري بالغوطة الشرقية، وسط تقدم لقوات النظام في حوش نصري».