أثار القرار الفرنسي الأخير بحظر النقاب، جدلاً فقهياً واسعاً في الشارع السعودي حول جواز كشف الوجه في حالة السفر للسياحة أو الدراسة، فيما قال الداعية السعودي الشيخ الدكتور عائض القرني إنه «يرى في حال طبق الحظر على نقاب المسلمة هناك، وحدثت إثر ذلك ردة فعل أو آثار سلبية أو مضايقات، فإن من الأحسن أن تكشف المرأة المسلمة وجهها»، مؤكداً في اتصال هاتفي ل «الحياة» «أن هذا القول جاء به كثير من الفقهاء من أحناف وشافعية ومالكية». وأدى إقرار فرنسا قانون حظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة إلى تغيير وجهة كثير من العائلات السعودية المحافظة إلى بلدان أخرى. فيما شهدت دول أوروبية ارتفاعاً ملحوظاً في معدلات سفر السعوديين، وجاءت في مقدمها بريطانيا والنمسا. وطالب الشيخ القرني الحكومة الفرنسية بمراجعة قرارها، «ليس من المنطق والمعقول، وللحقيقة والتاريخ أن حكومة فرنسا تقدم على هذا العمل، وقد أنكر هذا العمل أناس محايدون غير مسلمين، لأن الدولة العلمانية تنص على حرية الأديان، ومن المفترض أن تحترم الشعائر الخاصة بالأديان بما فيهم المسلمات». وقال: «أما بالنسبة للسائحين السعوديين الذي يواجهون بهذا القرار، فهناك فسحة في الشريعة الإسلامية، فالله يقول لنا، «فاتقوا الله ما استطعتم»، فلا يجب علينا أن نجابه الناس في بلادهم أو في غير بلادهم، أو أن نحمل أنفسنا على المشقة». مضيفاً «أجرها إن شاء الله ثابت، لأن آثاره السلبية تنعكس عليها وعلى زوجها، فالواجب أن يكون عندنا مرونة في اخذ هذا القرار والتعامل معه، لان في الدين مسايرة للزمان والمكان والأمور الطارئة». وبيّن الشيخ القرني أن إحدى المنتقبات اتصلت به من فرنسا فأورد لها الفتوى ذاتها، مضيفاً : «حتى السائح عليه أن يأخذ بهذه الرخصة في كشف الوجه، وهذه الفتوى موجودة وعمل بها، بل أن الشيخ المحدث الألباني له كتاب يرجح فيه القول ذاته». من جهته، قال رئيس مجلس إدارة مجموعة الطيار للسفر والسياحة ناصر الطيار ل«الحياة» ان «هناك عزوفاً كبيراً تجاه قضاء الصيف في فرنسا، وبخاصة من جانب الأسر المحافظة، منتقلين إلى بريطانيا والنمسا التي شهدتا إقبالاً كبيراً هذا العام بما نسبته 120 في المئة»، مرجعاً ذلك إلى التسهيلات المقدمة من السفارة البريطانية للحصول على التأشيرة، كونها ليست عضواً في الاتحاد النقدي الأوروبي مع انخفاض في سعر الجنيه الإسترليني. ولاحظ الطيار أن هناك خلطاً لدى السعوديين في تحديد ما هو ممنوع «أيقصد به النقاب أم الحجاب، والسائح يبحث عن المتعة لذا يفضل عدم الذهاب حفاظاً على راحة باله». وجاء ذلك متزامناً مع إعلان سابق ل «الحكومة الفرنسية» أنها ستطبق حظراً مقترحاً على ارتداء النقاب على السائحات مثل المقيمات، رغم تزايد الشكوك حول مشروعية الحظر. وفي تقرير نشرته «رويترز» قالت وزيرة الدولة لشؤون الأسرة نادين مورانو: «انه سيكون لزاماً على القادمات لزيارة فرنسا احترام القانون وكشف وجوههن». وقالت مورانو في تصريحات لإذاعة فرانس انفو «عندما تصل إلى دولة ينبغي أن تحترم قوانين تلك الدولة، إذا ذهبت (أنا) إلى دول معينة فإنني أضطر أيضاً إلى احترم القانون». فيما عبّر مراقب الدولة الفرنسي جان بول ديليفو عن قلقه من أن يؤدي القانون إلى مواقف صعبة. وتقول الحكومة ان النساء اللائي يرتدين النقاب لن يضطررن إلى خلعه في الشارع، ولكن سيطلب منهن الإعلان عن أسمائهن وعناوين إقاماتهن، لإرسال تحذير لهن مع فرض الغرامة المقررة. وذكر الطيار أن أوروبا شهدت خلال العامين الماضيين انخفاضاً حاداً في إقبال المسافرين السعوديين، لأمرين الأول بسبب «أنفلونزا الخنازير»، والثاني بسبب الأزمة المالية العالمية.