بدأ قادة دول الحلف الأطلسي في وارسو أمس، قمة مفصلية ستُقرّ تدابير طموحة للتصدي لأخطار تهدد أمنها في عالم «متغيّر»، بما في ذلك «عدوانية» روسيا شرق القارة والتطرف الديني الذي يلفح بلداناً «شريكة» في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وكرر الحلف أنه «لا يسعى إلى مواجهة» مع موسكو، وحرص على اتخاذ إجراءات تطمئن بولندا ودول البلطيق الخائفة من تمدّد أذرع الكرملين، بما في ذلك نشر وحدات عسكرية. كما سعت بريطانيا إلى تبديد شكوك في شأن دورها في «الأطلسي» بعد خروجها المرتقب من الاتحاد الأوروبي. وكان لافتاً توقيع قادة الحلف ودول الاتحاد «اتفاقاً تاريخياً» يعزّز تعاونها الدفاعي لمواجهة تحديات مشتركة. واستهلّ «الأطلسي» القمة، التي اعتبرها بعضهم الأكثر أهمية منذ تأسيس الحلف عام 1949، بتسلّم دوله قيادة درع صاروخية نشرتها الولاياتالمتحدة في أوروبا بعدما نالت فرنسا تأكيدات بأن الدرع لن تكون تحت سيطرة أميركية مباشرة، ما قد يبدّد مخاوف روسيا، التي ترى في الدرع تهديداً لأمنها ومسّاً بمصالحها. وأشار مسؤول في الحلف إلى «اتفاق القادة على تشغيل مبدئي» للدرع، وزاد: «هذا يعني أن السفن الأميركية المتمركزة في إسبانيا وراداراً في تركيا وقاعدة للدفاع الصاروخي في رومانيا، يمكنها أن تعمل معاً تحت قيادة الأطلسي». في السياق ذاته، سيأمر قادة الدول ال28 في الحلف رسمياً بنشر 4 كتائب تضمّ بين 3 و4 آلاف عسكري، في بولندا ودول البلطيق (إستونيا ولاتفيا وليتوانيا) لطمأنتها إلى استعداده للدفاع عنها ضد أي هجوم تشنّه روسيا، بعد ضمّها شبه جزيرة القرم الأوكرانية وتدخلها عسكرياً لدعم الانفصاليين في شرق أوكرانيا. وأعلن الرئيس باراك أوباما نشر ألف جندي أميركي ولواء منفصل في بولندا. وأضاف بعد لقائه نظيره البولندي أندري دودا، أن «بولندا ستشهد زيادة في عدد قوات الأطلسي والقوات الأميركية وأحدث المعدات العسكرية». أما الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ، فنبّه إلى أن «الأطلسي» يواجه «تحديات متغيّرة ومتطورة»، لافتاً إلى أن القرارات التي ستُتخذ خلال القمة «ستعيد تشكيل الحلف لسنوات». وكرّر أن «الأطلسي لا يسعى إلى مواجهة، لا نريد حرباً باردة جديدة. سنواصل السعي الى حوار بنّاء وجدي مع روسيا». وشدد على أن حفظ «أمن» دول الحلف يتطلّب أيضاً «مساعدة شركائنا ليصبحوا أقوى»، في إشارة إلى بلدان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يجتاحها العنف. واعتبرت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل أن سلوك روسيا في أوكرانيا قوّض «الثقة» المتبادلة مع الغرب. لكن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند لفت إلى أن موسكو ليست «خصماً ولا تهديداً، بل شريك». وكان الانحساب البريطاني من الاتحاد الاوروبي، هوالحدث الطاغي على القمة، إذ أبدى ستولتنبرغ ثقته بأن لندن ستبقى عضواً «قوياً وملتزماً» في «الأطلسي». وحرص رئيس الوزراء البريطاني المستقيل ديفيد كامرون على تأكيد أن المملكة المتحدة «لن تؤدي دوراً أصغر في العالم»، وزاد: «قد تكون بريطانيا في طريقها لترك الاتحاد، لكننا لن ندير ظهرنا للدفاع والأمن الأوروبيين». وأعلن نشر 500 جندي بريطاني في إستونيا و150 في بولندا.