أن تُكْرِم الضيف فهذا أمر معلوم، وهو شأن إنساني تتشارك فيه شعوب كثيرة، كما أنه أمر حضَّ عليه الإسلام وأَعْلى من شأنه، وأن يكون الإكرام في شهر رمضان، شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار، فالدافع أكبر، والأجر أعظم عند الله عزّ وجلّ، ففي الحديث عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ فَطَّرَ صَائِماً كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئاً»، لذلك يتسابق المسلمون في تقديم وجبات الإفطار لكسب الأجر. وفي السودان، مثل غيره من الدول الإسلامية هناك تقاليد رمضانية راسخة في هذا الشهر، إذ يخرج معظم الصائمين بإفطارهم إلى الشوارع، ويتجمع الجيران مع بعضهم بعضاً، في تطبيق عملي لمبدأ التكافل، وليكسبوا أجر العابرين وقت الإفطار. ولعل من المشاهد اللافتة لدى المدن والقرى التي تقع على طرق السفر الخروج «بموائد الإفطار» والوقوف في منتصف الطريق لإيقاف السيارات في ما يعرف بظاهرة «قطاع الطرق»، لإنزال الركاب ليفطروا معهم. أما الحدث الأغرب في إطار هذا التنافس «السوداني» لكسب أجر العابرين، فهو ما حدث في إحدى مدن السودان، إذ تقدم مواطن ببلاغ إلى الشرطة ضد آخر، ادعى أنه «يسرق» منه الضيوف، ويسرع لسحب ركاب السيارات المسافرين إلى مائدته، ولا يترك له فرصة لإكرام بعضهم، ما أدى إلى حدوث نقاش حاد بينهما قاده إلى فتح البلاغ، إلا أن القاضي رفض الفصل في الدعوى، وقدم لهما محاضرة عن الكرم السوداني، وطلب منهما التسامح. لكن بعض معارف الطرفين تدخلوا وأصلحوا بينهما، ووضعوا خطة لتقسيم الضيوف على موائد الطرفين.. اللهم تقبل منهم جميعاً. اللافت أن المواطن العربي يحب «العراك» و«المحاكم» حتى إذا كان ذلك بحثاً عن «الأجر». اللهم إني صائم