تجددت الصدامات ولليوم الثاني على التوالي بين وحدات من القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل) وبين مجموعات من الاهالي في بلدتي قبريخا وتولين (قضاء بنت جبيل) على خلفية تسيير هذه الوحدات دوريات داخل أحياء فرعية في البلدتين، ما ادى الى جرح جندي فرنسي ومواطن لبناني يدعى محمد علي ملحم،واستدعى تدخل الجيش اللبناني لإعادة الامور الى نصابها والى اجتماعات تنسيقية لتقويم الوضع جنوباً. ووقع الإشكال الجديد بعد أحداث الثلثاء الماضي. وروى شهود عيان من الاهالي ل «الحياة»، أن بينما كانت دورية فرنسية مؤلفة من آليتين وجيب تمر في احد الأحياء الداخلية لبلدة قبريخا فاعترضها احد الشبان كان على دراجته الهوائية وهو محمد علي ملحم ومنع افرادها من التقاط الصور داخل الحي، وحصل في هذه الاثناء رشق للدورية بالحجارة واحتكاك من جانب بعض الفتية، فعمد عناصر الدورية الى توقيف ملحم واقتياده معهم، واثناء متابعة الدورية سيرها الى تولين تجمع الاهالي ورشقوا الدورية بالحجارة واستخدموا العصي، ما ادى الى تحطيم الزجاج الامامي لإحدى الآليتين وسحب الاهالي اللبناني المحتجز لدى الدورية وهو مصاب بجروح وجردوا الجنود الفرنسيين من اسلحتهم وكاميراتهم. وأدى رشق الحجارة الى اصابة جندي فرنسي بجروح طفيفة في رأسه. في هذه الاثناء جرت اتصالات مكثفة لتطويق الحادث شارك فيها رئيس الحكومة سعد الحريري وقيادة الجيش ووزارة الدفاع وممثل الامين العام للامم المتحدة مايكل وليامز. وصودف ايضاً ان احتفالاً كان يقام في مدينة صور ويشارك فيه ضباط كبار من قيادة «يونيفيل» والجيش اللبناني الى جانب مسؤول فرع المخابرات في الجنوب العميد علي شحرور، ولما علموا بأمر الحادث تداولوا في الموضوع وتوجه العميد شحرور على الفور الى تولين لمعالجة الامر ميدانياً، خصوصاً ان هذه المنطقة ينتشر فيها اللواء ال11 في الجيش اللبناني، واجتمع العميد شحرور الى الاهالي ومسؤولي «يونيفيل» لتسوية الوضع ونقل الجريحان الفرنسي واللبناني الى احد المراكز للمعالجة فيما اخرجت آليتا الوحدة والجيب من البلدة وفتحت الطرق. واتفق على عقد اجتماعات مفتوحة لتقويم الوضع. ونقلت وكالة «فرانس برس» عن ناطق عسكري ان «احد عناصر الدورية الفرنسية اطلق النار في الهواء، ما دفع السكان الى محاصرة الجنود والسيطرة على آلياتهم وتجريدهم من سلاحهم». وأشار الى ان الجيش اللبناني «تدخل بعد وقت قصير وتمكن من إبعاد السكان عن الجنود واسترد السلاح منهم وأعاده الى عناصر دورية يونيفيل»، مضيفاً ان «الوضع بات هادئاً ويجرى استكمال الاجراءات على الارض». وأوردت «الوكالة الوطنية للإعلام» (الرسمية) رواية اخرى قالت فيها «ان الدورية الفرنسية صدمت عند مدخل قبريخا سيارة ودراجة نارية فتجمع عدد من الشبان ورشقوها بالحجارة. وتوجهت الدورية بعد ذلك الى تولين حيث تعرضت ايضاً للرشق بالحجارة، وكذلك عند وصولها الى بلدة الصوانة المجاورة، وأن المواجهات اسفرت عن جرح شاب من قبريخا يدعى علي سليمان وإعطاب ملالتين للقوات الدولية». وشاهد مراسل «فرانس برس» الجندي الفرنسي الذي اصيب في شكل طفيف في عينه ورأسه، والمواطن اللبناني مغطى وجهه بالدماء». وذكر «ان آثار حجارة وبيض بدت واضحة على زجاج ناقلتي جند تابعتين للقوات الدولية». وقال مصدر في «يونيفيل» ان قيادة القوات الدولية ارسلت فريقاً لإجراء تحقيق على الارض في الحادث. ويأتي حادث تولين غداة حادث آخر حصل بين اهالي البلدة ودورية من الوحدة الايطالية التي توغلت بدورها في الأحياء الداخلية وجرى رشقها بالحجارة وعمل الجيش اللبناني على تطويق الحادث. ردود فعل وفي المواقف من الصدامات مع «يونيفيل»، أوضح وزير الشؤون الاجتماعية سليم الصايغ، انه «ليس متفاجئاً بكل ما يجري على الأرض بين قوات «يونيفيل» وأهالي البلدات الجنوبية»، معتبراً ان «ما يحصل يفتح النوافذ على هشاشة الإستقرار في الجنوب». ولفت في حديث تلفزيوني الى أننا «من الأساس اعترضنا على البند السادس في البيان الوزاري وأردنا فقط السلطة للجيش وللدولة واليوم يريد البعض ان تعترض الدولة فقط على أداء «يونيفيل»، فيما نرى غياباً تاماً لها في الجنوب وكما هو ظاهر ان الساحة «فلتانة». ونعرف ان هذه القضايا ليست عفوية وخصوصاً جنوب الليطاني. وهذا الفلتان لا يفيد أحداً ولكنه يفيد في التكتيك». واعتبر أن «المسار الانحداري الذي نسير به في الجنوب هو مسار الدولة وعليها أن توضح أين أخطأت «يونيفيل» في تحركها، لا أن تترك المجال مفتوحاً أمام تحركات أخرى»، لافتاً الى ان «لا مصلحة للبنان في انسحاب يونيفيل من لبنان»، ومؤكداً «وجوب الحفاظ على القرار 1701 وتنفيذه». كما أكد «حاجتنا الى الأممالمتحدة ويونيفيل في لبنان». وسأل: «لماذا ممنوع على «يونيفيل» ان تتحرك في منطقة الجنوب؟». وأكدت النائب بهية الحريري ضرورة التنسيق التام بين الجيش اللبناني وقوات «يونيفيل» لحل الإشكالات الأمنية التي تحصل في الجنوب عبر التنسيق وفق القرار 1701. وكانت الحريري جالت على مبنى السراي الحكومية في الجنوب والتقت محافظ لبنان الجنوبي نقولا ابو خاطر وقائد منطقة الجنوب الاقليمية في قوى الامن الداخلي العميد منذر الأيوبي. ورأى عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النيابية علي فياض أن «الأهالي والجيش والحكومة و «حزب الله» يفهمون أن دور «يونيفيل» مساعدة لبنان على بسط سلطته وتعزيز وجوده ومنع الاعتداءات الاسرائيلية عليه، ولذا كان على القوات الدولية ألا تقدم على خطوتها الأخيرة في الجنوب بهذا الشكل، إنما أن تصحب تحركها دوريات للجيش اللبناني». واعتبر في حديث الى «أخبار المستقبل» أن «ما حصل في الجنوب مبالغ فيه، ولا علاقة للمسألة بتحرك «يونيفيل» داخل القرى وبقواعد الاشتباك التي تفرض أن تكون «يونيفيل» مصحوبة بتحركها مع الجيش، ويبدو أن هناك من يريد ل «يونيفيل» التحرك بمفردها، وهذا يخالف القرار 1701»، مؤكداً أن «هناك تعايشاً بين الأهالي و «يونيفيل» على قاعدة القرار 1701 وعلى قاعدة أن مهمة يونيفيل ليست مساعدة اسرائيل بل مساعدة لبنان وحمايته». واعتبر النائب عن «حزب البعث العربي الاشتراكي» عاصم قانصو، في حديث تلفزيوني، أن تصرفات أهالي جنوب الليطاني «أتت كرد فعل على تصرفات قوات «يونيفيل»، لافتاً الى اننا «مع انسحاب هذه القوات في حال تصرفت لمصلحة إسرائيل»، مؤكداً أن «وجود الجيش اللبناني في الجنوب يُغني عن وجود «يونيفيل». وشدد على أن «حماية لبنان من إسرائيل واجب وطني وضروري».