قدر محامون عدد قضايا الشيكات بدون رصيد المنظورة بفرع وزارة التجارة والصناعة في جدة بنحو 15 ألف قضية، وطالبوا في حديثهم إلى «الحياة» بتوفير عدد كاف من المتخصصين في القانون، سواء في وزارة التجارة أو هيئة التحقيق والادعاء العام لتنفيذ القرارات الجديدة المتعلقة بالشيكات بدون رصيد. وقال المحامي الدكتور ماجد قاروب: «ارتفع عدد القضايا الشيكات بدون رصيد في فرع وزارة التجارة في جدة إلى 15 ألف قضية - ويتطلب إنجازها توفير إمكانات بشرية كبيرة مدربة ومؤهلة لمتابعة تلك القضايا، لتنفيذ القرارات الجديدة التي تخصها». وأضاف: «القرارات تتطلب تنفيذ سريع لها من متخصصين، فمن المهم أن لا تتأخر مداولات القضايا داخل المحاكم، بل لا بد من البت فيها بشكل سريع لإعادة القيمة الحقيقة للشيك». وأكد أن الشيك في السعودية فقد مكانته القانونية كونه أداة وفاء بسبب عدد من العوامل، منها عوامل قضائية وأخرى تتعلق بالعرف والعادات والتقاليد، مشيراً إلى «ضعف لجنة الأوراق التجارية في وزارة التجارة، إضافة إلى أسباب أخرى تتعلق بتدخل الجهات الحقوقية والأمنية في تنفيذ الأحكام بطرق لم تكن متوافقة مع النظام، كما أن العادات والعرف الاقتصادي تتعامل مع الشيك على أنه أداة ضمان وليست وفاء». وتابع قاروب: «وشارك في هذا مع الأسف البنوك وشركات السيارات والمقاولات والمكاتب العقارية التي يقع عليها السبب الأكبر في إدخال هذه المفاهيم الخاطئة على المجتمع الاقتصادي، وهو ما يجسّد ضعف الثقافة الحقوقية في المجتمع عموماً، والمجتمع الاقتصادي خصوصاً». وأشار إلى أن مجلس الوزراء أصدر قرارات لتعزيز قيمة الشيك كأداة وفاء كما هو معمول فيه نظاماً، كما تغلبت على عدد من العقبات التي تعوق العمل القضائي عموماً، وقضايا الأوراق التجارية ومن ضمنها الشيكات خصوصاً». وحول العقوبات التي صدرت أخيراً، وتغلظ عقوبات الشيك بدون رصيد، قال قاروب: «العقوبات تعد كافية، وأكثر من رادعة، وتعد خطيرة جداً، وتعدت المقصود من التجريم للفعل بأن وضعت الجميع تحت دائرة الاتهام الخطير الموجب للتوقيف ثم التشهير، واعتبرته من الجرائم الأمنية الخطيرة». وذكر أن البنوك لديها مسؤولية اجتماعية وقانونية تجاه عملائها، وقال: «من المفترض أن تلعب البنوك المحلية دوراً مهماً حيال عملائها من حيث تثقيفهم بأهمية الشيكات والمساهمة في تطوير الثقافة الحقوقية»، لافتاً إلى أن «كل مُصدر شيك لا بد من أن يعلم أن لدية رصيداً يكفى للشيك، وفي حال مخالفته لا بد من أن يدرك أن هناك عقوبات قاسية تشمل التشهير والغرامات والسجن وبشكل سريع وفوري». وأكد أهمية تطوير العادات والتقاليد الاقتصادية في ما يخص الشيك كأداة وفاء والسند كأداة ضمان. وفي المقابل، يرى المحامي وليد أبو الخير أن انتشار ظاهرة الشيكات بدون رصيد تسببت في كثير من الإشكاليات المالية في السعودية وأدت إلى ضياع الحقوق، وقال: «العقوبات التي صدرت منذ فترة تعد قرارات صارمة وستسهم في خفض انتشار مثل هذه الظاهرة». ولفت إلى ارتفاع تلك القضايا وقال: «القضايا المالية ظاهرة عامة، ولا سيما مع ارتفاع معدلاتها في الآونة الأخيرة». وأشار إلى أهمية الدور الذي تلعبه البنوك المحلية من حيث الحد من إصدار شيكات بدون رصيد، وقال: «لا بد من أن يتم تقنين عملية إصدار الشيكات من الأفراد، ولا سيما أن هنالك تلاعباً كبيراً يمكن أن يحدث من الأشخاص». وأضاف: «التسهيل في إصدار الشيكات وكتاباتها من الأفراد تسبب في ضياع حقوق الكثيرين، إذ انتشر في الآونة الأخيرة ما يعرف ب «صك الإعسار»، وأصبح على الكثيرين ديون كبيرة، ويتحايلون على القانون من خلال سحب أرصدتهم والحصول على صك إعسار من المحكمة». وكان الحكومة السعودية اتخذت في شهر آذار (مارس) الماضي، إجراءات صارمة ضد الشيكات من دون رصيد، منها السجن والتشهير في الصحف، من شأنها عند التطبيق أن تعيد للشيك هيبته التي فقدها في السوق المحلية.