منذ منتصف نيسان (أبريل)، خسر مؤشر البورصات العالمية MSCI نحو 15 في المئة من قيمته. والمستثمرون يتخلون عن الأسهم ويشترون سندات الخزينة الأميركية التي يفترضونها أكثر أمناً. والحق ان المستثمرين على قلقهم. ودواعي حالهم معروفة. فهم يخشون أن ينجم عن ضعف النشاط الاقتصادي المستأنف عجز عن تحمل أعباء الاستدانة الأوروبية الجامحة، على رغم تزاحم خطط التقشف، وهم يستبقون انفجار الفقاعة العقارية الصينية، واستنفاد نفقات التحفيز الأميركية مفاعيلها. وفوق هذا كله، لا يثق المستثمرون في سداد الإدارة الاقتصادية العالمية، وحسن تدبيرها المشكلات المتكاثرة. فالحال اليوم لا تشبه دينامية 2008 – 2009، حين اضطلع تنسيق السياسات الحكومية الأميركية والأوروبية بكبح انهيار الأسواق، وتفادى ركوداً عالمياً محققاً. والباعث على القلق، هذه المرة، هو ضعف القادة أنفسهم، وربما قصور كفاءتهم عن الحؤول دون انهيار الاقتصاد العالمي. ولعل حال أوروبا هي الأشد عسراً وتأزماً. فإنقاذ اليورو يلزم بالإعداد لإجراءات تقشف ضريبي أليم سريعاً. ولكنه يلزم، فوق هذا، بإقرار إصلاحات بنيوية جوهرية. وتتقدم حاجة بلدان الجنوب الى الإصلاح، جراء سياساتها الاقتصادية الرخوة، حاجة البلدان الأخرى. ويقتضي هذا ان ترجئ بلدان الشمال، وديونها أقل وطأة، إجراءات تقشفها بعض الوقت، وأن تحفز الإنفاق الخاص. وعلى المصرف المركزي الأوروبي تعويض خطط تقليص النفقات العامة من طريق سياسة نقدية مرنة. فيسع الإسبان تخفيض الأجور إذا كانت نسبة التضخم في منطقة اليورو أعلى من المستوى الحالي. ولكن الألمان ينوون انتهاج سياسة تخالف السياسة المقترحة. وهم يزمعون الدفاع عن نهج مالي متشدد ومحافظ حين تدعو الحاجة الى تحفيز النمو. وإذا اقتفى المصرف المركزي الأوروبي خطوات ألمانيا ترتب على هذا ركود اليورو سنوات قد تطول. ولا ريب في عسر توقيت إجراءات بين سياسة متقشفة ومبكرة تؤدي الى خنق استئناف النشاط الاقتصادي وبين ترك العجز يتعاظم ليبلغ مستوى يستحيل تداركه والرجوع عنه. وهذا ما يوشك البريطانيون على اختباره مع إعلانهم «موازنة طارئة» في 22 حزيران (يونيو). ومشكلة الولاياتالمتحدة هي خلاف المشكلة البريطانية. فالأزمة اليونانية خفضت اسعار فوائد السندات ورفعت سعر صرف الدولار، ففاقمت العجز الخارجي، فيما تحتاج الولاياتالمتحدة الى تقليصه. وعلى رغم هذا، تلوح بارقة أمل على أمد قريب. فالنمو تحفزه الأسواق الناشئة البارزة، وقد يبلغ فوق 5 في المئة متوسطاً سنوياً. والثقة تنتعش في الولاياتالمتحدة، على ما يبدو. ويتسوق الأميركيون في مخازنهم الكبرى بينما عروض الوظائف تزداد، وإن أقل من الحاجة إليها. والكونغرس عازم على تخفيض الضرائب بعض الشيء. فهل يطمئن هذا المنذرين بالويل والثبور؟ * عن «ذي إيكونوميست» البريطانية 10/6/2010، إعداد وضاح شرارة.