بدأت أمس محكمة جنايات أمن الدولة المصرية العليا (طوارئ) أولى جلسات النظر في محاكمة شيخ سعودي و4 من قادة جماعة «الإخوان المسلمين» في شأن اتهامات تتعلق ب «تبييض أموال مصدرها غير شرعي وتمويل جماعة أُسست على خلاف القانون»، في إشارة إلى جماعة «الإخوان». ويحاكم في القضية التي عرفت إعلامياً ب «قضية التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين» كل من الشيخ السعودي عوض القرني (غيابياً) والداعية المصري محمد غنيم (غيابياً) والناطق باسم «إخوان الخارج» رجل الأعمال المصري إبراهيم منير (غيابياً) والأمين العام المساعد لنقابة الأطباء المصرية الدكتور أشرف محمد عبدالحليم (غيابياً) إضافة إلى رئيس مجلس إدارة شركة الصباح للصرافة الدكتور أسامة سليمان وهو الوحيد الذى يحاكم حضورياً في القضية. وبحسب مصادر قضائية تحدثت إلى «الحياة» فإن المتهمين يواجهون أحكاماً بالسجن لمدد قد تصل إلى 10 سنوات في حال إدانتهم. وأشارت إلى أن لائحة الاتهامات تشمل «تبييض أموال مصدرها عمليات إرهابية ودعم وتمويل جماعة محظورة وهي الأحكام التي تتراوح عقوبتها بين السجن 5 سنوات إلى 10 سنوات». ولاحظت المصادر أن القاضي الذي ينظر في القضية المستشار محمود سامي كامل «يتخذ في العادة أحكاماً مشددة في قضاياه»، ولفتت إلى أنه ربما يلجأ إلى معاقبة المتهمين الأربعة الفارين ب «أقصى عقوبة أقرها القانون» خصوصاً إبراهيم منير الذي تعتبره أوراق القضية ومحاضر التحريات الرجل الأول في القضية. وعقدت الجلسة في مقر دار القضاء العالي (وسط القاهرة)، وسط حراسة أمنية مشددة وحضور إعلامي مكثف، فيما أودع المتهم الوحيد المحبوس على ذمة القضية أسامة سليمان قفص الاتهام مرتدياً ملابس الحبس الاحتياطي (البيضاء). وفيما نفى سليمان الاتهامات التي وجهها إليه ممثل الادعاء، أرجأت المحكمة إلى 14 تموز (يوليو) المقبل النظر في القضية مع استمرار سجن سليمان احتياطياً على ذمة القضية وذلك للسماح لهيئة الدفاع بالاطلاع على أوراق القضية ودرسها. وأشارت مصادر قضائية إلى أن الجلسة المقبلة (الثانية) «ستشهد فض أحراز القضية» التي تشمل أوراقاً ضُبطت بحوزة سليمان، والإخطار الذي وجّهه المصرف المركزي المصري إلى أجهزة الأمن وفيه تنبيه إلى الاشتباه في عمليات تبييض أموال يجريها سليمان. وستسمح الجلسة للدفاع بإبداء تعليقاته وطلباته على ما سيتم عرضه من أحراز. وأشارت المصادر ل «الحياة» إلى أن المحكمة ستُرجئ النظر في القضية مرة أخرى إلى جلسة ثالثة من المنتظر أن تكون بعد شهر لاستدعاء شهود الإثبات وبينهم ضباط مباحث أمن الدولة الذين قاموا بالتحري في القضية إضافة إلى السائق الشخصي للمتهم سليمان، وائل عويس جبيلي، الذي تقول أوراق القضية إن سليمان كان يستخدمه في صرف وتحويل العملات الواردة إليه من الخارج بهدف مجابهة الإجراءات الأمنية. ومن بين شهود الإثبات أيضاً نائب المدير العام لقطاع الرقابة والإشراف في المصرف المركزي المصري أيمن نبيل وهدان والمدير المساعد في قطاع التفتيش في المصرف نفسه حنفي مرشي حنفي ورئيس قطاع التفتيش في المصرف إيهاب فكري. واستهلت المحكمة جلستها أمس بإثبات حضور هيئة الدفاع عن المتهم والتي ضمت 14 محامياً أبرزهم الدكتور محمد سليم العوا ومحامي جماعة «الإخوان» عبدالمنعم عبدالمقصود والدكتور محمود السقا وعضوا مجلس نقابة المحامين المصريين محمد طوسون وكامل مندور. وكان لافتاً خلال جلسة الأمس أن رئيس هيئة المحكمة خاطب في بدء الجلسة ممثل الادعاء متسائلاً عن تعديل اسم الشيخ السعودي من الداعية عائض القرني (وفق ما جاء في أوراق القضية ومحاضر التحريات) إلى الشيخ عوض القرني حيث أكد الادعاء أنه تم تعديل الاسم في أوراق القضية. وكان بيان صدر بعد أيام من إحالة المتهمين على المحاكمة في 21 نيسان (أبريل) الماضي عن النائب العام في مصر المستشار عبدالمجيد محمود تدارك فية خطأ وقعت فيه النيابة في شأن اسم المتهم السعودي، وأكد البيان في حينه أن المتهم هو عوض القرني وليس الداعية المعروف عائض القرني بحسب ما جاء في بيان الإحالة الأول وأوراق القضية التي تسلمتها المحكمة قبل نحو شهر. وأكد منسّق هيئة الدفاع المحامي عبدالمنعم عبدالمقصود أن الدفاع سيطعن في بطلان القضية مستنداً إلى هذا الخطأ الذي وقعت فية النيابة، مشيراً إلى أن محاضر التحريات كلها محصورة على تحركات واجتماعات ومؤتمرات أجراها الداعية عائض القرني وهو ما يدل على أخطاء جسيمة وقعت فيها الأجهزة الأمنية خلال فترة التحريات، معتبراً أن هذا الخطأ الجسيم يدل بما لا يدع أي مجال للشك أن تلك القضية «سياسية بالدرجة الأولى وليس لها أي سند قانوني أو جنائي، وأنها تأتي في إطار صراع سياسي بين جماعة الإخوان والحزب الوطني الديموقراطي (الحاكم)»، مطالباً أن يظل الصراع السياسي «خارج نطاق المحاكم ليصبح أمام صناديق الاقتراع». وأضاف أن الجماعة لها وجود شرعي يتمثل في وجود 88 عضواً عنها في مجلس الشعب (البرلمان) إلى جانب النقابات المهنية ونوادي أعضاء هيئات التدريس، موضحاً أن للجماعة مشروعاً إصلاحياً ويجب ألا توصف دوماً ب «المحظورة». وقال إن تلك القضية لو أحيلت على القضاء الجنائي الطبيعي لصدر فيها الحكم بالبراءة، ولكنها أحيلت على محكمة طوارئ لما لهذا الأمر من بعد سياسي. ونفى المتهم أسامة سليمان ما هو منسوب إليه من اتهامات في ضوء قرار الإحالة (قرار الاتهام) الذي واجهته به المحكمة والذي نسب إلى المتهمين من الأول حتى الرابع (أشرف عبدالحليم ووجدي غنيم وعوض القرني وإبراهيم منير) إمداد جماعة أسست على خلاف أحكام القانون بأموال (4 ملايين جنيه استرليني) مع علمهم بأغراضها.