تسببت انتخابات نقابة أطباء لبنان التي فاز فيها النقيب الدكتور شرف لويس أبو شرف بأزمة صامتة بين تيار «المستقبل» وشخصيات مستقلة من قوى 14 آذار وبين حزب «القوات اللبنانية»، وبدرجة أقل مع حزب الكتائب على خلفية اتهام الأخيرين بأنهما، من خلال مناوراتهما، أسهما في «إهداء» الفوز الى أبوشرف خصوصاً «القوات» بسبب إصراره على ترشح الدكتور نبيل جهشان لمنصب النقيب بدلاً من الانسحاب لمصلحة الدكتور غسان سكاف المنافس الحقيقي لأبو شرف والذي خسر المعركة بفارق 201 صوت. فيما نال جهشان أكثر من 300 صوت. ومع أن حزب «القوات» بادر الى الاتصال ب «المستقبل» والمستقلين لتبرئة ذمته من ترشح جهشان الذي حجب بترشحه أكثر من 300 صوت عن سكاف بذريعة أنه طلب منه الانسحاب وأنه اضطر بسبب إصراره على الترشح الى عدم التصويت له. لكن التبريرات التي قدمها حزب «القوات» لم تلق أي تجاوب من حلفائه الذين أخذوا عليه الإخلال بالوعد الذي قطعه على نفسه بسحب جهشان من معركة النقيب على رغم أن مصادر قيادية فيه بررت موقفها بأنها بادرت الى الطلب من محازبيها عبر موقعها الإلكتروني بعدم الاقتراع لجهشان علماً أن اسمه كمرشح لم يسحب من الموقع إلا بعد الخامسة. كما أن «المستقلين» في 14 آذار أخذوا على الكتائب الخروج عن تأييد سكاف والتصويت لأبو شرف باعتباره من جذور كتائبية وكان والده نائباً عن الحزب وقتل أثناء وجوده في منزله في الأشرفية جراء القصف الذي استهدفها إبان الحرب الأهلية في لبنان. لذلك فإن أحداً لم «يقبض» التبريرات التي تقدم بها «القوات» إذ ظلت حبراً على ورق بعدما أخل بوعده بسحب جهشان من المنافسة على منصب النقيب مع أنه تعهد بسحبه لمصلحة سكاف فور فوزه في الانتخابات التمهيدية التي جرت لانتخاب 8 أعضاء جدد بدلاً من الأعضاء الذين انتهت مدة ولايتهم. إلا أن حزب «القوات» كما يدعي عدد من قيادييه اصطدم بإصرار جهشان على الترشح مع أنه كان تقدم بطلب الترشح من باب الاحتياط ليكون البديل من سكاف في حال لم يحالفه الحظ في الفوز بعضوية النقابة. وعليه أحدث موقف «القوات» مفاجأة لدى معظم الأطراف والشخصيات المنضوية تحت لواء 14 آذار وأخرى مماثلة بين مسؤولي المعارضة سابقاً، خصوصاً أن الأخيرة لم تحصد سوى عضوين من أصل 8 أعضاء وكانت تعتقد أنها تخوض معركة النقيب من باب إثبات الوجود لتعذر خوض منافسة متوازنة على المنصب في ضوء القوة الراجحة بين الأطباء لقوى 14 آذار. وبالنسبة الى السؤال عن التفسيرات التي أملت على «القوات» الخروج على الإجماع داخل قوى 14 آذار لمصلحة سكاف من مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت فإن القيمين على معركة النقابة يعزون السبب الى أن «القوات» في ظل المنافسة القائمة بينها وبين «التيار الوطني الحر» في الشارع المسيحي تجد نفسها مضطرة لأن تكون صاحبة الكلمة الفصل في تسمية المرشح لمنصب النقيب وأن على الحلفاء دعم هذا التوجه وبالتالي الامتناع عن اختيار مرشح مدعوم من «المستقبل» والمستقلين. ويؤكد القيمون على معركة نقابة أطباء لبنان - بحسب قولهم ل «الحياة» أن «القوات» أخطأت في حسابها وأوصلت أبو شرف نقيباً وهو مقرب من «التيار الوطني». وبذلك تكون خسرت مرتين، منصب النقيب وصدقيتها مع حلفائها الذين يحملونها مسؤولية إهداء الفوز الى أبو شرف. واعتبر النقيب المنتخب أبو شرف في تصريح امس، ان من ساهم في إنجاح معركته في الانتخابات «هو أولاً مستشفى الروم إضافة الى الكتل السياسية وعلى رأسها التيار الوطني الحر وحزب الله وحركة أمل والحزب الشيوعي والحزب السوري القومي الاجتماعي، اضافة الى الخلاف بين المرشحين سكاف وجهشان ورفض احدهما الانسحاب للآخر مَا سهّل وصولي». وأكد «ان لا خلافات مع الأطراف الآخرين بل كان هناك تجانس في الأفكار وتوافق في ما يتعلق بالأمور النقابية بما يصب لمصلحة النقابة». ورأى ان «اقحام السياسة في العمل النقابي يؤدي الى التفريق بيننا وزرع الخلافات، ولا نريد عملاً سياسياً في النقابة إنما عمل نقابي محض». يذكر ان مجلس نقابة الاطباء يتالف من 16 عضواً 14 منهم لقوى 14 اذار و2 لقوى 8 اذار هما النقيب أبو شرف وماهر حمزة (حزب الله) ، ما يعني ان هيئة مكتب النقابة ستتالف من قوى 14 اذار.