لم تحل «بركة» البطريرك الماروني نصرالله صفير الذي ما زالت صوره ولافتات الترحيب بزيارته مرفوعة في بلدة القبيات، إحدى أكبر بلدات محافظة عكار (شمال لبنان)، دون حصول معركة انتخابية في البلدة تطالع الآتي إلى البلدة معالمها بصور كبيرة رفعت فيها للواقفين خلف المعركة وهم: رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون والوزير السابق مخايل الضاهر من جهة، والنائب هادي حبيش من تيار «المستقبل» ومعه حزبا «القوات اللبنانية» و «الكتائب» من جهة أخرى. هنا الناس منقسمون في السياسة في شكل واضح بين 8 و14 آذار مسيحياً، لكن منافستهم كانت هادئة جداً كبلدتهم. جاء الناس في الصباح الباكر إلى مراكز الاقتراع هادئين أنيقين. اقترعوا وغادروا إلى منازلهم، وبخاصة أبناء البلدة الآتين من بيروت. لم يشعر الزائر خلال مروره في البلدة بقسوة المعركة بين لائحتي «قرار القبيات» المدعومة من الضاهر والتيار، و «نحو قبيات أفضل» المدعومة من حبيش والقوات والكتائب. البلدة معتادة على المعارك الانتخابية بين الضاهر وحبيش وقبله والده الوزير السابق فوزي حبيش. والمجلس الحالي كان فوزاً لحبيش. الجديد راهناً، هو ان التوافق أجري داخل كل لائحة على حدة. ففي الأولى اتفق على أن يتناوب، في حال فوزها، على رئاسة البلدية جورج نعمة وإرنست الحاج وتوفيق عبدو مدة سنتين لكل منهم. وفي الثانية اتفق على أن يتناوب عبدو عبدو (الرئيس الحال) وجوزف الخوري كل ثلاث سنوات. أما ما جرى خلف العوازل داخل اقلام الاقتراع فمسألة ثانية لن تعرف نتيجتها إلا بما ستتمخض عنه الصناديق التي كان الإقبال عليها صباحاً جيداً نسبياً اذ بلغ في غير قلم نحو 10 في المئة بعد ساعتين على بدء العملية الانتخابية. ووفق مندوبي الطرفين، فإن كلا الفريقين عارف أنه غير قادر على حسم المعركة وإن الخرق قائم وإن الحسم سيكون بأن يتجاوز عدد الأعضاء الفائزين النصف زائداً واحداً (المجلس مؤلف من 18 عضواً). ووصف حبيش التنافس بأنه «ديموقراطي»، معتبراً أن «أهل القبيات سيحددون الخيار». وقال: «الطابع السياسي للمعركة سيحد من التشطيب». وأشار إلى أنه سعى كثيراً الى التوافق «لكن النائب الضاهر رفض كل المبادرات واحتكم الى المعركة». وتوقع الضاهر أن يكون «الفوز حليفنا»، معتبراً أن «الانتخابات تتحكم فيها قناعات عائلية وسياسية». ونفى ان تكون مسألة تناوب ثلاثة على رئاسة البلدية «بدعة إنما اتفاق وعدم التوافق سببه نهجان مختلفان». المعركة في حلبا مختلفة تماماً وهي امتداد للمعركتين البلديتين السابقيتن داخل عائلة واحدة هي الحلبي، وتحديداً بين الرئيسين السابق عبدالحميد الحلبي، والحالي سعيد الحلبي. هذا ما يريد الناس قوله، نافين ان يكون التنافس بين «المستقبل» والمعارضة. ويشيرون إلى أن هذا الانطباع الذي أعطي في الإعلام للمعركة سببه دعم سعيد الحلبي للضاهر في المعركة الانتخابية الأخيرة، نتيجة لعلاقات تاريخية وليس لأسباب سياسية. لا يبذل الناس المتحلقون بكثافة أمام أقلام الاقتراع التي شهدت نسبة اقتراع جيدة بلغت بحلول العاشرة صباحاً نحو 20 في المئة، جهداً اضافياً لنفي الخصومة بين مناصري الحلبيين، بل يكتفون بالإشارة الى حلقات من الناس يقف بعضهم مع بعض محدثاً، وعلى رؤوسهم قبعات مختلفة. ويقول محمد الحلبي وهو ابن عم المتنافسين بلائحتي «قرار أبناء حلبا» و «مستقبل حلبا»: «لم يحصل التوافق بسبب تدخل بعض السياسيين. المعركة ليست بين معارضة و «المستقبل» فالبلدة كلها جرفها «تسونامي» المستقبل بعد استشهاد الرئيس الحريري، لكن المعركة الحالية هي إنمائية بامتياز بين شخصين جربهما ابناء البلدة ومن يفز نذهب ونهنئه». ومن المعارك المميزة في منطقة عكار، بلدة ببنين وهي مسقط النائب خالد الضاهر والنائب السابق مصطفى هاشم ومفتي عكار الشيخ اسامة الرفاعي وكذلك منسق تيار «المستقبل» في المنطقة حسين المصري. ففي البلدة انتهت المنافسة على 3 لوائح يرأس كل واحدة شخص له حيز، وهي لوائح «قرار ببنين» برئاسة هيثم المصري، و «الأمانة والمستقبل لببنين» برئاسة عدنان الرفاعي، و «ببنين للجميع» برئاسة كفاح الكسار. ولم تشهد اقلام الاقتراع في ببنين زحمة ولم تتجاوز فيها النسب بحلول الواحدة ال 10 في المئة. الكلام عن المعركة هنا كثير، بين دعم «المستقبل» والنواب والمفتي للائحة دون سواها وبين سحب التيار يده من المعركة وترك المنافسة للناس خصوصاً أن في كل لائحة مناصرين للتيار. وكثرة الطامحين الى البلدية حالت دون حصول توافق ما دفع بأحد أبناء البلدة علي المزقزق إلى القول «لو جاء الرئيس سعد الحريري بنفسه إلى ببنين لما استطاع إنجاز توافق!». ويرى علي وهو مندوب لإحدى اللوائح، إن المعركة الفعلية ستكون «في انتخاب الرئيس والناس يأتون بلوائحهم جاهزة من المنازل... الله وحده يعلم ما يوضع في الصناديق».