دفع النقص الكبير في الوحدات السكنية ملاك العمارات إلى انتقاء المستأجرين، بل وفرض شروط عليهم، إذ أصبحوا يملون شروطهم على الراغبين في السكن، وامتنع البعض عن التأجير للسعوديين، أو للأسر التي لديها أطفال، بل إن البعض يرفض التأجير لما لا يصلي، أو يرغب في تركيب أطباق فضائية تقوم بتشغيل قنوات غير دينية. وتعاني السعودية من نقص في عرض الوحدات السكنية وهو ما يدفع الأسعار إلى مزيد من الارتفاع. وذكرت دراسة حديثة أعدتها شركة دار الأركان للتطوير العقاري بعنوان: «العقار في المملكة العربية السعودية.. تقويم تنموي»، أن قطاعاً كبيراً من السكان بما في ذلك مواطنون سعوديون شباب، والنمو السريع للسكان هما من أكثر العوامل الأساسية التي تدفع سوق العقارات السكنية وتحركها. وأشارت إلى أن عدد الوحدات الإسكانية التي تحت الإنشاء حالياً في المملكة يراوح بين 50 ألفاً و100 ألف وحدة سكنية بحسب تقديرات كبار وكالات العقارات. وتعد الإيجارات أحد أهم الأسباب المغذية لنمو التضخم في السعودية، وتكون بجانب مؤشر الرقم القياسي للغذاء المحرك الرئيس للتضخم. وأكد أحد ملاك عمارات التأجير عبدالله بن عبيد أنه «من حق ملاك الشقق اختيار الأشخاص الذين يقومون بتأجير الشقق لهم، وأنه يشترط على من يرغب في استئجار شقة لديه أن يكون محافظاً على الصلاة في المسجد مع الجماعة، وبخاصة أن العمارة التي أجّرها مجاورة للمسجد، وليس جيداً أن تكون العمارة بجانب المسجد في حين أن سكانها لا يصلون في المسجد». وقال: «قمت بتوقيع عقود مع المستأجرين تتيح لي بإخراج المستأجر الذي لا يصلي حتى لو لم يكمل المدة القانونية، لذلك لم أهتم بقيمة الإيجار كثيراً وقمت بخفض قيمة الإيجار إلى 17 ألف ريال في حين أن الإيجارات في الحي نفسه وللشقق نفسها تبلغ 22 ألف ريال، وكل حرصي أن يكون من يسكن يهتم بالصلاة». وتابع: «كما لا أقوم بالتأجير لمن يريد أن يكون لديه أطباق فضائية تعرض قنوات غير قنوات المجد والإسلامية». أما مالك عمارة آخر راكان الشبرمي، فأوضح أن «الوافدين في الغالب يحرصون على حقوق المؤجرين، وهم ملتزمون بسداد الإيجار في مواعيده، في حين أن غالبية المماطلة تأتي من جانب السعوديين، وعانيت من مماطلة بعضهم كثيراً، لذلك قصرت التأجير على المستأجرين الوافدين فقط». وأضاف: «بعد معاناتي مع سكان سابقين في شقق أخرى أملكها قررت قصر التأجير فقط على الوافدين، ولن أقوم بتأجير شقق للسعوديين بعد تأخر عدد منهم في السداد، في حين قام آخرون بالانتقال إلى سكن آخر من دون علمي، إذا قاموا بنقل الأثاث على دفعات، وما زلت أبحث عنهم في أماكن عملهم، ورفعت عليهم قضايا في المحاكم للحصول على حقوقي منهم، في حين أخبرني آخرون أن حقي لن يضيع، ولكن لن أحصل عليه إلا بأمر المحكمة». غير أن مالك عدد من العمارات المعدة للتأجير سعد العتيبي كان له رأي آخر، وقال إنه يقصر التأجير على المتزوجين حديثاً أو الذين ليس لديهم أطفال، مرجعاً ذلك إلى أن الأطفال الذين يوجدون في الشقة، خصوصاً صغار السن يفسدون موجودات الشقة. ولفت إلى أنه عانى كثيراً من مستأجرين لديهم أطفال بعد انتهاء عقدهم وخروجهم، وبخاصة إعادة طلاء الشقة كاملة وترميم الجبسيات والإضاءة. من جهته، أشار صاحب مكتب عقاري فهد الضعيان إلى أن الطلب على الشقق السكنية يفوق العرض، إذ إن غالبية من يتزوجون حديثاً يقومون بالانتقال إلى سكن خاص بهم، في حين أن ارتفاع أسعار مواد البناء في وقت سابق رفع كلفة البناء، فالعمارة السكنية المتوسطة التي تتكون من 9 شقق تتكلف أكثر من 1.5 مليون ريال. ولفت إلى أن من يرغب في بناء الشقق يقوم ببيعها بدلاًَ من تأجيرها حالياً، وبذلك يحققون أرباحاً كبيرة في وقت قياسي، وبخاصة أنهم يخفضون الكلفة، في حين أن شقق التأجير تكلف أموالاً كثيرة، وهي تحتاج إلى صيانة دورية واحتمال عدم تسديد المستأجر لقيمة الإيجار. وأضاف «لذلك أصبح ملاك الشقق السكنية المخصصة للتأجير يقومون بفرض ما يريدون من شروط على المستأجرين، كما أن قلة المعروض من الشقق دفعت المستأجرين لدفع مقدم إيجار أثناء بناء العمارة لضمان الحصول على شقة إيجار».