تشهد مقاطعة كيبك الكندية منذ بضعة أعوام تنامي ظاهرة العنف الجنسي في المدارس الابتدائية والمتوسطة. وكشفت تقارير وزارة التربية والتعليم والشرطة، أن مجموع جرائم الاستغلال الجنسي على أنواعه بلغ في العام الدراسي 2014 -2015 أكثر من 9498 حالة، من بينها نحو 62 في المئة لضحايا قاصرات بين أعمار 12 و17 سنة. وتم إبلاغ الشرطة عن بعضها فيما بقي البعض الآخر طي الكتمان بسبب الخجل والخوف. إزاء هذه الاعتداءات الصارخة على آدمية الضحايا وأمنهن وسلامتهن الجسدية والنفسية والصحية والاجتماعية، حذرت وزيرة حماية الشباب لوسي شارلبوا من أن هذه «الظاهرة الشاذة» أصبحت اليوم على حد تعبيرها»على كل لسان وشفة، وباتت قضية رأي عام». كشفت وقائع آخر الاعتداءات الجنسية على طالبة قاصر في إحدى المدارس عن تفاصيل لافتة، لم يحصل مثيل لها من قبل ونفذت عن سابق تصور وتصميم. فالمعتدى عليها تلميذة في مدرسة «سان فنسنت ماري» وهي مهاجرة في الصف السادس الابتدائي وعمرها لا يتجاوز 11 سنة. ولم تكمل عامها الدراسي بسبب تعرضها لمضايقات متواصلة من قبل خمسة من رفاقها داخل الصف وخارجه. ولم يتورع هؤلاء عن الإمعان في إساءة معاملتها التي لم تنته عند حدود الاستهزاء والتحرش والتخويف وحسب، بل تخطت الحدود. وجاءت أقسى ردود الفعل بصدور أول حكم قضائي في تاريخ كيبيك يدين في شكل صارخ، معنوياً ومادياً، تقصير إحدى اللجان المدرسية في مونتريال الشمالية والتي تعتبر في النظام التعليمي في كيببك بمثابة وزارة للتربية والتعليم في نطاقها الجغرافي، في قضية تحرش جنسي بتلميذة في مدرسة تابعة لها. وأثارت تفاصيل الحكم القضائي وحيثياته موجة قاسية من الإدانات الشعبية تمحورت في شكل أساسي حول عجز المؤسسة التعليمية عن توفير الأمن التربوي لطلابها وطالباتها وحمايتهم من أي عنف أو اعتداء جنسي قد يتعرضون له داخل حرمها المدرسي، وقضت المحكمة فوق ذلك بتغريم اللجنة المدرسية بدفع 100 الف دولار للضحية و12 الف دولار لعائلتها. ويبدو أن «وحشية» ذلك الاعتداء على التلميذة، كشفت ما تراكم من مظاهر الاستغلال الجنسي وفجرته دفعة واحدة داخل الأوساط التعليمية وخارجها وهزت الحكومة الكيبيكية وأرغمتها على وضع أول برنامج من نوعه ل «تحصين الشباب». غاية المشروع كما يقول وزير السلامة العامة في كيبك مارتن كواتييه «اعتماد استراتيجية شاملة تشترك فيها مختلف الجهات الفاعلة وتنسق في ما بينها لتتمكن من التدخل في شكل عاجل وفوري لمكافحة التحرش والاستغلال الجنسي». وأشار كواتييه الى أن هذه الخطة توفر الأمن والحماية للشباب والقاصرين من الجنسين اينما تعرضوا لهذا الفعل المشين. ويخصص لهذا البرنامج ميزانية تفوق ثلاثة ملايين دولار على مدى خمس سنوات، وهي قابلة للزيادة عند الضرورة، وتنفق على خمس مناطق تربوية هي الأكثر تعرضاً للانتهاكات الجنسية في مونتريال وضواحيها. ويشرف على تنفيذه فريق عمل متخصص يضم عناصر من الشرطة ورجال القانون ومندوبين عن مراكز الشباب والمنظمات الطالبية في المدارس وهيئات المجتمع الأهلي.