يواجه وزير النفط السعودي علي النعيمي هذا الأسبوع للمرة الأولى، الشركات الاميركية المتأثرة بقرار الإبقاء على مستويات الإنتاج من دون تغيير على رغم تخمة المعروض في السوق العالمية. وهؤلاء هم منتجو النفط الصخري في الولاياتالمتحدة الذين يكافحون لتخطي أعنف انهيار لأسعار النفط منذ سنوات. ففي حين ساهم إنتاج النفط الصخري الأميركي في التخمة، يحمّل كُثر النعيمي، الذي يعد من أكثر صناع القرار نفوذاً في السوق النفطية، عن غير حق، مسؤولية انهيار الأسعار بنسبة 70 في المئة في الشهور العشرين الماضية. وفي كلمته المهمة أمام مؤتمر «سيراويك» في هيوستن غداً، يتحدث النعيمي إلى مسؤولين في شركات تنقيب عن النفط ومسؤولين تنفيذيين. وقال الرئيس التنفيذي لشركة «إي أو جي ريسورسيز»، بيل توماس، في مؤتمر للصناعة الأسبوع الماضي: «أوبك رفعت الإنتاج بدلاً من خفضه وهذه هي المعضلة التي نواجها الآن». وسيكون المؤتمر أول مناسبة عامة يشارك فيها النعيمي في الولاياتالمتحدة منذ أن قررت «أوبك» تبني قرار في تشرين الثاني (نوفمبر) 2014 بالإبقاء على مستويات الإنتاج على رغم أن تنامي فائض المعروض كان بدأ فعلاً في دفع الأسعار إلى الهبوط. وقال النعيمي آنذاك إن القرار ليس محاولة لاستهداف دولة أو شركة بذاتها، ولا يزيد على كونه مسعى لحماية حصة المملكة في السوق في مواجهة منتجين يتحملون كلفة أعلى ويسجلون نمواً سريعاً. ولكن في واقع الأمر كان النفط الصخري الأميركي أكبر مصدر إنتاج جديد في السوق وبكلفة أعلى كثيراً من الخام السعودي. وقال رئيس اتحاد منتجي الطاقة في تكساس، ألكس ميلز: «فقط أود أن أسمع هذا منه، أعتقد أن هذا سيكون مدعاة للقلق للمسؤولين في تكساس وواشنطن» إذا كان هدفه إبعاد منتجي النفط الصخري الأميركي. ولم يقدم اتفاق بين السعودية وقطر وروسيا وفنزويلا الأسبوع الماضي، ويقضي بتجميد الإنتاج عند مستويات كانون الثاني (يناير)، دعماً كبيراً للسوق، وأنهى مزيج «برنت» الأسبوع منخفضاً عند 33 دولاراً للبرميل في حين استقر الخام الأميركى في ختام الأسبوع عند مستوى يقل عن 30 دولاراً للبرميل. وتعطي حقيقة إجراء مفاوضات بين الأعضاء في «أوبك»، بريقاً من الأمل وفقاً لبعض المسؤولين في الصناعة، إذ تعد مؤشراً على أن تراجع الإيرادات المالية للمملكة قد تدفعها لتغيير خططها وتقود الجهود للتوصل إلى اتفاق. وأضاف ميلز: «المشاكل في بدايتها الآن والناس مستعدون للجلوس في الوقت الراهن والتحدث عن حلول محتملة». واشتدت المصاعب المالية للمنتجين الأميركيين، فقد أعلن أكثر من 40 شركة طاقة إفلاسها منذ مطلع عام 2015 وينتظر آخرون المصير ذاته مع خفض مقرضين قيمة احتياطات الشركات التي تستخدم عادة لضمان ديونها. وخفضت «أناداركو بتروليوم» ومنافستها «كونوكو فيليبس» التوزيعات النقدية لكل منهما هذا الشهر، وهي خطوة استثنائية تنم عن ضغوط مالية. يذكر أن المرة الأخيرة التي تحدث فيها النعيمي في «سيراويك» كانت قبل سبع سنوات حين خفضت «أوبك» الإنتاج لدعم الأسعار التي هوت إلى 40 دولاراً للبرميل وسط الأزمة المالية العالمية، ولام حينها المضاربين وحملهم مسؤولية هبوط الأسعار. ولم يتوقع المسؤولون التنفيذيون في قطاع النفط أن يسمح النعيمي بانهيار الأسعار هذه المرة. بل إن بعضهم، مثل الرئيس التنفيذي ل «كونتيننتال ريسوريز»، هارولد هام، تحداه أن يفعل. وقبل اجتماع «أوبك» في تشرين الثاني (نوفمبر) 2014 سيّل هام مراكز التحوط لشركته ووصف المنظمة بأنها «نمر بلا أنياب». وفي مؤتمر للمستثمرين في آب (أغسطس) توقع أن تخفض «أوبك» الإنتاج في أيلول (سبتمبر)، مضيفاً: «أعتقد أنه قد يكون الأول وستتلوه خفوضات أخرى». ورفضت الناطقة باسم «كونتيننتال» التصريح بما إذا كان هام سيحضر كلمة النعيمي. وهوت أسهم الشركة أكثر من 60 في المئة مع بدء التراجع وتراجعت ثروة هام الشخصية أكثر من عشرة بلايين دولار منذ العام 2014. وعلى رغم أن المنتجين يتحلون بقدر أكبر من الحذر عن أي وقت سابق، إلا أن بعضهم يراهن على أن تنقذهم «أوبك». ويعتقد توماس من «إي أو جي» أن الأسعار سترتفع إلى 80 دولاراً في النصف الثاني من السنة، موضحاً أن ذلك يرجع إلى أسباب من بينها أن «أوبك» ستضطر في النهاية لتقديم تنازلات بسبب المصاعب المالية. وأضاف: «العالم كله يتعرض إلى ضغوط».