بحث القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء نوري المالكي مع قيادات المؤسسات الامنية وغرف العمليات في الوزارات المشرفة على الملف الامني في البلاد، اضافة الى قيادات رفيعة من الجيش الاميركي، تداعيات الاعتداءات التي استهدفت مناطق متفرقة في البلاد وسط اجراءات امنية مشددة في محافظات البصرة وذي قار والانبار. وعلمت «الحياة» انه تم الايعاز الى لواء المثنى المنتشر غرب بغداد بتوزيع عناصره على بعض نقاط التفتيش المنتشرة في العاصمة. وذكرت مصادر مطلعة ان «الاجتماع ركز على استرتيجية تنفيذ الهجمات الارهابية الاخيرة». وأوضحت ان «التطورات الاخيرة في تكتيكات التنظيمات المسلحة التي وسعت نطاق هجماتها خارج ما كان متعارفاً عليه جاء لينسف الانجازات الامنية التي حققتها اجهزتنا الاستخبارية والعسكرية في ضرب اوكار الارهاب». وتابعت ان «الاجتماع استمر لساعة متأخرة من مساء اول من امس وأعاد توزيع الادوار بين القيادات والاجهزة الامنية بما يتناسب وتطورات المرحلة بعد التنسيق مع الجانب الاميركي في تأمين بعض مستلزمات العمل الأمني». وأضافت «وضعنا خطة جديدة لضبط امن البلاد عموماً وبغداد خصوصاً بناء على معطيات التفجيرات الاخيرة التي كشفت عن تمدد خطير لخلايا الارهاب في مناطق لم تكن ضمن خريطة الاماكن المستهدفة بكثافة سابقاً مثل البصرة وواسط وبابل». وتابعت «تم الايعاز الى القيادات المشرفة على لواء المثنى في غرب بغداد بتوزيع عناصر اللواء على بعض نقاط التفتيش المنتشرة في بغداد كونهم يتقنون مهارات قتالية كما يجيدون حرب الشوارع تحسباً لتكرار عمليات مهاجمة حواجز التفتيش في شكل مباشر». وقتل 110 أشخاص على الاقل وأصيب المئات الاثنين في سلسلة من الهجمات في انحاء مختلفة في العراق، قدرتها مصادر امنية بنحو ستين هجوماً، 11 منها استهدفت حواجز امنية في بغداد، لكن اعنفها الهجوم الذي وقع في مدينة الحلة الذي نفذ بسيارتين مفخختين وانتحاري وأسفر عن مقتل 53 شخصاً وعشرات الجرحى. واستخدم المسلحون اسلحة خفيفة ومسدسات كاتمة للصوت إضافة الى سيارات مفخخة وعبوات ناسفة في هجمات امتدت من بغداد الى محافظات بابل وواسط والبصرة والانبار والموصل. وكانت قيادة عمليات بغداد أعلنت في بيان اعتقال 3 مسلحين حاولوا الاعتداء على نقطة تفتيش في منطقة الحارثية قرب البوابة الغربية ل «المنطقة الخضراء». وأضاف البيان ان «عناصر الشرطة اشتبكوا مع المسلحين الذين حاولوا الفرار، ولكن تمت محاصرتهم والقبض عليهم». وأكد «ضبط اسلحة كاتمة للصوت بحوزتهم». وقال اللواء محمد العسكري الناطق باسم وزارة الدفاع العراقية ان اعتداءات الاثنين الدامي «تحمل بصمات القاعدة، وهي نتيجة الضربات التي تعرض لها التنظيم في الآونة الاخيرة من خلال قتل واعتقال رموزه». يذكر ان الاعتداءات جاءت بعد ثلاثة اسابيع على مقتل زعيم «القاعدة» في العراق ابو عمر البغدادي ومساعده العسكري ابو ايوب المصري، إضافة الى اعتقال رموز أخرى من التنظيم. وأضاف العسكري انه «من الطبيعي ان تنفذ (القاعدة) اكثر من هجوم بمدن مختلفة ومواقع واهداف ومعامل مؤمنة لايصال رسائل اننا نستطيع ان ننفذ عمليات في آن واحد وبمدن متعددة». وتابع ان «الهدف من هذه العمليات منع القوات الأمنية من المبادرة في ملاحقة الارهابيين، ومحاولة تشتيت جهود الاجهزة الامنية وممارسة الضغوط عليها واعادتها للخطوط الدفاعية». من جهته اكد عبد الكريم ذرب رئيس غرفة العمليات في مجلس محافظة بغداد ل «الحياة» ان «الجهاز الاستخباري يبذل جهوداً استثنائية في عملية الاستقصاء والتحري عن بعض المطلوبين وقد اثمرت جهوده عن اعتقال الكثير منهم». الى ذلك نقلت «فرانس برس» عن اللواء حسين علي كمال وكيل وزير الداخلية لشؤون الاستخبارات ان ما حدث «تقصير بالأداء». وأوضح في تصريح لصحيفة «البيان» المقربة من رئيس الوزراء نوري المالكي ان «ما حدث الاثنين هو نتيجة خرق امني بسبب ضعف اجراءات التفتيش في النقاط الامنية المنتشرة في بغداد بخاصة والعراق بعامة». واكد انه «سيتم محاسبة القيادات الامنية التي وقعت فيها العمليات الارهابية لمعرفة مدى التقصير». بدوره، أعلن الناطق باسم الحكومة العراقية علي الدباغ ان «القاعدة تهدف من خلال هذه العمليات الى ارباك الوضع السياسي والامني خصوصاً خلال الفترة الحرجة التي تمر بها البلاد المتمثلة بتشكيل الحكومة العراقية». من جانبه قال نائب قائد القوات الاميركية في العراق الجنرال مايكل باربيرو في تصريحات صحافية إن بناء سور امني حول بغداد سيساعد قوات الامن العراقية في ضبط المتفجرات بصورة كبيرة، كاشفاً عن استقدام حلف الناتو مجموعة مدربين من اسبانيا لتدريب القوات البرية العراقية. ونقلت «فرانس برس» عن مصدر امني في محافظة ذي قار ان «معلومات استخباراتية وردت للاجهزة قبل اسبوعين تؤكد تعرض المحافظات الجنوبية الى اعمال ارهابية منظمة». وأعلنت قيادة شرطة ذي قار فرض حظر شامل للتجول في عموم المحافظة كإجراء احترازي، فيما اتخذت المحافظات الجنوبية اجراءات امنية مشددة تحسباً لتعرضها الى هجمات مماثلة. الى ذلك دانت رئاسة اقليم كردستان «التفجيرات الارهابية الدامية»، وعبرت في بيان عن «القلق الكبير من ارتفاع وتيرة الهجمات الارهابية وحملات الاغتيالات التي تحصد كل يوم العشرات من الأرواح البريئة». كما أعلنت الولاياتالمتحدة ان هذه الاعتداءات التي شهدها العراق تشكل «محاولة اخيرة» من اعداء التقدم لزرع البلبلة في البلاد.