توحي معلومات مصدرها مؤتمر مراجعة معاهدة حظر الانتشار النووي بنيويورك أن ثمة مؤامرة خطيرة، تخطط لها الولاياتالمتحدة وحلفاؤها، على العالم الاسلامي. وهي ترمي الى الاعتراف بالكيان الصهيوني وإنشاء دولة فلسطينية علي مساحة جغرافية محدودة في قطاع غزة والضفة الغربية تحت الوصاية الاسرائيلية. وجليّ ان الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي لم تلتزم بنود معاهدة حظر الانتشار. وخير دليل على ذلك هو حيازة الهند وباكستان وكوريا الشمالية والكيان الصهيوني على السلاح الذريّ. وابتزت الدول الخمس الكبرى، الدول التي سعت في الحصول علي التقنية النووية المدنية، شأن الجمهورية الاسلامية الايرانية. وعارضت مناقشة اقتراح انضمام اسرائيل الى معاهدة الحظر النووي في اجتماعات البحث في بنود هذه المعاهد. ولم تلق دعوات الدول العربية الى التزام اسرائيل معاهدة حظر الانتشار آذاناً صاغية. ولكن الجمهورية الاسلامية الايرانية، وهي تدعو الى نزع السلاح النووي، ترفض انضمام الكيان غير الشرعي هذا الى المعاهدة. فمثل هذه الخطوة تمنح الكيان شرعية قانونية دولية. وترى الدول العربية ان قيام «شرق اوسط خالٍ من السلاح النووي» يحول دونه حيازة اسرائيل نحو 300 رأس نووي، بينما تعتبر الولاياتالمتحدة وحلفاؤها ان اسرائيل تحتاج الى مثل هذه الاسلحة للحفاظ على امنها القومي، وتهمل حقيقة ان الكيان الصهيوني غاصب، ويحتل اراضي الشعب الفلسطيني احتلالاً وحشياً. وكانت المفاجأة حين وافقت الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا، قبل يومين من مؤتمر نيويورك، على الاقتراح العربي انضمام اسرائيل الى معاهدة حظر الانتشار، على رغم امتناع اسرائيل من المشاركة في الاجتماع تحاشياً لاعتراض بعض الدول على امتلاكها رؤوساً نووية. وأعلنت اسرائيل ترحيبها بالمصادقة على معاهدة حظر الانتشار النووي. ولكنها رهنت المبادرة اليها بترسيم الحدود مع دول المنطقة، أي باعتراف الدول العربية بحدود اسرائيل، وارساء السلام الدائم. والمناورة الاسرائيلية ترمي الى حمل العرب على قبول المطالب الاسرائيلية وبنود اجتماع انابوليس المذلة. ويبدو أن روسيا والصين تؤيدان انضمام إسرائيل الى معاهد حظر الانتشار. والمشكلة التي يقر الأميركيون بها هي تطبيع الرأي العام الإسلامي. وهذا يتأثر بآراء ايران ومواقفها، وعلى الخصوص غداة حربي «حزب الله» و «حماس» مع إسرائيل. وثمة، في المقابل، مسائل منها: 1) يظهر واضحاً ان المشروع إنما يريد تحقيق الاحلام الاسرائيلية بالاعتراف بإسرائيل وبحدودها، على أيسر الوجوه. 2) تزامن طرح المشروع مع بدء المبعوث الاميركي جورج ميتشل مساعيه لاستئناف المفاوضات بين الجانبين، الاسرائيلي والفلسطيني على قاعدة محاور مؤتمر انابوليس. وأعلنت «حماس» رفضها التزام ما تتمخض عنه المفاوضات. ومحمود عباس، مفاوض أنابوليس، ينتمي الى أصول إيرانية، وهو من أحفاد عباس أفندي، أحد زعماء الطائفة البهائية الصهيونية. 3) تسعى الدوائر الأميركية والصهيونية في تسويق رأي يزعم أن توقيع إسرائيل معاهدة حظر الانتشار هو منحة تشتري بها إسرائيل الاعتراف بها من الدول العربية. 4) وتعاطى محللون سذج وبعض الخبراء مع الخطوة الأميركية الشيطانية على أنها تقدمة من الولاياتالمتحدة. ونحن ننتظر من الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وهي ترفع لواء مواجهة إسرائيل ودعم الشعب الفلسطيني، بياناً يفضح المؤامرة، ويمتحن صدق مواجهة الدول الإسلامية إسرائيل. وبناء عليه، نذكر بالشعار الاسرائيلي الذي رفعته حركة الفتنة، «لا غزة ولا لبنان، ارواحنا فداء لإيران»، ونقول ان الشعب الفلسطيني المظلوم يواجه اسرائيل نيابة عن جميع الشعوب الاسلامية كلها، ويدافع عن أمن الشعوب القومي، بينما تعيش اسرائيل – على قول ممثل الكيان الصهيوني في منظمة الاممالمتحدة – احرج ظروف تاريخها منذ تأسيسها. * رئيس تحرير الصحيفة، عن «كيهان» الايرانية، 10/5/2010، اعداد محمد صالح صدقيان