بعد شهر من بدء تنفيذ قرار «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (أونروا) خفض المساعدات الطبية المقدمة للاجئين الفلسطينيين في لبنان، رفض مستشفى لبناني تسليم ثلاثة توائم حديثي الولادة لعائلتهم الفلسطينية من مخيم الرشيدية، بسبب عدم قدرة الأب على دفع المترتب عليه من كلفة إنجابهم. وذكرت مواقع إعلامية لبنانية أن «الأطفال قاسم ولانا ولين الذين لا ذنب لهم غير أنّهم ولدوا مهَجرين، ظلّوا رهائن في مستشفى لبنان الإيطالي، حتى يحضر أبوهم مبلغ 400 دولار»، إذ لم تعد «أونروا» مسؤولة عن تغطية عمليات الولادة بالكامل للاجئات في لبنان منذ بداية كانون الثاني (يناير) الماضي. وكانت «أونروا» قررت بداية العام الجاري تقليص الدعم الصحي للاجئين الفلسطينيين في لبنان، وأجبرتهم على دفع نسبة تتراوح بين 20 و40 في المئة من فاتورة علاجهم في بعض المستشفيات الخاصة، و15 في المئة في المستشفيات الحكومية، و5 في المئة في مستشفيات الهلال الأحمر الفلسطيني. ووضعت المؤسسة شروطاً جديدة لتغطية النفقات تضمنت ضرورة التوجه أولا إلى مستشفيات «الهلال الأحمر الفلسطيني»، وإذا تعذر وجود العلاج فيها يتم تحويل المريض إلى المستشفيات الحكومية، وإذا تعذر علاجه أيضاً فيها، يمكن تحويله إلى المستشفيات الخاصة. وانتقد مفوض اللاجئين الفلسطينيين في «منظمة التحرير الفلسطينية»، زكريا الآغا، القرار الذي رأى «أنه سيحمل اللاجئ في لبنان أعباء إضافية قد لا تمكنه من استكمال علاجه، ما سينعكس سلباً على حياة المرضى». واعتبرت «المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان» (شاهد) أن القرار الجديد سيؤثر سلباً على الوضع الصحي للاجئين الفلسطينيين، فبالإضافة إلى الأعباء المالية التي سيتكبدها اللاجئ، ستزيد عملية التنقل بين المستشفيات من معاناته إذ قد تطيل وقت العلاج ما سيزيد حال المريض سوءاً. وأشارت المؤسسة إلى ان القرار قلّل عدد العمليات الباردة (غير المستعجلة) المسموح بها لكل منطقة خلال الشهر الواحد، ما يعني زيادة معاناة المرضى الذين ينتظرون دورهم لإجراء العملية، بالإضافة الى تحديد سقف تغطية المصابين بأمراض خطرة بخمسة آلاف دولار تصرف على مدار 12 يوماً فقط، بعدما كانت ثماينة آلاف دولار، مشيرة إلى أن هذا القرار سيتسبب في خروج مرضى من المستشفيات دون إستيفاء مدة علاجهم. وطالبت جهات فلسطينية عدة «اونروا» بالتراجع عن القرار، واعتبر الآغا أن «القرار مخالف لم هو متفق عليه دولياً، وأن سد العجز في ميزانية المؤسسة يجب حله عبر توسيع قاعدة المانحين واللجوء إلى الأممالمتحدة، دون تحميل اللاجئين الفلسطينيين النتائج»، فيما طالب سفير فلسطين في لبنان، أشرف دبور «أونروا» بوقف العمل بالقانون الجديد. وعلى المستوى الشعبي، احتج فلسطينيون في لبنان على القرار، عبر إغلاق المدخلين الرئيسين الشرقي والغربي لمكتب «أونروا» في بيروت. وشارك في الاحتجاج ممثلو الفصائل الفلسطينية كافة، وقال أمين سر حركة «فتح» وفصائل «منظمة التحرير الفلسطينية» في لبنان، سمير أبو عفش، إن «القرار سيزيد من معاناة اللاجئ الفلسطيني في لبنان الذي يعاني أصلاً»، مذكراً بأن «الفلسطيني في لبنان محروم من ممارسة 72 مهنة، ويعيش حياة صعبة». أما مسؤول إعلام حركة «حماس» في البلاد، رأفت مره، فقال إن الاحتجاجات الفلسطينية ستتواصل ضد القرار الذي سيدمر «الحياة الإنسانية والاجتماعية للاجئين الفلسطينيين، وسيؤدي إلى الإخلال بالأمنين الاقتصادي والاجتماعي لهم». وقالت اللجان الشعبية الفلسطينية في لبنان إن «برنامج التقليصات الصحية... سيجعل من كل فلسطيني في لبنان متسولاً على أبواب المساجد وعند مداخل المستشفيات، يجمع ثمن طبابته وعلاجه قبل مرضه».