نجحت العقوبات المفروضة من الغرب على إيران في تكبيل قطاعها النفطي أربع سنوات، ومنعها من تصدير نحو مليون برميل يومياً حتى هذه السنة. ومع رفع العقوبات الرئيسة، سيصبح النفط الإيراني متوافراً في السوق، ولكن حتى الآن ليس من الواضح مستوى وتيرته وحجمه، ولكن الزيادة ستكون أقل من المتوقع. وأشار الخبير الاقتصادي في شركة «آسيا للاستثمار» كميل عقاد في تقرير إلى أن «بعض المسؤولين الإيرانيين عبروا عن رغبتهم في زيادة صادراتهم من النفط الخام بمعدل 500 ألف برميل يومياً، على أن تتبعه زيادة بالمقدار ذاته نهاية العام الحالي». ولفت إلى أن «إيران قادرة على إنتاج النفط المطلوب للوصول إلى تلك الأهداف لأسباب عدة، أبرزها أن مخزونها من النفط الخام يبلغ نحو 20 مليون برميل، وفقاً لإدارة معلومات الطاقة الأميركية والوكالة الدولية للطاقة، نصفه مخزن في صهاريج بانتظار الشحن، ويعادل هذا المخزون إنتاج نصف مليون برميل يومياً على مدار 40 يوماً». وأشار إلى أن «إيران تتأثر بالضغوط التي تمارسها منظمة أوبك بسبب إستراتيجيتها الحالية الرامية إلى الحفاظ على حصتها السوقية، ويبقى إمكان صدور قرار مشترك من أوبك بخفض الإنتاج ضعيفة أيضاً بسبب التوترات المتصاعدة بين إيران والسعودية». وأكد أن «بموجب الاتفاق مع الغرب، سيُرفع تجميد الأصول الإيرانية التي تقدر قيمتها بما بين 10 و20 بليون دولار سنوياً حتى عام 2020، وهذه الأموال ستُستخدم في استثمارات ملحة في القطاع». وأوضح عقاد أن «إيران حسّنت الشروط أمام الشركات الأجنبية الراغبة بالاستثمار في البلاد، كما استبدلت عملية التعاقد على إعادة الشراء والتي أصبحت قديمة، باتفاق جديد سيتيح للشركات الجديدة توقيع اتفاقات ذات أجل بعيد، مع قدر أقل من الأخطار في صفقات قد لا تشترط على المقاول رفع يده عن العمل في حقل النفط عند الانتهاء من المشروع». وسيكشف مؤتمر يعقد في شباط (فبراير) المقبل في لندن، عن تفاصيل إضافية، إذ ينوي مسؤولون إيرانيون كشف النقاب عن عدد من مشاريع النفط والغاز في بلدهم. ورأى عقاد أن «خطط إيران قد لا تتجسد على أرض الواقع. فعلى صعيد الطلب، يساهم تراجع النشاط الاقتصادي الصيني في هبوط الأسواق الناشئة، ويُتوقع أن يضعف الطلب العالمي على النفط هذه السنة، إذ ترجح الوكالة الدولية للطاقة ومنظمة أوبك أن يتراجع استهلاك النفط. أما على صعيد العرض، فستواجه إيران صعوبات أيضاً، إذ تبقى رهن عدد من القيود، أبرزها منعها من التعامل بالدولار، وإبرام أي صفقة مع الحرس الثوري الإيراني الذي يهيمن بقوة على قطاع الطاقة، واستخدام التكنولوجيا الأميركية». ولفت إلى أن «العقوبات زادت من سوء البنية التحتية للقطاع النفطي الإيراني، ما يستدعي استثمارات ضخمة في هذه الصناعة. ويزعم الإيرانيون أن القطاع بحاجة إلى استثمار 100 بليون دولار لعودة الإنتاج إلى مستوياته السابقة قبل فرض العقوبات، مقارنة بتقديرات غربية تقول أن إيران تحتاج 300 بليون دولار، وإلى استثمارات شركات النفط الدولية لتطوير تكنولوجيا التنقيب عن النفط وإنتاجه. ومع ذلك، وبسبب تدني مستوى أسعار الطاقة للعام الثاني، تتعرض أرباح شركات الطاقة لانخفاض سريع، ما يجبرها على خفض نفقاتها الرأسمالية في المدى القريب. وأوضح عقاد أن «الوكالة الدولية للطاقة تتوقع أن تزيد إيران، بمساعدة الاستثمارات الأجنبية، طاقتها الإنتاجية إلى 4 ملايين برميل يومياً بحلول عام 2020، إلا أن الوضع الراهن وتراجع أسعار النفط، والاضطرابات الجيوسياسية ونتيجة الانتخابات الرئاسية الأميركية، قد تؤثر في سرعة دخول الاستثمارات الأجنبية إلى البلاد». وعلى رغم رفع العقوبات، إلا أن الرهان الأفضل لإيران هو على القوى الآسيوية، التي لم تتوقف عن الأنشطة التجارية في البلاد، إذ حافظت الصين والهند على علاقاتهما التجارية القوية مع إيران، ويُتوقع أن تنتج الاستثمارات الصينية في الصناعة النفطية الإيرانية خلال السنوات الماضية 200 ألف برميل نفط إضافي يومياً بحلول عام 2017.