20 ساعة من التغطيات التلفزيونية المتواصلة للانتخابات البريطانية تنتظر مشاهدي قنوات «بي بي سي» وحدها، اليوم، هذا عدا القنوات التجارية البريطانية الأخرى التي لا تريد ان تظهر وكأنها غير مبالية بالانتخابات البرلمانية، إذ سيكون لها هي الأخرى برامجها المباشرة والمسجلة، وستعرض مثل المحطات الأخرى، لقاءات مع نجوم بريطانيا التلفزيونيين الحاليين: غوردن براون رئيس الوزراء البريطاني الذي يريد أن يحتفظ لحزب العمال برئاسة الحكومة لسنوات خمس مقبلة. وينافسه ديفيد كاميرون رئيس حزب المحافظين، والمنافس المفاجأة نك كليغ، رئيس حزب الليبراليين الديموقراطيين الذي خطف قلوب كثر من البريطانيين بآدائه القوي في المناظرات واللقاءات التلفزيونية التي عرضت على عدة قنوات تلفزيونية بريطانية. هذا الاهتمام التلفزيوني الكبير بالانتخابات، كان قد انطلق فعلياً، مع أول مناظرة تلفزيونية في الخامس عشر من نيسان (ابريل) على قناة «اي تي في» التي نجحت في جذب حوالى 9 ملايين ونصف مليون بريطاني، في سابقة لأية تغطية تلفزيونية سياسية بريطانية خلال السنوات العشرين الاخيرة. فليلة الانتخابات الاخيرة عام 2005، تابعها 2.38 مليون مشاهد، ولم تتجاوز التغطيات التلفزيونية لتنحي رئيس الوزارء السابق توني بلير عام 2007، وتنصيب الرئيس الاميركي باراك اوباما عام 2008، الستة ملايين مشاهد لكل منهما. واذا كانت المناظرات التلفزيونية الاخيرة حظيت بعدد المشاهدين الاكبر، إلا ان برامج القنوات التلفزيونية البريطانية السياسية، جذبت جمهوراً أكبر من الذي اعتادته هذه البرامج. كذلك نجحت البرامج الخاصة والتي عرضت على شاشات قنوات «بي بي سي» مثلاً، وتطرقت الى سياسات المرشحين حول قضايا معينة، مثل الشباب والنساء والمهاجرين، في جذب الجمهور. وكما يبدو فإن الخطوط العامة لسياسات الأحزاب لم تعد تكفي المشاهد الذي يرغب في معرفة المزيد عن الخطط الضريبية، والسياسات الخارجية لبريطانيا، وعلاقتها بأوروبا وأميركا والشرق الاوسط. هذا الاهتمام الشعبي بالانتخابات لا يعود فقط الى أهميتها الكبيرة، وما يمكن ان تمثله من نهاية حقبة حكم العمال البريطانيين، وسجلهم في السنوات العشر الاخيرة، ودورهم في حرب العراق وافغانستان، وما يقال عن توق البريطانيين لفترة حكم جديدة... بل يرتبط ايضا، بالجودة التي تقدم بها هذه البرامج، والتي عليها ان تنافس برامج المحطات المنافسة العادية أو السياسية للحصول على اهتمام المشاهد. كذلك غيّرت برامج تلفزيون الواقع في السنوات العشر الاخيرة، وبخاصة برامج البحث عن المواهب، من توقعات المشاهدين من أي شخص يقف أمام لجان تحكيم. فالسياسيون الذين وقفوا أمام الجمهور في تلك المناظرت التلفزيونية ليجيبوا على أسئلة مقدمي البرامج، كان عليهم ان «يبتكروا» وربما من دون وعي منهم، ذلك المناخ الذي كرّسته برامج تلفزيون الواقع! لكن هذا الاهتمام التلفزيوني بالانتخابات لم يمر من دون انتقادات صحافية، وأخرى من مشاهدين عاديين، مثل جمهور برنامج «وجهة نظر» على «بي بي سي» ممن عبّروا عن امتعاضهم من التغطيات المكررة والمكثفة للقنوات للانتخابات. وانتقدوا التكرار الذي يحصل في طرح الاسئلة على الضيوف أنفسهم، على رغم الإنهاك الواضح الذي بدا على كثر منهم، وبخاصة رؤساء الأحزاب المتنافسة الثلاثة. وقد تجلى هذا أخيراً في الخطأ الذي ارتكبه غوردن براون بانتقاده إحدى البريطانيات المؤيدات لحزبه، لاعتقاده بأنه كان بعيداً عن عيون الصحافة وشاشات الكاميرا، غافلاً ان كاميرات ومايكروفونات الاعلاميين، كانت تسجل كالعادة ومن دون كلل همسات المرشحين وحتى أنفاسهم أحياناً.