أقر البرلمان التركي في قراءة أولى، التعديلات الدستورية التي اقترحتها حكومة «حزب العدالة والتنمية» ذات الجذور الإسلامية، بعد جلسات ماراثونية استمرت 10 أيام متواصلة. لكن التعديلات المقترحة لم تحصل على غالبية ثلثي أصوات البرلمان، المطلوبة من أجل إقرار التعديلات مباشرة، إذ أقر البرلمان التعديلات بغالبية بسيطة أمنتها أصوات نواب الحزب الحاكم فقط، بعد رفض المعارضة بجميع أطيافها التصويت لمصلحة مواد التعديل. لذلك لن تُقرّ التعديلات في شكل نهائي، إلا بعد عرضها على استفتاء شعبي، لتلافي شرط غالبية ثلثي الأصوات الذي لم يتحقق في البرلمان. ويُفترض أن يجتمع البرلمان من أجل قراءة ثانية وأخيرة، في 2 أيار (مايو) المقبل، وسيحال التعديل على الاستفتاء بعد مصادقة الرئيس عبدالله غل عليه اثر القراءة الثانية. وفي المقابل، أكد رئيس «حزب الشعب الجمهوري» الأتاتوركي المعارض دنيز بايكال أنه سيطعن في التعديل قبل طرحه على الاستفتاء، معرباً عن ثقته بأن المحكمة الدستورية العليا ستلغي أهم 3 مواد من التعديلات لتعارضها مع مبدأ استقلال القضاء. وينتظر بايكال مصادقة غل، كي يقدم طعنه الى المحكمة الدستورية، وضمن تواقيع 110 نواب لهذا الغرض، اذ يتهم بايكال حكومة رجب طيب اردوغان بالسعي الى فرض سيطرتها على القضاء، من خلال تغيير تركيبة المحكمة الدستورية والمجلس الاعلى للقضاء، وابتزاز الاحزاب السياسية من خلال ربط آلية حظر الاحزاب بموافقة البرلمان، ما يجعل أي حزب معرض للحظر، تحت رحمة الغالبية البرلمانية اي الحكومة والاحزاب المشاركة في تشكيلها، وهي في هذه الحالة «حزب العدالة والتنمية». ويراهن بايكال على استصدار حكم من المحكمة الدستورية ببطلان التعديلات، قبل الاستفتاء الشعبي الذي سيُجرى بعد شهرين من مصادقة غل على مشروع التعديلات، من أجل الغاء الاستفتاء، في حين تؤكد الحكومة أنها ستمضي في مشروع الاستفتاء مهما جرى، وهذا ما قد يجعل المحكمة الدستورية تواجه الشارع مباشرة، إذ يؤكد أردوغان ان الشارع سيصوت لمصلحة قبول التعديلات التي يعتبر انها «ترتقي بمستوى الديموقراطية في تركيا». وفيما تبدو المعارضة الاتاتوركية واثقة من إبطال المحكمة التعديلات، يرى بعضهم أن الأمر سيبقى غامضاً حتى اللحظة الأخيرة، بعدما عيّن غل 3 قضاء جدداً في المحكمة الدستورية، تعتبر المعارضة انهم مقربون من الحكومة وأن آراءهم قد تؤثر في قرار المحكمة المؤلفة من 11 قاضياً. وإذا قضت المحكمة ببطلان التعديلات، تدخل تركيا مجدداً في دوامة قانونية مماثلة لتلك التي شهدتها بعد ترشيح غل للرئاسة عام 2007، لكن الحكومة تمكنت من تسوية تلك الأزمة، من خلال الاحتكام الى انتخابات مبكرة عادت بعدها أقوى الى البرلمان.