صادق الرئيس التركي عبدالله غل على تعيين هاكان فيدان مديراً للاستخبارات التركية، في خطوة مهمة تأتي في اطار دعم أنقرة لدور الاستخبارات في خدمة سياساتها الخارجية، وتحقيق انسجام أكبر بين الحكومة وأجهزة الدولة. وهاكان فيدان الذي كان يشغل منصب مساعد مستشار رئيس الوزراء، وجه معروف على الساحة التركية وتولى متابعة ملف الامن النووي أخيراً، وكان أحد 3 أشخاص تولوا إدارة عملية المفاوضات السرية غير المباشرة بين سورية وإسرائيل، والتي بدأت العام 2007 بعدما مهّد لها غل حين كان وزيراً للخارجية. وفيدان من الشخصيات التي اعتمد عليها رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان ووزير الخارجية احمد داود اوغلو، في عمليات التنسيق والمفاوضات في عدد من الملفات الأمنية الخارجية، منها ما يتعلق بالشأن الفلسطيني الداخلي وحركة «حماس» والملف الإيراني. ويجمع فيدان بين مهارات وخبرات عدة، إذ عمل ضابطاً في الجيش لمدة 15 سنة، قبل أن يترك المؤسسة العسكرية وينتقل الى الميدان الأكاديمي حيث حصل على إجازة في العلوم السياسية من جامعة ميريلاند والدكتوراه من جامعة بلكنت التركية. وكان بحثه لرسالة الماجستير بعنوان «دور الاستخبارات في السياسة الخارجية»، فيما ركزت رسالته للدكتوراه على دور التطور التكنولوجي للمعلومات في الديبلوماسية الخارجية. كما عمل فيدان رئيساً لادارة التنمية والتعاون التركية، المعروفة اختصاراً باسم «تيكا»، والتي اكتسبت شهرتها إقليمياً من خلال مؤسسات الدعم التي تقيمها في افغانستان وفلسطين وأماكن عدة في العالم، حيث تتابع مشاريع تنمية تركية عدة. مجمل هذه الخبرات الأكاديمية والعملية، ترشح الاستخبارات التركية التي سيرأسها فيدان، لأداء دور أكبر على الساحة الخارجية، في اطار دعم سياسة تركيا الخارجية الآخذة في التوسع على الارض، خصوصاً أن الجهاز كان يواجه انتقادات داخلية تتهمه بالضعف خارج حدود تركيا، ناهيك عن فشله في السابق في القيام بعمليات على الارض خارج حدود تركيا. ويُعتقد أن فيدان سيؤدي دوراً مهماً في منصبه الجديد على صعيد تسوية القضية الكردية في تركيا، خصوصاً أن المدير السابق للاستخبارات أمره طانر الذي سيبقى في منصبه 6 شهور أخيرة، كان مهّد لتسوية هذه القضية، لكن مشروعه بقي مبتوراً لأسباب سياسية داخلية. وفيما حافظت حكومة اردوغان على التقليد المتبع في تعيين مدير الجهاز، بأن يكون صاحب خبرة أمنية او عسكرية، يتوقع اردوغان تنسيقاً أكبر مع الاستخبارات، في ظل وجود رجله القوي الذي يثق به هناك، خصوصاً أن حكومة «حزب العدالة والتنمية» ما زالت تواجه تهديدات داخلية كثيرة، أهمها سيناريوات الانقلابات العسكرية.