روت زوجة أحد الأشخاص في مدينة جدة السعودية قصة أغرب من الخيال، بعثت بها إلى صفحة «قانون» عبر مستشار الصفحة المحامي ريان مفتي، وجاء فيها: أنا ربة منزل، متزوجة من مدرس شاب وعندي ولد وبنت وحاصلة على معهد عال منذ سنوات عدة منذ أشهر بدأت ألاحظ شروداً وحالة غريبة لم أعهدها على زوجي من قبل، فهو على رغم ظروفه المادية الصعبة مقبل على الحياة بطبعه وعنده دائماً أمل في الله، وهو بطبعه أيضاً شديد الحنان على أسرته سواء أنا أو الطفلان الصغيران اللذان يعتبرهما كل حياته. المهم أنني بدأت ألاحظ عليه أشياء غريبة وغير طبيعية ولا معهودة منه فهو دائم الشرود والصمت يقضي معظم الليل مستيقظاً، أفاجأ به أحياناً جالساً بمفرده يبكي وعندما أجزع وأصاب بالرعب عليه يتحجج لي بأنه تذكر والدته، التي كانت كل حياته وعلى رغم أنني منذ تزوجته من خمس سنوات أراه دائماً يبكي أمه تلك التي يقر الجميع بأنها كانت نموذجاً نادراً للحنان والرحمة والتقوى إلا أنني كنت أشك في أن يكون ذلك سر بكائه ولولا أنني أعرفه جيداً لظننت أن في الأمر علاقات نسائية ولكنه ليس من هذا النوع من الرجال أبداً وهو شديد التقوى والخوف من الله. ومع مرور الأيام سيطر علي إحساس مرير بحدوث كارثة محققة والمشكلة أنه بطبعه كتوم وأنا لا أعرف أي شيء عنه واستقر في يقيني ضرورة حدوث مصيبة وتخيلت أنه ربما يكون قد أصيب بمرض مزمن أدى إلى مروره بهذه الحالة النفسية البشعة وامتلأت نفسي بالخوف عليه وعلى الولدين وأحسست بالشؤم مقبلاً ليهدم حياتنا التي كانت على رغم صعوبتها هانئة، كنت أقضي الليالي الطويلة بين قدميه أتوسل إليه أن يصارحني بالحقيقة من دون فائدة، وبدأت تصله عند الجيران تلفونات غامضة لا أعرف أي شيء عن أصحابها، ثم تأكدت من حدوث الكارثة عندما عرفت بالصدفة أنه يتغيب كثيراً عن عمله، على رغم أنه يعشق التدريس، وكل يوم يخرج من المنزل ليقضي معظم اليوم في الخارج وهكذا تأكدت أن هذه الأسرة الصغيرة على وشك الضياع وفشلت كل محاولاتي في إقناعه بمصارحتي بما حدث ولم تجد دموعي وتوسلاتي نفعاً. تحول زوجي لإنسان غريب عني لا أعرفه، حتى فوجئت في إحدى الليالي أثناء بحثي عن شيء تحت المرتبة (وكان نائماً) بأوراق خبأها حتى لا أراها، وعلى رغم أنني ضعيفة جداً في الإنكليزية إلا أنه كان من السهل أن أدرك أن هذه الأوراق صادرة عن معمل تحاليل بالقاهرة، وشعرت بالفزع وأيقنت أن شكوكي حول إصابته بالمرض كانت صحيحة وأشفقت عليه وعلى نفسي وعلى أطفاله، وعلى رغم كل ذلك وعلى رغم أنني قضيت تلك الليلة مستيقظة أبكي وأنتحب إلا أنني لم أصارحه باكتشافي أمر هذه الأوراق، وعندما خرج كعادته في صباح اليوم التالي أسرعت بالخروج متجهة إلى الصيدلية الوحيدة وسألت الأخ الواقف هناك عن هذه التحاليل فقال إنها تحاليل خاصة بالكلى، وعدت إلى المنزل وأنا أشعر بالشلل في كل حواسي. كنت أسأل نفسي عن حقيقة مرض زوجي ولماذا يصر على إخفائه عني وكيف سيعالج نفسه وهو الذي لا يملك من حطام الدنيا شيئاً وراتبه (وهو مصدر دخله الوحيد) محول على البنك لحصوله على قرض زوج به أخته. إنني منذ تزوجته وأنا ألاحظ عليه أنه يرفض بإصرار الذهاب إلى الطبيب مهما كانت حالته الصحية سيئة اذ يعاني من خلل هرموني غريب أدى لزيادة مطردة وغير مفهومة في الوزن على رغم أنه مقل جداً في الأكل وعلى رغم أن كل المحيطين به نصحوه مراراً بمراجعة الطبيب خوفاً على حياته إلا أن كل هذه المحاولات باءت بالفشل وكنت اعتقد أن رفضه الذهاب إلى الطبيب يعود إلى بخله لكنني اكتشفت أنه يضن على نفسه بقيمة الكشف ويتحمل الألم مهما كان قاسياً في حين أنه لا يتأخر أبداً عن الذهاب بي أو بأطفاله إلى الطبيب إذا ما أحسسنا بأي عارض بسيط. كل هذه الخواطر جالت برأسي وترددت هل أصارحه بما رأيته من أوراق أم لا وقررت عدم إخباره ومكالمة صديقه المقرب إليه لكي يستطلع الخبر، وقبل أن أصارح صديقه وصلتني المكالمة المشئومة في عصر أحد الأيام، إذ فوجئت بجارتي تناديني لأرد على التلفون، واعتقدت أنها والدتي وسارعت لأرد على التلفون، وبمجرد سماع صوت محدثي ذهلت، إذ كان صوتاً رجولياً لم أسمعه من قبل، فسألته من حضرتك، فرفض إخباري باسمه، غير أنه قال لي كلاماً كان كابوساً مؤلماً لم أتخيله في حياتي، ويعلم الله كنت أتمنى الموت ألف مرة قبل أن أسمع ما قاله، لقد قال لي إنه من القاهرة وإنه يتصل بي لكي يخلص ذمته من ربنا، حيث قال لي إنه نشر إعلاناً في إحدى الصحف يطلب فيه متبرعاً بالكلية فصيلة دمه، وفوجئ بزوجي منذ ما يقارب من الشهرين يتصل به ليخبره برغبته في التبرع بالكلية وحددوا موعداً، وفي القاهرة وافق زوجي على التبرع بعد أن يجري التحاليل اللازمة نظير 18 ألف جنيه، إلا أن المذهل كما حكى لي هذا الشخص أنه فوجئ بزوجي يعرض عليه عرضاً عجيباً لا يخطر على عقل إنسان. عرض عليه زوجي أن يبيع له الكليتين ،لا حول ولا قوة إلا بالله، نعم والله عرض الكليتين للبيع، إلا أن هذا الشخص (وقد أحسست فيه بالنبل) استبشع الفكرة وعنفه ونهره بشدة، وقال له كيف تطلب ذلك؟ أليست لك أسرة؟ أليس لك أبناء؟ وكيف تقدم على الانتحار نظير المال؟ وماذا ستفعل لك ملايين الدنيا في قبرك؟ وهل يغني المال أطفالك عن أبيهم؟ المهم أن زوجي ألح عليه في مساعدته في الوصول لأي من أعضاء مافيا تجارة الأعضاء البشريين الذين من الممكن أن يقبلوا عرضه، إلا أن هذا الكلام البشع جعل هذا الرجل يتراجع عن قبول حتى الكلية التي تفاوض معه بشأنها، ولكنه أخذ منه أقرب رقم تلفون له، موحياً له بأنه سيفكر ويرد عليه، ثم اتصل بي ليحكي لي ما حدث. كنت أتمنى في هذه اللحظة أن أموت وقررت أن أواجه زوجي بكل شيء حتى لو طلقني في المساء، وبعد نوم الأولاد صارحته بكل شيء وأنا منهارة لا أشعر بما حولي، وبينما كنت أحاول إخراج زوجي من صمته وإجباره على مصارحتي بالحقيقة، فوجئت به تنتابه نوبة غريبة أشبه بالصرع وظل يتقلب في الأرض وهو يبكي مجتهداً ألا يخرج صوتاً حتى لا يوقظ أطفاله وارتميت فوقه أحاول تهدئته، وأقرأ عليه القرآن حتى هدأ تماماً ودخل الحمام ولم تمر ثوان حتى سمعت صوت ارتطام مخيف أعقبه أنين مفجع، أسرعت إلى الحمام لأفاجأ به مُلقى على البلاط شبه غائب عن الوعي، واتضح أنه بسبب توتر أعصابه سقط على الأرض واصطدم رأسه بالحائط، وهالني تورم رأسه وتيقنت أن مكروهاً لا بد أن يكون أصابه. ظللت اصرخ حتى تجمع الجيران وحملوه إلى المستشفى واتضح أنه أصيب باشتباه في ارتجاج في المخ، ولكن الله سلمه، وبعد خروجه من المستشفى بأيام، بدأ يتماثل تماماً للشفاء، وبدأت أعصابه ترتاح وأخيراً (ولأيام معدودة) رأيت زوجي الذي عرفته وتزوجته وعاشرته لمدة خمس سنوات كاملة كان خلالها أبي وأخي وصديقي المرهف الحساس، ولكن ما زال الأرق حليفي وأشعر بأن هناك يوماً سيبيع فيه كليتيه من دون أن أعلم، وسؤالي هل من الممكن أن يتم ذلك من دون معرفتي؟ وهل هناك مستشفيات تقوم بفعل ذلك وقتل إنسان بعد إغرائه بالمال؟ فأتوسل إليكم أجيبوا على رسالتي، فأنا في أمس الحاجة لمعرفة الرد. من جانبه، رد عليهاالمحامي ريان مفتي قائلاً: «أعلم تماماً شعورك ومدى خوفك على زوجك وحبك له، فهذا يتضح من رسالتك وكلماتك، وأعلم تماماً مدى الحاجة التي تمرين بها، ومدى تأثر رب الأسرة من ذلك، ولكن قد يكون الأمر وصل بزوجك إلى التفكير في بيع أحد أعضائه من أجل المال، إلا أن الأمر ليس بهذه السهولة التي تتوقعينها، فالتبرع لا يكون إلا لكلية واحدة من المتبرع وليس أكثر، ولا بد أن تكون الحال الصحية للمتبرع جيدة، ويستطيع أن يتبرع بها، وذلك لسلامة المتبرع والمتبرع له، وهذا الأمر لا يتم إلا من خلال المستشفيات المصرح لها فقط، لذلك أطمئنك بأن الإنسان يستطيع العيش بكلية واحدة فقط من دون أن تتأثر حياته، ولكن ليس معنى ذلك أن يبادر زوجك بفعل ذلك من أجل حاجته للمال، فعليك أن تقفي بجواره، وأن تزيدي من نصحه، وأن تؤكدي عليه بأن المال لا يأتي إلا بالعمل والجهد، ورب العزة هو الرزاق، وان كان يبحث عن الرزق، فهو موجود، ولكنه يحتاج منه بعض الجهد ليصل إليه، فالإنسان لا يقنط من رحمة الله، فرحمة الله واسعة.