أثارت عملية اغتيال عميد الأسرى اللبنانيين في السجون الإسرائيلية المحرر سمير القنطار مساء أول من أمس، في غارة إسرائيلية، بحسب «حزب الله»، استهدفت بناء سكنياً من ست طبقات جنوب مدينة جرمانا بريف دمشق، إلى جانب عدد من السوريين، حالاً من الغضب الواسع بين الأحزاب الممانعة، وإدانة لبنانية وسورية وفلسطينية، في وقت رحبت إسرائيل بمقتله من دون أن تتبنى الاعتداء. ويشيع جثمان القنطار (مواليد 1961 - عبيه) اليوم بعدما أعيد جثمانه أمس، من دمشق إلى بيروت ليوارى الثرى في مدافن تابعة ل «حزب الله» في ضاحية بيروتالجنوبية. وكانت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أعلنت مقتل القنطار «جراء قصف صاروخي إرهابي معاد على بناء سكني جنوب جرمانا»، لكن الوكالة لم تتهم إسرائيل صراحة بتنفيذ الهجوم. وذكر مراسلها من جرمانا «أن البطل القنطار وعدداً من الأشخاص ارتقوا شهداء نتيجة قصف صاروخي استهدف أحد الأبنية السكنية على الأطراف الجنوبية لمدينة جرمانا». ولفت المراسل إلى «أن القصف الإرهابي الصاروخي تسبب بتدمير البناء السكني بشكل كامل». لكن «حزب الله» أعلن في بيان منفصل أنه «في العاشرة والربع من مساء السبت أغارت طائرات العدو الصهيوني على مبنى سكني في مدينة جرمانا في ريف دمشق ما أدى إلى استشهاد عميد الأسرى اللبنانيين في السجون الإسرائيلية الأسير المحرر الأخ المقاوم والمجاهد سمير القنطار وعدد من المواطنين السوريين. تغمد الله تعالى شهيدنا العزيز وجميع الشهداء برحمته الواسعة». وكان «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أكد مقتل القنطار، ووصفه بأنه «قائد المقاومة السورية لتحرير الجولان التي أسسها حزب الله منذ نحو سنتين لشن عمليات في منطقة الجولان». ولفت المرصد إلى مقتل قيادي آخر مع القنطار هو مساعده في المجموعة ذاتها ويدعى فرحان الشعلان. وذكرت محطة «الميادين» أن القنطار «كان يتردد إلى المبنى المستهدف وكان موجوداً فيه قبل 12 ساعة من القصف الصاروخي الإسرائيلي». وذكر مقربون من القنطار ل«الحياة» أن بعد إطلاقه من السجون الإسرائيلية واصل ترتيب أجواء مقاومة ضد إسرائيل من خلال تواصله مع عدد من السجناء المطلق سراحهم من السجون الإسرائيلية وهم من منطقة الجولان أو عادوا إلى الأراضي السورية. وأمضى القنطار نحو 29 سنة في سجون إسرائيل بعد اعتقاله عام 1979 خلال عملية فدائية في فلسطينالمحتلة، وحكمت المحكمة الإسرائيلية عليه بخمسة مؤبدات مضافاً إليها 47 سنة حيث اعتبرته مسؤولاً عن مقتل خمسة أشخاص وإصابة آخرين. وأفرج عنه في إطار صفقة تبادل مع «حزب الله» عام 2008. ولدى إطلاقه اُستقبل في لبنان استقبال الأبطال، وظهر مرتدياً الزي العسكري في احتفال أقامه «حزب الله» ورحب به أمينه العام السيد حسن نصرالله شخصياً. ثم تراجع ظهور القنطار علانية باستثناء خبر عن زواجه من زينب برجاوي وهي كانت مذيعة في قناة «العالم» الإيرانية الناطقة باللغة العربية وصديقة ابنة القائد العسكري لدى «حزب الله» عماد مغنية الذي اغتالته إسرائيل. وكان القنطار أورد تجربته في السجون الإسرائيلية في كتاب وثقه الكاتب الزميل حسان الزين بعنوان «قصتي»، صدرت عن دار الساقي للنشر في العام 2011. وهو كان ينتمي إلى «جبهة التحرير الفلسطينية» (أبو العباس) ومع بروز «حزب الله» في منتصف الثمانينات من القرن الماضي اعتبر القنطار أنه فكرياً أقرب إلى هذا الحزب. وكانت إسرائيل اتهمت القنطار قبل أكثر من سنة بأنه ونجل مغنية جهاد مغنية يعملان على إنشاء شبكة مقاومة في الجولان، وحين اغتالت مغنية الابن (بداية العام 2015) تردد أن القنطار كان معه وتبين لاحقاً أنه في مكان آخر. حذر على الحدود ورصدت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية الرسمية «أن حالاً من القلق والترقب سادا المنطقة الحدودية» مع فلسطين، بعد إعلان مقتل القنطار، و»أن جيش العدو رفع إلى أعلى درجات حال استنفار قواته وأبعد دورياته عن الخط الحدودي المحاذي للسياج الشائك تحسباً لأي تطورات عسكرية، وزادت القوات الدولية العاملة في جنوبلبنان (يونيفيل) من أعمال المراقبة لجانبي الحدود في ظل تكثيفها للدوريات على طول الخط الأزرق». وكان شقيق الضحية بسام القنطار أكد في تصريحات تلفزيونية أن جريمة الاغتيال انتهاك للأعراف الدولية ولن تمر من دون عقاب». وكان يتلقى التعازي في إحدى قاعات ضاحية بيروتالجنوبية من قيادات في «حزب الله» وشخصيات سياسية وحزبية وفاعليات. ترحيب إسرائيلي وفي القدسالمحتلة، نقلت وكالات الأنباء عن وزيرة العدل الإسرائيلية أيليت شيكد «إعرابها عن سعادتها لمقتل القنطار. وقالت عنه إنه «إرهابي كبير قتل طفلة بتحطيم جمجمتها (..) ومقتله نبأ سار». واعتبرت أن القنطار «واصل نشاطه الإرهابي بعد الإفراج عنه»، لكنها لفتت إلى أن «إسرائيل لم تعلن مسؤوليتها» عن استهداف المبنى السكني في جرمانا. وقال وزير البناء والإسكان الإسرائيلي يؤاف جلانت لإذاعة إسرائيل: «من الأمور الطيبة أن أشخاصاً مثل سمير القنطار لن يكونوا جزءاً من عالمنا». ونقلت «فرانس برس» عن الجنرال المتقاعد ياكوف اميدرور «أن إسرائيل بعدم إعلان مسؤوليتها تقلل من احتمال القيام بعمليات انتقامية ضدها». وقال: «إذا قام أحد بقتله فهذا نبأ سار لإسرائيل، لأنه كان يقوم بدور محوري في جهود «حزب الله» لتنفيذ عمليات جديدة من هضبة الجولان». إدانة إيرانية واعتبر الناطق باسم الخارجية الإيرانية حسين جابر أنصاري «استهداف القنطار على يد الصهاينة أحدث نماذج الإرهاب الحكومي ويشكل انتهاكاً لسيادة ووحدة أراضي دولة مستقلة وعضو في الأممالمتحدة». ووصف القنطار بأنه «رمز للمقاومة أمام الاحتلال الصهيوني». وأكد أن «ممارسات الكيان الصهيوني باتت أخطر أشكال الإرهاب الحكومي»، داعياً «المنظمات الدولية ومختلف حكومات العالم إلى استنكار هذه الممارسات». ...وسورية ودان مجلس الشعب السوري «العملية الإرهابية» و»الجريمة الإرهابية الموصوفة» التي أدت إلى مقتل القنطار. واعتبر «أن الإرهاب الذي تتعرض له سورية والمنطقة مدعوماً من قوى غربية وإقليمية إرهاب صهيوني تكفيري واحد تقوده تلك القوى وفي مقدمها كيان الاحتلال الإسرائيلي». كما دان مجلس الوزراء السوري «العملية الإرهابية». وأكد رئيسه وائل الحلقي أن دماء القنطار «التي روت تراب سورية الغالي دليل آخر على وحدة المصير بين الشعبين السوري واللبناني، واستهداف الشهيد القنطار استهداف لمحور المقاومة والصمود، ودماء الشهيد القنطار لن تذهب هدراً». وأكد وزير الإعلام عمران الزعبي ل»الإخبارية» السورية «أن جميع الشهداء من المدنيين لأن المبنى سكني والمنطقة سكنية والرحمة لهم جميعاً»، موضحاً «أن الذين يعتدون على الجيش السوري والدولة السورية هم في المحصلة عملاء لكيان الاحتلال ويخدمون المشروع الصهيوني». إدانة لبنانية واستنكر رئيس «اللقاء الديموقراطي» النيابي وليد جنبلاط «استهداف القنطار بغارة إسرائيلية في جرمانا بمعزل عن التباينات في الموقف السياسي حيال الأزمة السورية»، لافتاً إلى أن «الشهيد القنطار كرس حياته لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وأمضى عقوداً في زنزانات الاعتقال من دون أن يتراجع عن مواقفه ومبادئه، ثم خرج إلى الحرية أكثر إيماناً بالتوجهات السياسية التي عمل في سبيلها». ورأى الرئيس الأسبق اميل لحود أن «العدو الإسرائيلي يثبت مرة ثانية أن إرهاب الدولة وإرهاب التكفير هما وجهان لعملة واحدة. واستنكر النائب مروان حماده «اغتيال إسرائيل الأسير المناضل القنطار». ورأى أن ذلك «استمرار للنهج الإسرائيلي القائم على القتل والغدر والتدمير، والذي لا بد يوماً من أن يحاكم ويدان وينتقم منه». ونعى رئيس الحزب «الديموقراطي اللبناني» النائب طلال ارسلان «الشهيد المقاوم»، معتبراً انه «فخر للمقاومة ولبنان والعروبة التي آمن بها ودفع حياته من أجل قضيتها المركزية فلسطين». ودان شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن «الاستهداف الصهيوني الغادر الذي أودى بالمناضل القنطار، الذي أمضى سني حياته في مواجهة الاحتلال، وعانى في سجونه أسيراً، وقضى شهيداً بنيران حقده». ودانت حركة «أمل» في بيان «العدوان الصهيوني الآثم على سورية وأدى إلى استشهاد القنطار، إضافة إلى العديد من الشهداء والجرحى المدنيين، ما يؤكد إرهاب الدولة المنظم». وأكد الحزب «الشيوعي» أن «إيمان سمير بالمقاومة طريقاً للتحرير، هو وعي يضم الشعبين اللبنانيوالفلسطيني وسيستمر طيف هذا المقاوم مصاحباً للشعبين حتى التحرير الكامل». إدانة فلسطينية ونعى «تحالف القوى الفلسطينية» في لبنان القنطار، داعياً إلى «توحيد الصفوف لمواجهة إسرائيل». ونعته «الجبهة الديموقراطية»، معتبرة أن «هذه الجريمة تمثل قمة الإرهاب من قبل عدو اعتاد على ارتكاب مثل هذه الجرائم بحق قادة فلسطينيينولبنانيين خارج إطار المواجهات المباشرة». ونعى عضو المكتب السياسي ل»جبهة التحرير الفلسطينية» صلاح اليوسف القنطار الذي لا تختلف دماؤه عن دماء الرئيس ياسر عرفات والشيخ أحمد ياسين والقادة طلعت يعقوب وأبو العباس وسعيد اليوسف وأبطال عملية نهاريا والقافلة تطول». ودانت «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» الجريمة معتبرة أن القنطار «آمن بفكرة المقاومة وجسدها في فضائها بفلسطين منذ أن كان فتياً، وواصلها بعد التحرر من الأسر في لبنان بوجهة تحرير الجولان وفلسطين».