يلاحظ من يتابع الشاشة الصغيرة تدفق الأعمال الدرامية بغزارة خلال شهر رمضان من كلّ سنة، ولكن في سياق من فوضى البث وتداخله. ومن هنا فإن المشاهد المهتم يعيش الأسبوع الأول من الشهر "لاهثاً" للوقوف على الخريطة الصحيحة للأعمال التي تعرضها القنوات الفضائية العربية الكثيرة. أول ما توحي به تلك الفوضى هو غياب المواعيد "النهائية" للعروض الجديدة، وذلك ناتج بالطبع من تذبذب الاتفاقات بين تلك القنوات والشركات المنتجة، اذ اعتاد الجميع ان يعقدوا تفاهماتهم في الأيام القليلة التي تسبق شهر الصّوم، ما يجعل الوقوف على خريطة دقيقة أمراً عسيراً كلّ سنة، وما يجعل المشاهد يلهث ذلك اللهاث يشكو منه الجميع في كل عام. ولأن موسم الدراما التلفزيونية بات مكرّساً في شهر رمضان يصبح من المنطقي والمفيد أن يتدارك أصحاب العلاقة مثل هذه الاختلالات، بمحاولة تثبيت خريطة معروفة، نهائية ومعلنة يمكن الاستناد إليها في تتبُع مواعيد الأعمال الدرامية لانتقاء ما يرغب كلُ مشاهد في متابعته، وذلك قبل فترة من الزمن تكون كافية لتحديد الاختيارات والتوجهات وأوجه التفضيل بالنسبة الى كل مشاهد على حدة. هي مسألة تقع في صلب العملية التسويقية، والتي هي بدورها جزء مهم من الإنتاج ذاته، كي تستقيم العلاقة الطبيعية بين المنتج الإبداعي والمشاهد، المرشّح لمتابعته، والذي يملك إعادة رأس المال للمنتجين. لا نظن أنها مسألة شائكة عصيّة على التحقيق، خصوصاً حين يتعلّق الأمر بالقنوات الفضائية الكبرى، أي تلك التي عوّدتنا أن يكون لها الدور الأبرز في العروض الدرامية الجديدة، وبعضها شريك – غالباً – في العمليّة الإنتاجية، أي أن عملها يتجاوز مجرّد العرض، ما يعني ضرورة أن تقوم بجهد خاص في هذا المجال. ليست مسألة ثانوية، يمكن القفز عنها لأنها تتعلّق بتهيئة مناخ المشاهدة، واستقامة العلاقة بين الطرفين، المنتج والمستهلك، وهي محض إدارية تتطلّب قليلاً من الجهد والمتابعة ليس إلا. هي من جديد حكاية كلّ سنة، ولأنها كذلك تستحق قليلاً من الإهتمام، كي يمكن أن تتكرّس تقليداً ناجحاً يساعد المشاهد العربي على امتلاك خريطة بث واضحة بمواعيد دقيقة تنقذه من لهاث البحث العشوائي بين قنوات لا تحصى. وهو بحث يبدو في معظم الحالات مرهقاً وبنتائج قليلة، ويستغرق وقتاً طويلاً يمكن بجهد بسيط توفيره للمشاهد... ومنذ الآن إن أمكن!