ينظم مركز المخطوطات التابع لمكتبة الإسكندرية من 5 إلى 7 أيار (مايو) الجاري، مؤتمره السنوي السادس للمخطوطات، والذي استقرت الهيئة الاستشارية للمؤتمر، والتي تضم أبرز علماء المخطوطات العرب والأجانب، على أن يحمل هذا العام عنوان «النشر التراثي». وقال مدير مركز ومتحف المخطوطات في مكتبة الإسكندرية الدكتور يوسف زيدان إن المؤتمر سيعقد جلساته على مدار ثلاثة أيام بمشاركة أكثر من أربعين باحثاً عربياً وأجنبياً، فضلاً عن مشاركة كبار المتخصصين في المجالات التراثية من بينهم: الشاعر أدونيس، والعالم رشدي راشد، والدكتور نصري حامد أبو زيد، والدكتور حسن حنفي، والدكتور رضوان السيد. وأضاف أن المؤتمر سيناقش محاور عدة منها «التقنيات المعاصرة لإخراج النصوص التراثية»، و «النشر الرقمي لمتون التراث العربي وآفاق الإتاحة الإلكترونية للتراث»، و «ظاهرة تكرار نشر نصوص بعينها من التراث في العالم العربي وخارجه»، و «أثر الإقبال الأوروبي على نشر التراث اللاتيني - اليوناني في عملية النشر التراثي للمتون العربية» و «مناهج ومدارس النشر الأوروبية الخاصة بمتون التراث العربي» و «الصلة بين حركتي الاستشراق والنشر في أوروبا»، و «الدعم المعرفي الذي قدمته المطبعة للمستشرقين وقدمه المستشرقون للمطابع». وتتضمن المحاور أيضاً «أثر تراكم المخطوطات العربية في المدن الأوروبية في حركة النشر التراثي» و «هل شجعت النزعة الاستعمارية عملية النشر التراثي العربي أم كانت هناك دواع معرفية بريئة لذلك» و «مناهج النشر والتحقيق الخاصة بأوائل المطبوعات العربية في أوروبا». كما تجيب بعض الأبحاث عن أسئلة عدة، منها : «هل نظر الأوروبيون إلى التراث العربي على أنه هامش أو تذييل على التراث الأوروبي القديم الذي كان آنذاك قد اندثر أو كاد؟». وبعد ثلاثة عقود فقط على اختراع آلة الطباعة على يد الألماني يوحنا غوتنبرج صدرت عام 1480 ترجمة جيرارد الكريموني أيضا لكتاب «الأسرار في الكيمياء» للرازي، وكذلك ترجمته للقسم الجراحي من كتاب «التصريف لمن عجز عن التأليف» للزهراوي التي صدرت عام 1497 ثم ترجمته لأعمال الكندي وإخوان الصفا التي صدرت هناك عام 1507. وأضاف أن طبعات الترجمات اللاتينية لمتون التراث العربي توالت فظهرت في إيطاليا وألمانيا طبعات لترجمات مايكل سكوت (1175-1236) لأعمال ابن رشد وابن سينا وصدرت في مدينة بادوا الإيطالية عام 1477 ترجمة كتاب «النفس» لابن رشد شارحاً لأرسطو. وصدرت عام 1492 ترجمة كتاب لا نعرفه في أصوله العربية لابن سينا يشرح فيه كتاب «الحيوان» لأرسطو، كما صدرت ترجمات أخرى منها كتاب «السماء والعالم» لحنين بن اسحاق و «رسائل الكندي الفلسفية» وظهرت عام 1543 ترجمة القرآن التي قام بها روبرت تشستر الذي عاش في منتصف القرن الثاني عشر الميلادي. ورجح زيدان أن يكون أول ظهور للحرف العربي في ألمانيا عام 1486 ميلادية، إذ استخدم للمرة الأولى في كتاب برنارد فون بريدنباخ «حلة إلى الأراضي المقدسة». كما ظهرت في إسبانيا كتب معجمية احتوت على صفحات عربية ثم ظهرت في إيطاليا كتب عربية كاملة كان أولها كتاب «صلاة السواعي» وأصدرته مطبعة في مدينة فانو سنة 1514، وظهرت في ألمانيا عام 1583 الترجمة العربية لرسائل بولس الرسول وهي من نصوص العهد الجديد (الإنجيل). ولفت الانتباه إلى أن بواكير الكتب والمطبوعات ذات الحروف العربية التي صدرت في أوروبا كانت لنصوص دينية مسيحية في حين تأخر ظهور القرآن مطبوعاً في بلادنا حتى هدأت ثورة المشايخ الذين اعترضوا على طبع النص القرآني بالحبر. فالحبر حسبما كانوا يرون غير طاهر أو متلائم ولذلك لم تظهر أول طبعة أزهرية للمصحف في مصر إلا عام 1923. وقال زيدان إنه مقارنة بموقف المسلمين من طبع كتابهم المقدس (القرآن) حرصت الكنيسة الكاثوليكية الأوروبية منذ فجر الطباعة على نشر كتب الديانة وإتاحتها للجاليات العربية المسيحية في أوروبا وللمبشرين الذين نشطت أعمالهم آنذاك في بعض البلاد العربية والإسلامية فظهرت مبكراً كتب عدة منها «الأوقات السبعة القانونية للصلاة» و «الشعائر المسيحية» و «اعتقاد الأمانة الأرثوذكسية وكنيسة روما». وتخصصت مطابع أوروبية في نشر هذا النوع من الكتب. يذكر أن مركز المخطوطات في مكتبة الإسكندرية ينظم مؤتمرات دولية سنوية للمخطوطات بدأت عام 2004 بمؤتمر «المخطوطات الألفية»، أي التي مضى على نسخها ألف عام وتمثل قيمة أثرية أو تاريخية، وتبعه عام 2005 مؤتمر «المخطوطات الموقعة» التي كتبها مؤلفوها أو نسخها آخرون وأقرها المؤلفون. وعقد المؤتمر الثالث عام 2006 تحت عنوان «المخطوطات الشارحة»، والمؤتمر الرابع «المخطوطات المترجمة» 2007 والمؤتمر الخامس «المخطوطات المطوية» 2008.