لحظة سقوط الأرجنتيني ليونيل ميسي مصاباً في أيلول (سبتمبر) الماضي وضعت جماهير برشلونة وعشاق «ليو» الأيدي على القلوب خوفاً على مصير موسم «البلاوغرانا»، لكن يوماً بعد يوم ومباراة بعد أخرى كان البرازيلي نيمار جونيور يأخذ زمام الأمور على عاتقه، بل ومتفوقاً على غريم ليونيل ميسي الأول أي البرتغالي كريستيانو رونالدو. الساحر الأرجنتيني عاد خلال مباراة «الكلاسيكو» (السبت) الماضي وشارك في نصف ساعة تقريباً. لكن وكلمة حق تقال بعدما كان نيمار ومعه الأوروغوياني لويس سواريز وأندرياس أنييستا قد أكملوا المهمة بنجاح فنزل ميسي والنتيجة (3-صفر) قبل أن تنتهي المباراة برباعية نظيفة. في غياب ميسي بدل من أن يقع برشلونة في ظل ريال مدريد المدجج بالنجوم أصحاب الصفقات الخيالية فإذا بفريق لويس إنريكيه يحطم خصومه الواحد تلو الآخر، بفضل مهارات وأهداف البرازيلي الشاب الذي وصل إلى مرحلة بدأ خلالها يهدد عرش ميسي الكروي نفسه، فهو حالياً وبنسبة كبيرة ثاني أفضل لاعب في العالم خلف زميله الأرجنتيني. خلال الأشهر الثلاثة الماضية أثبت نيمار أنه من طينة الكبار وحتى في موسم 2014-2015 موسم ميسي كما يجمع النقاد، فإن عمل نيمار كان جلياً بالإسهام في تحقيق الفريق «الكاتالوني» ثلاثية الدوري والكأس ودوري أبطال أوروبا مسجلاً 39 هدفاً في 51 مباراة. على المستوى الدولي مع «السيليساو» فإن نيمار بعمر ( 23 عاماً) سجل 46 هدفاً في 67 لعبها بالقميص الأصفر، ولا يتفوّق عليه تهديفاً في الوقت الحاضر إلا الأساطير (بيليه رونالدو روماريو وزيكو). ترعرع نيمار واضعاً مواطنه روبينيو مثلاً أعلى، لكنه تفوّق عليه بإسلوب يشبه كثيراً أسلوب مواطنه رونالدينيو في أفضل أيامه مع برشلونة، نيمار يلعب على الجهة اليسرى على غرار رونالدينيو وميزتهما متشابهة بالدخول إلى عمق المنطقة بحركات فنية خادعة للمدافعين. في غياب ميسي تفجرت مواهب نيمار فسجل 14 هدفاً في 15 مباراة وصنع 55 فرصة، لكن خلال مشاركته إلى جانب ميسي الموسم الماضي لم يصنع إلا 82 فرصة فقط. في فرق أخرى النجوم قد يشعرون بالغيرة ولا يدعمون زملائهم، وهناك من يحب أن يكون النجم الأول في الفريق على غرار كريستيانو رونالدو، لكن هذا لا يحصل في برشلونة لأن ميسي أسهم إسهاماً كبيراً في تطور مستوى نيمار. تماماً كما فعل رونالدينيو مع ميسي، إذ أخذه تحت جناحه فإن الأرجنتيني قام بالشيء نفسه وبالإمكان مشاهدة تأثيره بشكل واضح على تصرفات نيمار. ميسي أكد لنيمار أن الفريق هو الأساس ويأتي أولاً، وذلك بدا جلياً حين افتتح نيمار التسجيل أمام فياريال، لكنه طلب من سواريز أن ينفذ ركلة الجزاء بعدها تعويضاً لزميله بعدما تم اختيار البرازيلي لتنفيذ الضربات الحرة في غياب ميسي. الدليل القاطع الذي يؤكد أن نيمار يتعلّم من ميسي ما حصل في مباراة كوردوبا حين ترك الأرجنتيني نيمار يسدد ركلة جزاء في الوقت الذي كان بإمكانه أن يسددها ويكمل «الهاتريك»، على عكس ريال مدريد فرونالدو يسدد ضربات الجزاء والركلات الحرة ولا يعطي الفرصة لأي زميل لتنفيذها أبداً وهنا المفارقة. للحفاظ على توازن الفريق لا يسمح للاعبين في برشلونة اللعب بحرية في الملعب باستثناء ميسي ونيمار، لكن في غياب الأول أصبح الثاني يفعل ما يشاء داخل المستطيل فمثلاً في أول موسمين له مع الفريق كانت نسبة مراوغاته (3 إلى 3.2) في المباراة الواحدة، وارتفعت إلى (4.3) هذا الموسم وهذا ببساطة يؤكد أنه قادر على مراوغة أي لاعب أو التعرض للعرقلة. في مباراة رايو فاليكانو (5-2) لم يجد الدفاع الوسيلة لإيقاف جموح البرازيلي نحو المرمى فكانت النتيجة ركلتي جزاء. ميسي مخلوق كروي غريب لا يستخدم الحيل، بل هو مثل الشبح خلال مراوغاته ويلعب كرة القدم لتسلية الجماهير في الوقت الذي يملك نيمار موهبة بالفطرة أيضاً. كرة القدم لعبة جماعية لكن لا يمكن إلا أن تستمتع الجماهير بهذه المهارات الفردية التي يملكها نيمار، الذي أثبت خلال الأشهر الثلاثة الماضية أن يستطيع تسلّم الراية كنجم أول في برشلونة. في «الكلاسيكو» تلاعب نيمار بمواطنه دانيلو كما حلال له وطاب، فيما ضرب سواريز الدفاع في مقتل وتفنن أنييستا في المراوغات والتمرير، قبل أن ينزل ميسي مؤكداً شفاءه التام من الإصابة. عودة ميسي ستعيد نيمار إلى المربع الأول جزء من الثلاثي القاتل (ميسي، نيمار وسواريز). بيب غوارديولا عرف أنه يجب بناء فريق حول ميسي، بعدما أظهر الأخير مؤشرات أنه لاعباً مختلفاً كما هو الحال الآن، ويبدو أن لويس أنريكيه وجد نفسه في الوقف نفسه الآن.