قبل أكثر من شهر اتخذ المجلس النيابي اللبناني قراراً صادقته هيئته العامة، قضى بحظر الإعلانات التلفزيونية للأعشاب الطبية، ولكن يبدو أن القرار لم يطبق بعد وهذه الإعلانات لا تزال حاضرة وكأنها في أوجها. يوم طرحت القضية في المجلس النيابي تحدث النواب الأطباء عن مخاطر الظاهرة التي استفحلت نتائجها المميتة في بعض الأحيان، اذ تحدثوا عن معاينتهم حالات نقلت إلى الطوارئ بعدما اعتمد بعضهم على تلك المستحضرات بدلاً من أدويتهم وبخاصة في أمراض تتطلب علاجاً دائماً كمرض السكري. وزير الصحة محمد جواد خليفة أكد المخاطر وكشف ما هو أخطر منها اذ قال ان منتجي المستحضرات المذكورة يستوردون أعشاباً ب 75 ألف دولار سنوياً بينما ينفقون على اعلاناتهم نحو 8 ملايين دولار، أما أرباحهم فهي بالتأكيد أكثر من ذلك بكثير. أدلى النواب والوزراء بدلوهم وخلصوا إلى التصويت على قرار حظر الإعلانات التلفزيونية للأعشاب الطبية لتعامل معاملة الأدوية التي يحظر القانون الإعلان عنها، على أن ينكب المجلس النيابي لاحقاً على دراسة الظاهرة وتفنيد تشعباتها بين المتممات الطبية والأعشاب والمستحضرات وما إلى ذلك... وكان لافتاً أن النواب – الأطباء الذين تقدموا باقتراح القانون شعروا بنصر كبير حينما تبنت الهيئة العامة حظر الإعلان عن تلك الأعشاب، لكن نصرهم هذا لم يكن إلا تحت قبة البرلمان لأن معظم التلفزيونات التي تتقاسم كعكة ال 8 ملايين دولار، لم توقف إعلاناتها كما لم تتوقف عن استضافة أصحاب تلك الإعلانات بصفتهم خبراء أعشاب. والأغرب من ذلك أن النواب «المنتصرين» يبدو أنهم أخذوا بنشوة «النصر» ولم يعد يعنيهم متابعة تنفيذ القانون فلم يدلِ أي منهم بتصريح يطالب فيه المحطات التلفزيونية بتنفيذ القانون الذي لم يجف حبره بعد، كما لم يطالبوا مثلاً المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع بأن يقوم بواجبه ويستدعي مدراء المحطات ليبلغهم قرار المجلس النيابي ويتمنى عليهم، لئلا نقول يفرض، الالتزام به. ولا يمكن هؤلاء النواب وهم يتطلعون إلى صحة مرضاهم ولا علاقة لهم بملكية محطات تلفزيونية، أن يختلقوا عذراً بأن لا وقت لديهم لمتابعة التلفزيونات لأن بعض «الخبراء» يعلن عن منتوجاته في عز نشرة الأخبار. والغريب أن هؤلاء النواب الذين يعرفون أن كثيراً من الأمور في لبنان يتطلب تنفيذ القوانين الموجودة لا وضع تشريعات جديدة، كانوا أكثر انشغالاً بتصريح «وزير سابق» انتقد فيه رئيس الجمهورية ميشال سليمان فتباروا بالدفاع عن الرئيس ومقام الرئاسة حتى اتخذ التصريح حجماً أكبر مما يستحق فشغل الإعلام على مدى أسبوعين، بينما الرئيس نفسه التزم الصمت لئلا يدخل طرفاً في الصراع السياسي. أما المشرّعون فالأجدى بهم متابعة تنفيذ قوانينهم ولا ينشغلون بجعل الحبة قبة لأسباب لا تعيد لمريض عافيته وصحته.