شددت اختصاصية تربوية على أهمية تسليح الطلاب بمهارات القرن ال21 منذ الصغر، محذرة من أنه من دون ذلك سيكون هناك خريجون عاطلون لا تتطابق مؤهلاتهم مع حاجات سوق العمل، مؤكدة ضرورة تفعيل المدارس لعملية تكامل العلوم المدرسية مع حاجات المجتمع، وتعليم الطالب كيف يستخدم هذا العلم، وليس فقط كيفية الحصول عليه. وقالت سلافة بترجي في حديثها إلى «الحياة»: «إنه في عالم التعليم اليوم، يدور النقاش حول كيفية تهيئة طلابنا لوظائف غير موجودة، ولا نعلم عنها حتى الآن، فالحاجات الحالية والمستقبلية ومتطلبات العصر مختلفة تماماً عن الماضي، ولكي نضمن لأبنائنا استعدادهم لهذه الوظائف، هناك حاجة ماسة بأن نسلحهم بمهارات القرن ال21». وأضافت أن من المهارات التي يجب تعليمها للطلاب: «تعليم الإبداع والاختراع، ومهارات حل المشكلات، والتفكير، والنقد، والتواصل، وإدارة الذات، وإدارة الوقت، وتحويل المعلومات إلى تطبيق، والربط ما بين العلم النظري والعمل التطبيقي، ليس فقط داخل بيئة المدرسة ولكن التطبيق في المجتمع، وأهمية الربط بين حاجات المجتمع وبين ما يتم تدريسه في المدارس»، مشددة على أن هذه مهارات أساسية مهمة جداً تدخل ضمن متطلبات القرن ال21. وحول دور المدارس والمؤسسات التعليمية في تعليم تلك المهارات، رأت أن «الطلاب سبقوا مدارسهم في رغبتهم في الحصول على المهارات، فكثيراً ما نجد الطالب لديه مقدرة في مجالات معينة في حين أن البيئة المدرسية تعمل وفق أنظمة وضعت منذ أعوام، وبالتالي لا تواكب حاجات الطالب الحقيقية ولا تتحدى قدراته، فالطالب لا يريد من يقدم له المعلومة، بقدر ما يريد كيف يستفيد من المعلومة». وأشارت بترجي إلى أن المدارس ما زالت تقدم علوماً أساسية، وتعتقد أن دورها مقصور على ذلك، في حين أن الطالب بات بإمكانه الحصول على تلك العلوم من خلال التواصل العالمي الذي أصبح يتعرض له يومياً من خلال الفضاء المفتوح، «لذا لا بد على المدرسة أن تعمل جاهدة على تفعيل هذه المعلومات بعيداً عن طريقة التلقين الاعتيادية، فهناك حاجة لتعليم الطالب كيف يستخدم هذا العلم». وطالبت المؤسسات التعليمية بالنظر للتعليم باعتباره أداة وليس هدفاً بحد ذاته، «فهو أداة لتمكين أبنائنا ليكونوا فاعلين في مجتمعاتهم وأن يسدوا حاجات المجتمع، وبالتالي عندما يخرج الطالب للمجتمع يكون قادراً على إيجاد وظيفة لنفسه تناسب رغباته واهتماماته وتحقق حاجات المجتمع، ويكون له دور في تطوير هذا المجتمع والرقي به». وبينت أن تغييراً بهذا الحجم يحتاج إلى وقت، ومن المهم أن يتشارك أصحاب المبادرات والقائمين على المؤسسات والمشاريع التعليمية والأفراد المهتمين بالتعليم والتطوير، إذ يقع على عاتق هؤلاء دور كبير كلٌ في مجاله وبالطريقة التي يراها مناسبة، والمسؤولية لا تقع على وزارة التعليم فقط. وعن كيفية الوصول إلى طلاب مؤهلين، رأت أن «هذا يبدأ من طريق ربط المواد الأكاديمية بأنشطة واقعية، «فإذا تم تعليم الطالب مادة الرياضيات، فلا بد أن يتم تعليمه كيف يستخدم العمليات الحسابية في واقعه بالمنزل والحي، وأن نجعله يسهم في حلحلة مشكلات المجتمع عبر تطبيق مادة الرياضيات، كما يقع على عاتق المدارس تحديد أوقات للتفاعل المجتمعي وتعلم المهارات، لتعليم الطالب كيف يأتي بأفكار يخدم بها ذاته وزملاءه ومجتمعه، ويربط بين حاجات المجتمع وبين رغباته وأهدافه الشخصية». وتابعت: «من المهم إيجاد فرص لهؤلاء الطلاب في مؤسسات المجتمع المدني وفي الأعمال التطوعية في الوظائف الصغيرة، لكي يجدوا بيئة عملية تساعدهم في تطوير مهاراتهم». وفي شأن كيفية الربط بين مهارات القرن ال21 وسوق العمل، قالت إن «هناك فجوة بين مخرجات التعليم وحاجات سوق العمل، وكل الأفكار والمبادرات التي طرحت، تؤكد أنه ينبغي أن نعلم الطلاب من المرحلة الابتدائية مهارات صغيرة تتعلق بحاجة سوق العمل، ودعم المناهج الدراسية ليكون لدينا شخص ناضج فكرياً واجتماعياً وعلمياً ومهارياً، ولديه القدرة على الإبداع والتواصل الفعال لحل المشكلات». واستطردت تقول: «كما يجب أن ندرب الطالب أن يعطي لمجتمعه بدلاً من أن يكون مفهوم حياته يدور حول نفسه وإشباع حاجاته الشخصية فقط. لابد أن يتم تدريبه على أن يفكر في غيره دائماً، وهذه إحدى دعائم ومقومات الذكاء العاطفي التي أثبت العلم الحديث أنه أداة أساسية للنجاح».