تعترض المدارس الأهلية مشكلة أساسية تتعلق بالسعودة، وهي مشكلة عالقة بين مؤسسات التعليم الأهلي ووزارة التربية والتعليم، وتتحدد المشكلة في عدم استقرار المعلم السعودي رغم تفوقه في هذه المدارس. حول عدم استقرار المعلم السعودي في المدارس الأهلية وأهمية الاستثمار في العقول واستراتيجية المنهج والشراكة بين المدارس الأهلية ووزارة التربية والتعليم، كان لنا هذا الحوار مع لطيفة عبدالله العفالق مالكة مدارس الأنجال الأهلية المستضيفة لندوة اللقاء التاسع للتعليم الأهلي تأسست مدارس الأنجال الأهلية في العام الدراسي 1405 1406ه، لتكون نواة لمدرسة رائدة تساهم في رفد العملية التربوية والتعليمية في محافظة الأحساء بالطرق والأساليب الحديثة، وكانت بداياتها في بيوت مستأجرة إلى أن انتقلت في العام الدراسي 1414 1415ه إلى المباني الجديدة التي توافرت فيها كل المقومات المؤهلة لتعليم متطور: إنجازات الطلاب @ ما الاستراتيجية التي يتعامل بها التعليم الأهلي مع العقول والمواهب وتنميتها بالعلم والمعرفة؟ الناشئة أهم عنصر من عناصر العملية التعليمية والتربوية والاستثمار في هذا المجال متوجه إلى عقولهم لذلك لا بد للقائمين على التعليم الأهلي من تنمية قدرات الناشئة وبناء شخصياتهم وإطلاق العنان لتفكيرهم لإنتاج أفكار جديدة مفيدة وإبداعات وابتكارات يساهمون من خلالها في وضع الأمة في مقدمة الأمم على مشارف القرن الحادي والعشرين باعتبارهم المساهمين الأساسيين مستقبلا في دفع عجلة التنمية الوطنية الشاملة لمواجهة تحديات العصر. وكان اهتمامنا في المدارس بالموهوبين من الطلاب اهتماما يتناسب مع ما نطمح إليه منهم إذ أدركنا من خلال البرامج الخاصة بهم أنهم يمتلكون قدرات وأفكارا مخزونة تحتاج إلى من يكشف عنها، الأمر الذي حقق بعض الإنجازات التي نشرت جريدة (اليوم) جزءا منها من خلال مجموعة من المخترعات التي قام بها عدد من الموهوبين في المدارس. اختيار دقيق @ ما أهم الصفات التي يجب أن يتمتع بها المعلم في المدارس الأهلية؟ المعلم هو العنصر المؤثر في العمل التعليمي، لذلك لا بد من أهمية التركيز على بنائه بما يتناسب مع الطموحات التي تتوخاها المدارس الأهلية لتكون مدارس تبني لمستقبل الأمة والوطن، والمعلم هو الأكثر فاعلية في المنظومة التربوية لتحقيق تلك الطموحات، لذلك لابد من اختياره بعناية فائقة بحيث يتحلى بالشخصية المتكاملة من ثقة بالنفس وحسن التصرف وقدرة على القيادة والابتكار وانتماء للمهنة وسعة في الأفق واستعداد لتقبل الآخرين والتعاون معهم وحماسه للأساليب والطرق الحديثة، والتمكن من استخدام الوسائل والتقنيات المتطورة. بالإضافة إلى العمل على متابعة تدريبه وتطويره باستمرار ، ومن هنا تقوم مدارس الأنجال الأهلية بإقامة الدورات التربوية التدريبية المتلاحقة لجميع منسوبيها لتجعلهم على استعداد كامل لمواكبة التطورات والتغيرات فلم يعد بين المعلمين من لا يجيد التعامل مع جهاز الحاسب الآلي باعتباره وسيلة جذب ومصدرا للمعلومات من خلال استخدام شبكة الإنترنت التي وفرتها المدارس لكل جهاز فيها، بحيث لم يعد المعلم المصدر الوحيد للمعلومات إنما يجب أن يمتلك القدرة على مساعدة طلابه لتنمية البحث وحل المشكلات. ومن ذلك أيضا العمل على مساندة المعلم في مواجهة المشكلات السلوكية، التي يمكن أن يتعرض إليها من خلال تزويده بمجموعة من الطرق والأساليب الحديثة المجربة القائمة على مجموعة من المبادئ والأفكار والأنظمة المتعلقة بالضبط بشكل يمكنه من المحافظة على كرامته وكرامة الطالب، ويتضمن ذلك إنشاء ما يسمى بالعقود الاجتماعية التي يشترك المعلمون والطلاب في تصميمها، لتكون دستورا يضمن سير العملية التربوية دون أية مشكلات. استراتيجية التعامل مع الطلاب @ ما الاستعدادات التي يجب أن يمتلكها الطالب الذي يدرس في المدارس الأهلية؟ المدارس الأهلية هي جزء من النظام التعليمي في المملكة وهي لا تتوجه إلى طالب بمواصفات خاصة، بل هي متاحة لكل طالب من أبناء هذه البلاد العزيزة، وفي مدارسنا لا نتردد في قبول جميع الطلاب، ممن تتوافر لديهم الحدود الدنيا من القدرة على التعلم، لأننا نمتلك الوسائل والاستراتيجيات التي تضمن التعامل مع الطلاب الضعاف، من خلال برامج مكثفة وفصول علاجية متخصصة، تساهم بالتعاون مع أولياء الأمور للحد من حالة الضعف لدى الطلاب، والانطلاق بهم نحو تعليم أوسع مع أقرانهم الآخرين. وكذلك الوسائل والاستراتيجيات التي تكفل تنمية قدرات الطلاب المميزين وإتاحة المجال لهم لامتلاك أدوات الإبداع، كالثقة بالنفس والمثابرة والحماسة. كما إننا نسعى إلى تدريب الطلاب على المهارات الحياتية الأساسية ليكونوا جديرين بحمل أمانة مستقبل هذا الوطن، ومن هذه المهارات التي نؤكد عليها التعاون، وحب الاطلاع وبذل الجهد والمرونة والمبادرة والاستقامة وتحمل المسؤولية والصبر والاهتمام بالآخرين. الشراكة مع وزارة التعليم @ بصفتك مستثمرة في التعليم الأهلي، كيف ترين الشراكة التربوية التي تسعى وزارة التربية والتعليم الى تعزيزها بشكل جاد مع القطاع الخاص؟ إن المشكلة الأساسية العالقة بين مؤسسات التعليم الأهلي ووزارة التربية والتعليم هي مسألة السعودة، وأرجو أن نفهم المشكلة بحدودها، لنتمكن من حلها، فنحن نعترف بقدرة المعلم السعودي على التكيف مع متطلبات العمل في المدارس الأهلية، عندما يتبع الدورات التربوية التدريبية التي تقيمها المدارس. ومن خلال التجربة وجد لدينا بعد سنتين أو ثلاثة معلمون سعوديون تفوقوا على أقرانهم من غير السعوديين في العطاء وتحقيق المتطلبات التعليمية بشكل إيجابي. ولكن المشكلة تتحدد في عدم استقرار هؤلاء المعلمين، إذ لابد من التعامل مع الخريجين الجدد من الجامعات، الذين يبحثون عن عمل في المدارس الأهلية، وما أن يحصلوا على الخبرة منها حتى تصدر أسماؤهم في إعلانات الخدمة المدنية، فيسارعوا إلى الوظائف الحكومية، وتعود المدرسة الأهلية مرة أخرى للبحث عن معلم جديد آخر.. وهكذا. لذلك لابد ان يكون التنسيق إيجابيا ومجديا بين الوزارة والتعليم الأهلي من لحل هذه المشكلة، بطرق تكفل استقرار المعلم السعودي في المدارس الأهلية، إضافة إلى ضرورة تفعيل دور صندوق الموارد البشرية، للمساهمة في تحمل جزء من دورات المعلمين السعوديين كإعانة دائمة تساهم في استقرارهم. مسافات العالم المتقدم @ نعيش اليوم في عصر متغير في المعرفة، ولا يمكن توقع سرعة التغير ولا اتجاهاته.. ما دور المنهج في مواكبة هذه التغيرات من استحداث المعلومات والقدرة على تغيير الخطط والأهداف وفقا لمتغيرات العصر؟ لا شك أننا ندخل القرن الحادي والعشرين من بوابة واسعة مليئة بالمتغيرات والتحديات التي تحتاج منا لان ننطلق بوعي، وإدراك لحجم المسافات التي تفصلنا عن العالم المتقدم، فهل نظل نندب حظنا أو نعبر عن يأسنا، لنزيد حجم تلك المسافات، أم نعيد بناء أنفسنا من جديد؟ خاصة أننا نمتلك في أعماقنا مخزونا حيا، جديرا بدفعنا إلى الأمام بقوة كبيرة تتطلب منا إرادة حقيقية إنها قوة ديننا وتاريخنا الناصع. لذلك كان لابد من مواجهة هذا العصر بما يحمل من متغيرات وتحديات بالسعي إلى تحسين التعليم وتطويره باعتماد معايير الجودة والتميز العالمية في جميع نشاطاته، لذلك لا بد أن تواكب المناهج الاتجاهات الساعية إلى تنمية مهارات التفكير والإبداع واستخدام تقنيات المعلومات وأساليب الكشف عن المبدعين ورعايتهم. ثوابت راسخة لقد أصبح العالم قرية صغيرة، زادت فيه سرعة تفاعل الناس وتأثرهم ببعضهم البعض، من خلال التطور الهائل في تكنولوجيا الإعلام، الذي قلل إلى حد كبير من أثر المسافة بين الدول، ويمكننا أن نستفيد من الآخرين دون أن نتأثر بسلبياتهم، لأننا نمتلك قيما وثوابت أخلاقية راسخة، تمكننا من تمييز الجيد عن السيئ، إننا نستطيع أن نؤسس لمناهج تواكب تطور العصر مع المحافظة على خصوصيتنا وهويتنا ومثلنا. منظومة تعليمية متميزة @ هل يوجد في نظام التعليم الأهلي نظام يسهل عملية التعلم في الحاضر وفي المستقبل؟ لابد للتعليم الأهلي أن يمتلك منظومة تعليمية متميزة مبنية على استراتيجيات حديثة في التعليم، لذلك كان أهم ما قمت به عند تأسيس المدارس هو إنشاء مركز مرافق للتدريب والتطوير يعتمد على المشاركة الفاعلة لكوادر المدارس في المؤتمرات التربوية المحلية والعربية والدولية. مؤتمر تارا ونيسا ومدارسنا عضو في مؤتمر تارا التربوي، الذي يختص بعرض وتبادل الأساليب المتطورة للكتابة والتعبير والتركيز على كل ما هو إبداعي فيها. وهي عضو في مؤتمر نيسا التربوي الدولي الذي يعرض الموضوعات التربوية الجديدة في جميع مناحي العملية التعليمية، ويعرض أفكار وخبرات المؤسسات التعليمية المختلفة وتجارب العديد من الباحثين التربويين العالميين. لذلك نقوم بالتركيز على استخدام الاستراتيجيات الحديثة مثل ميادين الذكاء التي تركز على العقل البشري وقدراته وتطوره للخروج من الدائرة الضيقة في التركيز على التعلم المحدود في ظل الطرق التقليدية التي تتعامل مع مهارتي اللغة والرياضيات بينما يتمكن المعلمون في ظل هذه النظرية من تحديد وتصنيف مجالات واسعة من القدرات التنافسية للطلاب، كالقدرة اللغوية والرياضية والبصرية والمكانية والحركية والاجتماعية والقدرة على فهم الذات. الخرائط المعرفية وبجانب استخدام ميادين الذكاء نستخدم أيضا الخرائط المعرفية التي تعتمد على ترتيب الأفكار ضمن خرائط مناسبة تساعد الطلاب على استيعاب المعلومات وحفظها في الذاكرة لمدة أطول واسترجاعها بشكل أسرع وهي بالتالي منظمات بيانية تمثل أنماطا متنوعة من المعلومات كالأحداث والروايات والقصص والمقارنات والمصطلحات والتعاريف وغيرها. كذلك من ضمن الاستراتيجيات الحديثة استخدام التعلم التعاوني، وهي استراتيجية وضعت على أن تكون مفعلة في جميع فعاليات العمل التربوي والتعليمي في المدارس، لأننا وجدنا أنها تساهم في تعزيز العمل الجماعي ضمن المجموعات التعاونية، والحد من الأساليب الفردية التنافسية، والتأكيد على تدريب الطلاب على المهارات الاجتماعية التعاونية. الاستثمار في التعليم الأهلي @ ماذا ينتظر ملاك مدارس التعليم الأهلي من وزارة التربية والتعليم في تسريع عملية الاستثمار وتطويره؟ لتسهيل عملية الشراكة بين التعليم الأهلي ووزارة التربية والتعليم يجب أن تنشأ لجنة خاصة في الوزارة تتبنى وضع المعايير والضوابط المتعلقة بالمدارس الأهلية، وعدم الاعتماد على ضوابط وتعليمات المدارس الحكومية لوجود اختلاف في الإمكانات. كما نرجو تفعيل اختبارات الكفاءة الخاصة بالمعلمين لما لها من أهمية في بيان حالتهم ومدى صلاحيتهم للعمل. مطمئنون لجهودنا @ التعليم الأهلي مطالب بالعمل والإنتاج والإبداع، من خلال تجربتكم ما النتائج والإنجازات الملموسة في ذلك من خلال المستقبل المشرق الذي حظي به خريجو مدارس التعليم الأهلي بشكل عام؟ مدرستنا واحدة من المدارس الأهلية التي تعنى بمتابعة خريجيها في الجامعات وأماكن العمل، وأستطيع القول أننا من خلال هذه المتابعة رأينا أنهم قد درسوا في اختصاصات مميزة تأهلوا للدراسة فيها بعد أن اجتازوا اختبارات القدرات بتفوق، وقد لاحظنا أيضا تفوقهم في الدراسة الجامعية، الأمر الذي يجعلنا مطمئنين للجهود، التي نبذلها في هذا الجانب، كما أننا نقوم بربط طلبة الصف الثالث الثانوي مع طلبة الجامعة من خلال التواصل بينهما. وتهتم مدرستنا بتخصيص مدرسين متميزين لطلبة الصف الثالث الثانوي في جميع التخصصات، كما نقدم لهم مركزا للخدمات التربوية وإعطائهم دروس تقوية في جميع المواد التي يحتاجونها، ولدينا أيضا برنامج مكثف من الزيارات للجامعات والكليات والمعاهد وخاصة جامعتي الملك فيصل وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، ومن ضمن اهتمامنا بهؤلاء الطلبة نقوم بدعوة عدد من المختصين من المؤسسات الإنتاجية لإجراء ندوات داخل المدرسة تتعلق بسوق العمل، والذي لمسناه من خلال هذا الاهتمام تحقيق الطلبة لنتائج متميزة على مستوى المحافظة، ففي العام الماضي حصل 53 طالبا من 100 طالب على درجة الممتاز واثنان منهم حققا المركز الثاني والثالث على مستوى مدارس المحافظة. علاقة المدرسة بالمجتمع @ هل تتجهون لعمل علاقة وروابط بين المدرسة والمجتمع؟ نعطي أهمية كبرى لذلك من خلال إتاحة الفرصة لطلابنا لزيارة الأماكن الأثرية والمؤسسات الإنتاجية والحكومية، ولأنني أعمل منذ وقت طويل في مجال العمل الخيري التطوعي بصفتي رئيسة لجمعية فتاة الأحساء، فقد كنت أوجه باستمرار إلى ضرورة ربط المدارس بالمجتمع من خلال الأعمال الخيرية التطوعية، فأصبحت لدينا أيام خيرية نقيمها بانتظام بمشاركة الطالبات والأمهات ويعود ريعها للمؤسسات الاجتماعية والجمعيات الخيرية ، بهدف تفعيل الخير لدى المجتمع كي يكون أفراد المجتمع متفاعلين مع الأعمال الخيرية، ويسعدني دائما أنني أتعهد في مدارسي عددا من الأيتام يتابعون دراستهم مجانا ويتلقون الرعاية الكاملة من المرحلة الابتدائية وحتى الصف الثالث الثانوي. وكان لهذه الأنشطة الخيرية أكبر الأثر في تنشيط العمل الخيري لدى أفراد المجتمع المحيط بالمدرسة والمرتبط بها من طلاب ومعلمين واولياء أمور. وحاولت أن أحصر العمل الخيري في تأمين الاحتياجات المادية فقط، بل عملنا على أن تكون المشاركة التطوعية بالأفكار والطاقات البشرية وحسبنا في هذا المجال زرع معاني التعاطف والتراحم والتكافل الاجتماعي التزاما بقول الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى". تقدم مدارس الأنجال تعليماً نموذجياً لطلابها