المصارعة والسياسة: من الحلبة إلى المنابر    فرصة لهطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    "فيصل الخيرية" تدعم الوعي المالي للأطفال    الرياض تختتم ورشتي عمل الترجمة الأدبية    حلف الأطلسي: الصاروخ الروسي الجديد لن يغيّر مسار الحرب في أوكرانيا    لبنان يغرق في «الحفرة».. والدمار بمليارات الدولارات    «قبضة» الخليج إلى النهائي الآسيوي ل«اليد»    رواء الجصاني يلتقط سيرة عراقيين من ذاكرة «براغ»    «آثارنا حضارة تدلّ علينا»    «السقوط المفاجئ»    الدفاع المدني: هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    «استخدام النقل العام».. اقتصاد واستدامة    التدمير الممنهج مازال مستمراً.. وصدور مذكرتي توقيف بحق نتنياهو وغالانت    إجراءات الحدود توتر عمل «شينغن» التنقل الحر    أرصدة مشبوهة !    مشاعل السعيدان سيدة أعمال تسعى إلى الطموح والتحول الرقمي في القطاع العقاري    «المرأة السعودية».. كفاءة في العمل ومناصب قيادية عليا    أشهرالأشقاء في عام المستديرة    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    المخرجة هند الفهاد: رائدة سعودية في عالم السينما    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    د. عبدالله الشهري: رسالة الأندية لا يجب اختزالها في الرياضة فقط واستضافة المونديال خير دليل    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    «إِلْهِي الكلب بعظمة»!    المياه الوطنية: واحة بريدة صاحبة أول بصمة مائية في العالم    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    البيع على الخارطة.. بين فرص الاستثمار وضمانات الحماية    أخضرنا ضلّ الطريق    أشبال أخضر اليد يواجهون تونس في "عربية اليد"    فعل لا رد فعل    5 مواجهات في دوري ممتاز الطائرة    لتكن لدينا وزارة للكفاءة الحكومية    ترمب المنتصر الكبير    صرخة طفلة    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    المؤتمر للتوائم الملتصقة    دوري روشن: الهلال للمحافظة على صدارة الترتيب والاتحاد يترقب بلقاء الفتح    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    الأمن العام يشارك ضمن معرض وزارة الداخلية احتفاءً باليوم العالمي للطفل    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    مدير عام فرع وزارة الصحة بجازان يستقبل مدير مستشفى القوات المسلحة بالمنطقة    ضيوف الملك: المملكة لم تبخل يوما على المسلمين    سفارة السعودية في باكستان: المملكة تدين الهجوم على نقطة تفتيش مشتركة في مدينة "بانو"    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    «المرور»: الجوال يتصدّر مسببات الحوادث بالمدينة    «المسيار» والوجبات السريعة    أفراح آل الطلاقي وآل بخيت    وزير العدل يبحث مع رئيس" مؤتمر لاهاي" تعزيز التعاون    رسالة إنسانية    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة للمدينة المنورة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التعليم صناعة وقضية تفكير وجودة
في منتدى الرياض الاقتصادي ...
نشر في الرياض يوم 28 - 06 - 2005


المشاركون في الندوة
المهندس علي الزيد عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بالرياض، وعضو اللجنة المنظمة لمنتدى الرياض الاقتصادي.
الأستاذ أحمد السري عضو اللجنة المنظمة لمنتدى الرياض الاقتصادي
الدكتور أحمد العيسى عميد كلية اليمامة
الدكتور حمد اللحيدان عضو هيئة التدريس في جامعة الملك سعود
الدكتورة هيفاء القاضي مديرة عام إدارة القياس والتقويم في تعليم البنات
الاستثمار في التعليم يعتبر الشغل الشاغل للقطاع الخاص والقطاع العام، وهو أيضاً الهم الأكبر لمنتدى الرياض الاقتصادي الأول، الذي لم يتناوله مباشرة، وإنما وضع الإطار العام لتناول قضايا المجتمع الرئيسة الذي يؤسس لتنمية اقتصادية مستدامة، فالتعليم في منتدى الرياض الاقتصادي هو قضية القضايا من شراكة بين القطاعين الخاص والعام، والتوظيف والعمالة الوافدة، وغيرها من قضايا منتدى الرياض الاقتصادي. المنتدى يدرك جيداً هذه القضية ويدرك جيداً أيضاً أنه يواجه تحدياً كبيراً في طرحها بطريقة تعلي العلاج على التوصيف، وتقدم الشراكة في الحل على التفرد، والرياض تطرق قضية التعليم من القائمين على منتدى الرياض الاقتصادي ومنهجه ورؤيته، فالمنتدى استطاع في فترة وجيزة جداً أن يبرهن أنه مؤسسة فكرية اقتصادية فاعلة تنقل رؤى القطاع الخاص وخبراء الاقتصاد ومنظريه لصانعي القرار الذين أظهروا تقديراً وتشجيعاً للمنتدى ولمنهجه، و«الرياض» رأت أن تتناول قضية التعليم في هذه الندوة مع تمثيل لمنهج المنتدى ورؤيته بالإضافة إلى رؤى ومناهج أخرى.
«الرياض»: كيف تقيمون تجربة «منتدى الرياض الاقتصادي» وماهي الأهداف التي يسعى المنتدى لتحقيقها؟
- م. الزيد: فكرة منتدى الرياض الاقتصادي بدأت في الغرفة التجارية الصناعية بالرياض من هاجس كان فيه النمو الاقتصادي المحلي أقل مما يطمح إليه الجميع، وكان متدنياً جداً في عام 2003م، عندما فكرت الغرفة في إيجاد آلية تطرح من خلالها رؤى رجال الأعمال حول محركات ومنشطات الاقتصاد الوطني ليلحق بركب الاقتصاد العالمي من خلال نمو متوازن، كانت هذه الآلية هي منتدى الرياض الاقتصادي، ولكن يعكس منتدى الرياض الاقتصادي رؤى رجال الأعمال في كل أنحاء المملكة رأت كذلك الغرفة أن تكون آلية الوصول إلى ما يطرح في هذا المنتدى آلية جماعية تمثل كل أفكار رجال الأعمال، واختير لهذا المنتدى أن يعمل تحت شعار «نحو تنمية اقتصادية مستدامة»، وبدأنا في التحضير لهذا المنتدى عبر ورشة عمل عقدت في الجبيل دعي لها رجال أعمال من كل أنحاء المملكة، حضر منهم 77رجل أعمال تقريباً، واستمرت الورشة لمدة ثلاثة أيام، خلص اجتماع رجال الأعمال من خلال آليات أعمال كانت موضوعة إلى أربعة محاور رئيسة، ومن هذه المحاور شكلت فرق عمل لكل محور من هذه المحاور، وبدأت فرق العمل في تطوير أوراق عمل متخصصة حول القضايا الرئيسة في كل محور، وقد عمد إلى تشكيل فرق عمل من رجال الأعمال بحيث يكونوا ضمن الفريق المعد للورقة والمحور والفكر العام بشكل كامل، ثم بدأت الفرق تعمل على هذه الأوراق، بعد وضع الخطوط العريضة لها. واجتمع رجال الأعمال مرة أخرى في الرياض للمراجعة والتأكد من أن رؤاهم هي ما تمثله هذه الأوراق بالتحديد، ولله الحمد عقد المنتدى الأول في ظل هذا النشاط، وكان له وقع جميل جداً في الوسط الاقتصادي، وجاءت توصيات هذا المنتدى والأوراق التي طرحت فيه واقعية، وتعكس هموم رجال الأعمال، وبيئة الاستثمار، ومحركات الاقتصادي المحلي. كان هذا المنتدى تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الاقتصاد الأعلى الذي قدر توصيات المنتدى ووجه سموه الكريم المجلس الاقتصادي الأعلى لدراسة هذه التوصيات، والعمل على بحثها مع الجهات المعنية، والعمل على توثيقها.
الحقيقة - والحمدلله - كانت هناك نتائج مثمرة وجيدة، فقد واصل المجلس الاقتصادي الأعلى متابعته مع الجهات المعنية وبدأنا نرى ثماراً كثيرة لهذه التوصيات.
كانت تجربة جميلة جداً، تجربة حالفها كثير من النجاح، وبعض الاخفاقات التي استبعدناها في التحضير للمنتدى القادم، الذي سيعقد إن شاء الله في 4 ديسمبر القادم برعاية صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز وبرئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض.
لقد تم تطوير المنهج المتبع، ووظفنا التجربة الأولى في ذلك، وخلصنا من خلال ورش عمل متكررة ومتعددة إلى اختيار القضايا الرئيسة المطروحة في هذا المنتدى، وهي سبع أوراق عمل رئيسية كانت أولها الشراكة بين القطاع الخاص والعام، الورقة الثانية تبحث في الشفافية، الورقة الثالثة تبحث في جاهزية المملكة للانضمام لمنظمة التجارة العالمية، والورقة الرابعة تبحث في النقل مع التركيز على الموانئ والسكك الحديدية، والخامسة تبحث في مدن التقنية، والسادسة تبحث في القوى العاملة الوافدة ومستقبلها، والورقة السابعة خصصت لمشاركة المرأة في النشاط الاقتصادي بالمملكة. وكلف أعضاء اللجنة المنظمة كل عضو بواحدة من هذه الأوراق، وشكلوا فرق عمل، واختاروا استشاريين متخصصين لتجهيز هذه الأوراق ومشرفين علميين وكان القطاع الخاص هو المحور الأساس والمصدر الرئيس للرؤى التي تطرح في هذا المنتدى وعقد العديد من ورش العمل كل ورقة على حده في محاولة جادة للوصول إلى رؤى مشتركة للقطاع الخاص بشأن القضايا المحددة.
في اعتقادنا أنه -ولله الحمد- إلى الآن التجربة تمر بتطور مستمر، ونجاح مثمر، فقد تبلورت معظم الأوراق، ويفترض أننا في هذه المرحلة قد انتهينا من المسودة الرئيسية، لكل ورقة من الأوراق الرئيسة والأخوان الزملاء يعملون على هذا، وأتصور إن شاء الله أننا مقبلون على منتدى سيطرح رؤى جادة وجديرة بالاهتمام. الظروف جميعها مواتية لأن يكون القطاع الخاص شريكاً رئيساً ومباشراً مع القطاع العام في استقراء المستقبل، وطرح قضاياه بشكل جاد، لإيجاد مستقبل إن شاء الله واعد للجميع وللأجيال القادمة.
التعليم والتوظيف
- السري: أحد دوافعنا وحماسنا في العمل على تنظيم المنتدى الثاني هو في الواقع ما لمسناه من استجابة لتوصيات المنتدى الأول من قبل حكومة المملكة، فتوصيات المنتدى الأول قد رفعت إلى المجلس الاقتصادي الأعلى بأمر من سمو الأمير عبدالله، وأخذها مجلس الاقتصاد الأعلى بمأخذ الجدية، وعرضها على الهيئة الاستشارية من القطاع الخاص لمجلس الاقتصاد الأعلى، وهذا في حد ذاته نجاح كبير، ودافع لنا أن نستمر بتنظيم المنتدى بنفس المنهج الجدي، وأضيف على ما قاله الأخ علي أنه انطلاقاً من شعار «التنمية الاقتصادية المستدامة» هناك أربعة محاور رئيسة نستمر في النظر إليها في تحديد الموضوعات التي سوف ينظر فيها المنتدى، الأربع محاور هي: النظم والإجراءات وفي هذا كل ما يتعلق بالدولة، المحور الثاني هو قطاع الأعمال أو كل ما يختص بأمور القطاع الخاص، المحور الثالث أسميه الإنسان والمجتمع فيه وكل ما يتعلق ببناء الفرد والمجتمع، والمحور الرابع هو البنية التحتية ويتعلق بذلك شؤون التنمية الاقتصادية المستدامة، هناك محور خامس ألا وهو الموارد الطبيعية ولم نجد من ضرورة بالتركيز عليه في المنتديين الأولين، طبعاً عندما ننظر إلى المجتمع السعودي نجد أن متوسط السن في المجتمع السعودي هو عشرون سنة وبالنظر إلى عدد السكان وتركيبته العمرية نستطيع أن نشبهه بهرم عريض القاعدة وهذا يعني أن الخارج من نظام التعليم إلى سوق العمل في تزايد مستمر سنة بعد سنة، وبالتالي هذا يحتاج إلى تنمية اقتصادية تولد عدداً متزايداً من فرص العمل.
زيادة حجم الاقتصاد ناتجة عن الزيادة في سعر البترول أو من بناء مصانع حديثة، وهذا لن يولد بضرورة الحال الفرص الوظيفية التي نطمح إليها، ولكن المطلوب نظرة لتنمية اقتصادية تولد نظاماً متنوع النشاطات يولد باستمرار الفرص الوظيفية للشباب السعودي، ولكن إذا نظرنا إلى إحدى الأوراق في المنتدى الأول كانت تقارن بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل لإلقاء الضوء على كثير من المشاكل في هذا المجال، وقد كشفت هذه الورقة أن نظام التعليم لا يؤهل الخريجين بدرجة تسمح لهم بدخول سوق العمل بشكل مريح، المشكلة مستمرة وتتطلب إعادة النظر في هيكلة قطاع التعليم.
«الرياض»: المهندس الزيد يقول إن الظروف جميعها مواتية لأن يكون القطاع الخاص شريكا رئيسياً ومباشرا مع القطاع العام لايجاد مستقبل واعد للأجيال..
السؤال: هل التعليم الخاص «الأهلي» يمثل فعلاً قطب الشراكة وهل هو مؤهل لتقديم العملية التعليمية وفق الأصول؟ وبالجودة النوعية التي يتطلع إليها الجميع؟
الشراكة في التعليم
د. اللحيدان: الحقيقة الحديث في هذا الموضوع له شجون، خصوصاً الحديث عن الشراكة بين القطاع الخاص والقطاع العام، والشراكة عندما تأتي في مجال التعليم تكون الخصوصية فيها أكبر وأشمل، لأن التعليم بلا شك يحتاج إلى تطوير في جميع المجالات، فمخرجات التعليم الآن ومناسبتها لسوق العمل أصبحت ضرورة، وليست اختياراً فقط، فالجامعات في الدول الأخرى بدأت تتبنى منهج التدريب والتعليم معاً، أي الربط بين التعليم والتدريب في نفس الوقت، فهناك تعليم يتم على أسلوب تطبيقي، ثم هناك تدريب في مواقع العمل وهذا أجدى، وقد أثبتت هذه التجربة نجاحها في دول كثيرة جداً خصوصاً في اليابان وكوريا وتايوان والصين وتتبعها اليوم ماليزيا وسنغافورة. هذا النظام التعليمي يزاوج بين التعليم والتدريب أو ما يسمى التعليم بالتدريب، هذه نقاط أساسية. أعود للشراكة، الموجود عندنا الآن في المملكة ويمثلها التعليم الأهلي، فلاشك أن التعليم الأهلي مهم وعامل رئيس يدعم الجهد الحكومي، لكن عندما آخذ اتفاقية وقعت بين وزارة العمل ووزارة التربية والتعليم قبل شهر أو شهرين نجد أنهم اتفقوا - وفقاً لما هو منشور- على أن يكون راتب الأستاذ حامل الدكتوراه بحدود 4000 ريال وحامل درجة الماجستير 3500 ريال ودرجة البكالوريوس 2400ريال، مثل هذه الأمور لا تؤسس لنظام مستقر وواعد للتعليم الأهلي، ولا لشراكة واقعية وعملية ودائمة بين القطاعين الخاص والعام، فمن أراد أن يعلم لابد أن يستقطب كفاءات.. والكفاءات يجب أن يدفع لها رواتب أعلى، وتقارن بما هو موجود في الدول الأخرى التي تدفع مرتبات عالية، أما إذا كانت الرواتب أو الحوافز أو البدلات في هذا المستوى المتدني الذي يدفعه القطاع الخاص للمدرسين أو لمن يريد المشاركة في العملية التعليمية فهذا سيؤدي لاستقطاب من هو غير مؤهل -نعم لديه شهادة لكنه ليس مؤهلاً للعملية التعليمية- وبالتالي غير المؤهل يخرّج غير مؤهلين، لذلك فالشراكة تقوم على أسس تبنى مقدماً بشروط وضوابط تحدد الربحية، وتحدد مقدار ما يدفع ومقدار ما يستفاد منه حتى نستطيع أن نُسيّر العملية التعليمية بالشكل المطلوب.
الأسلوب القائم في التعليم الآن وهو أسلوب التلقين، وأسلوب الحفظ، وأسلوب تدوير المعلومة المكررة غير المفيدة وغير المتجددة، وهذا أسلوب عقيم يحتاج إلى تجديد، ولابد لقطاعنا التعليمي، وخاصة التعليم العام الذي يدفع بمخرجاته إلى التعليم العالي، أن يعيد بلورة فلسفته في التعليم ووسائله المنهجية والتطبيقية وحوافزه المختلفة حتى نستطيع أن نصل إلى تعليم متكامل بين التعليم العام والتعليم العالي، وحتى نستطيع أن نصل لابد من بناء فلسفة جديدة للتعليم.
المنتدى وتأهيل القوى العاملة
د. العيسى: الحقيقة يمكن أن أبدأ بالحديث عن المنتدى الاقتصادي ما دام الأخوان عرفوا بالمنتدى، لاشك أن الرياض كعاصمة للمملكة تحتاج لمثل هذا المنتدى، وأعتقد أن الغرفة ورجال الأعمال تأخروا في المبادرة في طرح مثل هذا المنتدى. هناك الكثير من اللقاءات والندوات التي تقيمها الغرفة وتقيمها كثير من الأجهزة ولكن كمنتدى بشعار أساسي للرياض وبشعار مرتبط بالموضوع الاقتصادي وموضوع التنمية الاقتصادية كان يفترض أن يوجد منذ فترة مبكرة، وأنا من الناس الذين لا يعولون كثيراً على تنفيذ التوصيات في مثل هذه المنتديات. أعتقد أن المنتدى ليس بالضرورة أن يبحث عن تنفيذ مباشر للتوصيات، وإنما هي رؤى ونقاشات وحوارات للجميع للوصول إلى رؤى مشتركة بين رجال الأعمال والمسؤولين في الدولة، ويكفي أن تقود إلى توصية أو توصيتين يمكن أن تطبق عملياً وتكون ذات فائدة كبيرة.
طبعاً هناك بعض النقاط التي ذكرها المهندس علي والأستاذ أحمد وأتمنى إن شاء الله أن يركز المنتدى القادم عليها ويكون هناك مشاركة في النقاش حولها. والمنتدى الأول حقيقة لم أحضره ولكن كنت متابعاً لبعض الأوراق التي طرحت، وقرأت بعضها، وأتمنى أن تكون الرؤى خاصة ما يتعلق بالتعليم موضوعنا اليوم، وموضوع السعودة، وموضوع تأهيل القوى العاملة أن تكون في صلب نشاط الغرفة، وفي صلب نشاط الدولة، فمن الأشياء التي أرى أن الدولة ممثلة في وزارة العمل اتخذت خطوات جريئة فيها هو موضوع السعودة، وهذه الخطوات لها تأثير اقتصادي وخاصة على المدى الطويل، وربما يكون لها تأثير سلبي على الاقتصاد والمؤسسات الاقتصادية.. فما هو دور مثل هذا المنتدى؟ وهل المنتدى الأول أثر في رؤية الحكومة في مثل هذا الموضوع؟ وهل أثر في رؤية المسؤولين في وزارة العمل عن موضوع السعودة وفي حملتها لتوظيف العاطلين بالشكل التي نراه الآن في الوزارة؟
تعليم وتأهيل بلاجودة
د. العيسى: المنتدى الجديد الذي سيقام نهاية العام الجاري لابد أن يناقش ليس فقط القوى العاملة الوافدة بل يفترض أن يناقش القوى العاملة الوطنية، وفي موضوع تأهيل القوى العاملة، نتحدث كثيراً عن التعليم والتأهيل ولكن حتى الآن لم نصل إلى رؤى واضحة، وكل ما يجري في وزارة التعليم العالي أو المؤسسة العامة للتعليم الفني اللتين تعتبران جهتين رئيسيتين في تأهيل القوى البشرية التي تخرج مباشرة لسوق العمل لا تزالان بعيدتان عن إدراك مشاكل التوظيف والتأهيل، ونريد أن ندخل من هذا للتعليم، موضوع هذه الندوة، أعتقد أن التعليم عندنا يمر بفترة تحوّل، ولكنها لم تصل إلى أن تكون واضحة المعالم، فالتعليم العام لا يزال يواجه مشاكل حقيقية فيما يتعلق بالنمو السكاني، وقدرة المدارس على استيعاب الأعداد الكبيرة من الأطفال والشباب المقبلين على التعليم، وهذا النمو أثّر على الجودة، وأثّر على قدرة المدارس على أن تقدم تعليماً جيداً، وأثّر على عطاء الأستاذ، وعطاء المعلم، ولذلك أصبح التعليم مثل ما ذكر الدكتور حمد يعتمد على التلقين ويعتمد على المدرس كعنصر أساسي في العملية التعليمية، الطالب تراه غائباً عن كل محاولات التعلم والاستفادة، ولذلك كان أحد الحلول هي التوجه للتعليم الأهلي، وهذا له جوانب إيجابية وجوانب سلبية، فالجوانب الإيجابية فيها أنها حفزت الكثير من المدارس ومؤسسات التعليم على الارتقاء بالمبادئ التعليمية، وإدخال عناصر أساسية في التعليم مثل اللغة الإنجليزية، والجدل الذي حصل -للأسف- على موضوع اللغة الإنجليزية في التعليم العام لم يكن له مبرر، لأنه موجود في التعليم الأهلي، فلماذا جزء من أبناء المجتمع يدرسون اللغة الإنجليزية في التعليم الأهلي ونتجادل على النصف الآخر أو الثلثين الآخرين من المجتمع الذين يدرسون في التعليم العام، هل يدرسون اللغة الإنجليزية أم لا! ومثل ذلك مهارات الحاسب الآلي ومهارات التفكير، وكل هذا يدل على أن التعليم العام لا يزال غير قادر على تلبية احتياجات التنمية لأن الموجودين في مراحل التعليم العام سيتوجهون إلى التعليم العالي أو التعليم الفني أو لمؤسسات التدريب أو ربما يتوجهون مباشرة إلى سوق العمل، فهذا نلاحظه الآن في مخرجات التعليم، نجد أن الطالب لديه الكثير من القصور ليس فقط في المعرفة، بل لديه قصور في التفكير ونظرته للمستقبل، وقصور في المهارات الشخصية، وقصور في قدرته على تنظيم نفسه، وتنظيم وقته، وتنظيم احتياجاته، التعليم منظومة متكاملة تخلق وتنمي المهارات الأساسية والمهمة، وإذا انتقلنا إلى التعليم العالي والتعليم الفني نجدهما أيضاً يواجهان مشاكل، لم يستطيعا أن يعالجاها في السنوات الأخيرة وأبرزها الجودة والنوعية في التعليم التي انحدرت بشكل كبير خلال السنوات الماضية لأسباب منها الإنفاق على التعليم الذي تأثر بشكل كبير خلال العشر سنوات أو العشرين سنة الماضية، أي خلال الفترة التي كانت تعاني فيها الدولة انخفاضاً في ميزانيتها مما أثر على النشاط الاقتصادي بشكل عام، فتكدست الجامعات بأعداد الطلاب، وكانت النظرة إلى القبول والاستيعاب أبرز مشكلة تواجه التعليم، وكانت الحلول هي استيعاب أكبر عدد ممكن من الطلاب في التعليم العالي والجامعات والتعليم الفني، وأذكر أننا في الكلية التقنية آنذاك كانت تأتينا الضغوط المستمرة لزيادة عدد المقبولين مهما كان الوضع، فأصبحنا نقبل في الورشة -التي تستوعب خمسة عشر طالباً- خمسة وثلاثين طالباً، وأصبح الأستاذ الذي يدرس عشرين طالباً في شعبة عامة أصبح يدرس ستين إلى سبعين طالباً لهذا نجد أن الجودة أو النوعية انخفضت بشكل كبير، ولم يكن هناك توسع يتواكب مع الاحتياج، وانشغل الجميع بقضية القبول والاستيعاب وتأثرت الكفاءة تأثراً نوعياً. التعليم الفني يواجه مشكلات حقيقية، فالخطط أو الرؤى التي ترسم الآن للتعليم الفني بعيدة عن إدراك المشكلة، وأعتقد أن المشكلة ليست مشكلة تدريب، رغم أن كثيراً من المسؤولين يشيرون إلى أن التدريب هو العقبة الأساسية ولا أعتقد أن المشكلة أيضاً في المهارات التي يكتسبها الطالب، بل أعتقد أن المشكلة في التفكير، إذا خلقنا جيلاً مدركاً، وجيلاً يفكر، وجيلاً قادراً على التعلم، نستطيع أن نوجهه إلى أي مجال عمل، وتستطيع الشركات والمؤسسات أن تدرب هذا الشخص ليتلاءم مع احتياجاتها، لكن إذا كانت له قدرات محدودة ويعمل بطريقة محدودة ولا يملك القدرة على التعامل مع المتغيرات، أو التعامل مع بيئة العمل أو القدرة على التفكير، ويحتاج إلى مهارات أساسية كالقراءة والكتابة والرياضيات واللغة الإنجليزية فهذه مهارات أساسية يحتاج إليها أي شخص يتخرج من المؤسسات التعليمية، سوق العمل يحتاج إلى شخص يفكر وقادر على فهم المتغيرات في سوق العمل، وقادر على أن يعرف متطلبات مهنته، وكيف يتعلم مدى حياته، لأن البيئة تتغير، والتقنية تتغير، والأنظمة تتغير، وإذا لم يستطع مواكبة هذه المتغيرات فسيظل غير قادر، وسيظل معاقاً، وهذه أهم معضلة تواجه التعليم الفني، فمدخلات التعليم الفني في المملكة بشكل أساس هم متسربون من التعليم، وانقطعوا عن الدراسة سواء بعد المرحلة الابتدائية أو بعد المرحلة المتوسطة أي لم يكمل تعليمه، أو ذهب للثانوية وحصل على معدل منخفض ولم يستطع الحصول على قبول للدراسة في الجامعة أو المؤسسات التعليمية الأخرى، فتوجه للتعليم الفني، فهذا الإنسان الذي توجه للتعليم الفني غالباً ما توجه إليه مرغماً، وغالباً أنه يعاني مشكلات في التعلم، أو مشكلات اجتماعية أو اقتصادية، فمؤسسات التعليم الفني تستطيع أن تستوعب هذا الشخص وتغير من طريقته في الفكر وفي تعاطيه مع التقنية، ولكنها ركزت على إعطائه مهارة أو مهنة وأخرجته لسوق العمل، فنجد هذا الخريج يتبخر ويذهب لأي مهنة سهلة (كسائق، وحارس أمن) حتى لو كان خريج الميكانيكا أو الكهرباء، فلذلك نأمل أن تناقش هذه القضايا في مثل هذا المنتدى وأن يكون هناك رؤى جديدة للتعليم وأن يكون هناك نظرة للجودة والكفاءة كمدخل أساس للعشر سنوات القادمة، وإذا كنا أمضينا العشر سنوات الماضية في قضية القبول والاستيعاب، فلنبحث في العشر سنوات القادمة عن كيفية الارتقاء بمؤسسات التعليم وبرامج التعليم من حيث الجودة والنوعية.
الفرق بين خريجي الكليات التقنية وكلية الجبيل
«الرياض»: أين هذه القضايا من خريجي الكليات التقنية في الجبيل وينبع الذين يتهافت عليهم القطاع الخاص؟
- د. العيسى: لاشك أن هناك اختلافاً في البيئة ولاشك أن كلية الجبيل وينبع الصناعية نشأت في ظروف جيدة، ولديها بنية تحتية مناسبة وارتبطت بالقطاع الصناعي من البداية في مدينة الجبيل وينبع، وقد ركزت على عناصر أساسية محددة وواضحة لأن لديها برنامجاً واضحاً لمدة ثلاث سنوات، ولديهم إعداد في اللغة الإنجليزية في السنة الأولى مما اكسبهم إيجابية من البداية، كما أن لها ارتباطاً بالقطاع الصناعي واستفادوا من تجربة جامعة الملك فهد للبترول والمعادن في إعداد الطالب فيما يتعلق بالتعليم التعاوني والتدريب التعاوني، ولم يكن عليها ضغوط وكانت تستطيع استيعاب الأفضل من بين المتقدمين، أما الكليات التقنية فقد نشأت في ظروف للأسف ليست بالجيدة وكانت النظرة والتأسيس للكليات التقنية ضعيفة، وتمنيت في إحدى المقالات أن جامعة الملك فهد للبترول والمعادن هي التي تولت إنشاء الكليات التقنية، لأنها نشأت ككلية تقنية في بدايتها، وكان تركيزها على الجانب التطبيقي، وكانت تحمل اسم بكالوريوس ولكنها كانت كلية تطبيقية تقنية ارتبطت بشركة أرامكو وقطاع البترول، ولاشك أن هناك مشاكل في المناهج وقبل ذلك مشاكل في رؤية التعليم التقني وما دوره، وكيف يؤهل الطالب أو المتدرب، يتعلق بفلسفة المناهج التي اعتقد أنها قد أثرت على مستوى الكليات التقنية.
تعليم بلا مقاييس
د. هيفاء القاضي:امتدادا لما قاله الزملاء حول واقع التعليم الحالي أود أن أضيف الأمور التالية:
أولاً: أعتقد أن حالة وبيئة الضعف التعليمي تحولت إلى ثقافة ومنهج، ومظاهر ذلك التركيز على الكم والمظهر الخارجي على حساب النوعية.. عندما نتأمل في تقاريرنا التعليمية نجدها تتحدث عن كم عندنا من فصل، كم عندنا من مدرسة، ومن معلم، ومن طالب، كم خرجنا على مدى السنوات الماضية...لكن الجوهر قلما نتحدث عنه. أثر النظام التعليمي في إحداث التعلم لا نستطيع تحديده؛ حتى الآن لا يوجد لدينا مقاييس تقيس أداء طلابنا وطالباتنا.. وبالتالي لا نعرف هل يحدث التعلم المنشود أم لا؟ وما مستوى هذا التعلم؟ كل ما نعرفه أن مستوى الطالبات والطلاب متدن، ولكن مستوى هذا الضعف وجوانبه لا نعرفها، حتى جوانب القوة في التعليم لا نستطيع أيضاً تحديدها؛ لأن من يقوم بالتعليم هو نفسه من يقوم بالتقويم وبالتالي فهذا التقويم في أساسه هو تقويمً المؤسسة التعليمية لنفسها أكثر منه تقويماً لأداء وتحصيل الطلبة.. فليس لدينا آليات ومقاييس مستقلة تتولى قياس الأداء في كل مرحلة من مراحل التعليم، وتكشف جوانب القوة والضعف فيها بسرعة بل والتنبؤ بها قبل حدوثها. لو كانت لدينا مقاييس مستقلة لأدركنا مشاكلنا واستطعنا توصيفها جيداً، ولكن بدون تلك المقاييس والاختبارات المقننة فغالبية ما يقال عن التعليم هو فروض وليست حقائق.
هذا الاهتمام بالكم تحول إلى ثقافة في ذاته بحيث أثر الاهتمام بالكم على الدرجات، فعلى سبيل المثال مؤسسات المجتمع متضايقة من كثرة الأعداد التي يتم تخريجها ودرجاتها عالية جداً وقد تسبب ذلك في وجود الظاهرة المعروفة بتضخم الدرجات (grades inflation) الذي يعني أن الارتفاع في الدرجات لا يعكس ارتفاعاً حقيقياً في مستوى الأداء لدى الطلاب والطالبات. المشكلة في التضخم أنه يستر كثيراً من الأخطاء ويحول دون الاعتراف بها. هذه المشكلة موجودة وهي ليست عيباً.. كثير من المجتمعات تعاني من هذه المشكلة فالجامعات الأمريكية مثلا لديها هذه المشكلة لكنها تصرف سنويا حوالي أربعة مليارات من الدولارات لعلاج تضخم الدرجات، نحن حتى الآن لا يوجد لدينا أساليب لمعالجة هذه القضية رغم أن المجتمع نفسه يعترف بها، ولذلك نرى أن بعض مؤسسات المجتمع بدأت تتخذ إجراءاتها الخاصة في تقويم مخرجات التعليم مثل «اختبار القدرات» فهو تدخل خارجي في قياس وتقويم أداء الطلبة، ومثل ذلك اختبارات القبول التي بدأت تحرص على إجرائها كثير من مؤسسات القطاع العام والخاص من أجل الاختيار والتوظيف. مع تضخم الدرجات لا نستطيع معرفة حقيقة الوضع بل بالعكس التضخم يعني في مظهره الخارجي أن الحالة رائعة ولا توجد لدينا مشكلة رغم الواقع المخالف لذلك.
يعاني التعليم أيضا من الفردية في التخطيط وصنع القرار التربوي.. التعليم نظام وهو في نفس الوقت عملية معقدة وعملية متغيرة لذلك يحتاج إلى مشاركة مؤسسات المجتمع في عملية صنع القرار التربوي والتعليمي، بكل صراحة هذه القرارات الصعبة والمهمة هي قرارات فردية تخضع لمن هو على رأس الهرم في المؤسسة التعليمية، فلو كان التعليم يدار من خلال مجلس يتكون من الخبراء ومن المسؤولين ومن ممثلين للفئات المستفيدة.. يناقشون العمليات اليومية لاستطعنا تسريع عملية التطوير والإصلاح وتلافي كثيراً من الأخطاء.
ولكون التعليم عملية معقدة فإن عمليات صنع القرار الخاص بها يجب أن تسند للمتخصصين في التربية والتعليم، ولكن عندما ننظر في خارطة الوظائف الموجودة حاليا، نجد أن من يقود العملية التعليمية هم من مختلف التخصصات وهذا لا يناسب إدارة عملية صعبة ومعقدة ومتخصصة والخطأ فيها يؤثر تأثيرا كبيرا على العملية الاجتماعية والعملية التنموية للمجتمع.
كما أن واقع التعليم الحالي يعاني من ضعف في المناهج الدراسية وهذا الضعف يتمثل في فجوة بين متطلبات التنمية وما يدرس في المدارس. فالمنهج الحالي بمفهومه الشامل وبما يتضمنه من مقررات يطغى عليه الجانب المعرفي وبالتالي فمخرجات هذا المنهج من الكوادر هي مخرجات قادرة على الحفظ والاسترجاع لمعلومات لا يمكن توظيفها أثناء العمل، إضافة إلى أن المنهج في جوهره لا يركز على التفكير والتحليل والقدرة على التجريد والربط والاستنتاج..هذه مهارات المفترض أنها أساسية لكل متعلم.. فوظيفة المؤسسة التعليمية أن تخرج للمجتمع مواطناً صالحاً لنفسه ولمجتمعه وحتى يكون هذا الفرد صالحاً يجب أن يكون قادراً على التفكير؛ فإذا كان قادراً على التفكير لن تضيق به الحيلة في بلد مثل بلدنا المليء بالخير والمليء بالفرص.. لقد عشت في أمريكا فترة وكنت أرى الخريجين هناك لا يصرون على العمل في تخصصاتهم وإنما يعملون في تخصصات أخرى إذا وجدت الفرصة لأن المتعلم لديه المهارات الأساسية التي تجعله قادراً على التكيف مع كثير من متطلبات الوظائف المختلفة. أتفق مع ما ذكره المهندس علي الزيد وتنظيره للقطاع الخاص كمصدر للتعلم وأؤكد على أننا عندما ننظر للخارطة التنموية لبلدنا نجد أن الواقع يشير إلى أننا تنموياً قد سبقنا ما يدرس في مدارسنا وما يتضمنه المنهج التعليمي.
أعود فأقول: ليست المشكلة في الضعف بحد ذاته فكثير من الدول استطاعت أن تحول الضعف إلى قوة بل إنه يكمن في الضعف عناصر النجاح إذا اتخذت الإجراءات السليمة لدراسة هذا الضعف وتوصيفه وكان في النظام التعليمي ما يساعد على التغلب على الضعف.
مثلت التنمية
م. الزيد: أولاً بنظرة محاولة لاستقراء المستقبل نجد أن المستقبل ينبئ بأن التنافس المستقبلي بين دول العالم في الاقتصاد سيكون تنافساً معرفياً. سيكون التنافس في الموارد التقليدية وسيتجه للشريحة العليا من المعرفة وإذا أخذنا أو سلمنا بهذا المنظور للمستقبل نجد أن المطلوب في الوقت الراهن التركيز بشكل جاد على بناء قدرات معرفية للمستقبل والحفاظ على مكانتنا التنافسية في وسط العالم، ستقل قيمة الموارد الطبيعية البترول والغاز وغيرها. الموارد التي نعتمد عليها في ظل العولمة وفي ظل أنظمة كثيرة جداً ستقل قيمتها ويصبح المحك الأساس هو قدرتنا الفكرية على الاستثمار الأمثل للموارد بشكل عال جداً.
من هذا المنطلق التجارب العالمية التي رأيناها كانت قائمة على ارتباط مباشر بين مثلث التعليم والبحث والصناعة، كان هناك ربط مباشر دائم وثابت في العلاقة الوثيقة بين مؤسسات التعليم ومؤسسات البحث والتطوير ومؤسسات الصناعة فبدون هذا الارتباط الأساس يصعب جداً تطوير التعليم، فيجب تنفيذ التعليم بناء على معايير محددة وتغذية راجعة من الصناعة ومن البحث العلمي للمؤسسات التعليمية وعلى ذلك يمكن تطوير التعليم وتطويره.
«الرياض»: باختصار ماذا يريد القطاع الخاص عن مؤسساتنا التعليمية؟
م. الزيد: إذا سألنا ماذا يريد القطاع الخاص باعتباره الموظف المستقبلي للمنتج من العملية التعليمية نجد أن هناك ثلاثة محاور أساس يجب التركيز عليها: المحور الأول يختص بأعداد خريجي مؤسسات التعليم وتخصصاتهم، والمحور الثاني يختص بالمحصول المعرفي العلمي لهذا المنتج، والمحور الثالث يرتكز على شخصية هذا المنتج، وفي إطار المحاور الثلاثة يجب أن تعمل العملية التعليمية وأن تركز على محصول معرفي وبناء شخصية الفرد بشكل متكامل مروراً بقدراته الفكرية والابتكار والتحليل والاستنتاج وكل الطبائع المحورية في العملية التعليمية والمحصول المعرفي والمنهج الدراسي الذي يعتمد في هذا الجانب.
والجانب الآخر في ظل ما ذكر نحتاج إلى حجم مناسب من الكفاءات البشرية قادرة على سد الاحتياج الواسع لسوق العمل، وأعتقد أن القضية كبيرة جداً وتحتاج إلى جهد مركز حتى نخلص في نهاية المطاف إلى آليات واضحة جداً ومقننة للوصول إلى الأعداد المناسبة، والوصول في الوقت نفسه إلى بناء شخصية الناتج من المؤسسات التعليمية بشكل يلبي احتياج العمل، التحدي في نظري كبير جداً ولا اذهب إلى لوم المؤسسات التعليمية بشكل كبير لأنه في اعتقادي لا يوجد معايير سوق ناضجة بشكل جاد لتقييم المنتج التعليمي وإعطاء معلومة راجحة مؤكدة وموثقة للمؤسسة التعليمية حتى تحسن منتجها التعليمي، يجب ألا نذهب باللوم فقط على المؤسسات التعليمية فهي قضية متوازنة، فالعملية التعليمية صناعة في نهاية المطاف، صناعة التعليم، البداية في الصناعة من النهاية، النهاية هي المنتج ودور هذا المنتج في المجتمع هو معايير ومواصفات هذا المنتج ويبنى خط الإنتاج بناء على هذه المواصفات، فباعتقادي أن المؤسسات التعليمية في غياب مواصفات هذا المنتج ومؤشراته ومستقبله يصعب على المؤسسة التعليمية أن تعمل بشكل كاف ودقيق على إيجاد هذا المنتج.
فنحن يجب أن نعمل في إطار منظومة وهذه المنظومة تتطلب الربط بين المستقبل الاقتصادي والموارد البشرية بشكل عام وجزء منها للمؤسسة التعليمية ونعطي المؤسسة التعليمية وضوحاً في الرؤية والدور ومتطلبات سوق العمل لهذا المنتج.
التدريب ليس الحل
م. الزيد: كذلك أميل مع الدكتور احمد العيسى حول التدريب وأعتقد أنه في مرحلة معينة كنا محجوبين جداً عن التدريب حيث كان التدريب ضعيفاً جداً، وفي فترة لاحقة حملنا هذا التدريب كل الحلول، وكأنه هو الحل لكل قضايانا، وفي اعتقادي الشخصي أن التدريب في كثير من جوانبه وضع المتدرب الذي كان باستطاعته العمل وتكييف نفسه في إطارات عديدة وضعه في أنبوب واغلق عليه الأنبوب وما عاد قادراً على الخروج منه، فقد أحضرت هذا المتدرب وخصصته في تخصص معين وأعطيته شهادة أنه متخصص في الكهرباء أو النجارة أو الحاسب أو أي تخصص من هذه التخصصات دونما النظر إلى كيفية تعامله هو مع هذا التخصص على أرض الواقع أعتقد أنه في نهاية المطاف عندنا مؤسستان رئيسيتان: مؤسسة صناعية ضخمة جداً، ومؤسسة تعليمية تنتج هذا الفرد ولابد أن نربط هاتين المؤسستين ربطاً علمياً، فالعملية التدريبية تتم داخل المؤسسة التعليمية بشكل وتستكمل في إطارها التطبيقي في المؤسسة الصناعية بشكل جاد وواقعي، والوسيط في هذه العملية كلفنا الكثير وغيَّر توجهاتنا بشكل كبير جداً، فهو غير مرتبط بالواقع، وتمنيت دائماً أن نتخلى جزئياً عن إقحام التدريب والنظر إليه على انه الحل، ومشكلتنا فقط في هذا المجتمع مشكلة التدريب وأتمنى في المستقبل ان ننظر لهذه المشكلة بجدية، الصناعة والنظام في الصناعة هو المدرب الأصل والمهم. كذلك أود أن أقول كلمة بسيطة مؤسساتنا الاقتصادية نشأت في ظروف طفرة، واتجهنا لجلب الكثير من الخبرات من شرق آسيا وغيرها، فبيئة العمل في القطاع الخاص بيئة غير مُدربة وتخلو من نظام يبدع وينتج ويدرب وهذا هو ما عزز التفكير في إيجاد وسيط أو طرف ثالث للتدريب. النجاح الذي حققته أرامكو في السعودة سببه أن الصناعة ممثلة في أرامكو نفسها تبنت التدريب ومثل ذلك القطاع البنكي تبنى التدريب مباشرة لأن المؤسسة منظمة نظام هذه المؤسسة هو اول خطوة في التدريب وأول مسلك ويمكن أن يعد المسلك الأهم في التدريب، فباعتقادي أن العملية التعليمية يجب أن تربط العملية التعليمية مع البحث والصناعة والربط الأساس يجب أن يكون مباشراً بين العملية التعليمية والصناعة وأن نتخلى عن تحميل التدريب الحلول المستقبلية للبطالة ومشاكلها وقضايا يمكن ان تحل بطرق أخرى.
المنتدى الاقتصادي الأول والتعليم
م. الزيد: أعود إلى النقطة الأساس وأقول إن منتدى الرياض الاقتصادي الأول تناول التعليم في كل أجزائه وكل أبعاده والمنتدى الثاني كذلك يتناول التعليم.. نحن تناولنا التعليم ليس بطريقة مباشرة.. مثل ما قلت الصناعة هي الأساس اذا استطعنا ان نؤسس لبيئة صناعية صحية ستكون هي أداة وهي المحرك الأساس للعملية التعليمية ... المؤسسة الصناعية تحدد الاحتياجات وتحدد معايير القياس والتقويم أيضاً وهي بذلك ستوفر للمؤسسات التعليمية مؤشرات واضحة جداً لتحفيزه على العمل الجاد.
منتدى الرياض الأول والثاني بحث في بيئة الاستثمار ونمو الاقتصاد بشكل شامل (الشفافية - الشراكة - النقل) كل هذه القضايا بحثت في نمو القطاع الاقتصادي وإذا نما هذا القطاع في بيئة صحية وعلى أسس علمية سيوفر بيئة توفر للتعليم موجهات واضحة جداً وستيسر للمسؤولين عن التعليم الدكتور أحمد وزملائه البناء والتخطيط للمستقبل بمعايير واضحة، وسيعلم الدكتور احمد إذا تخرج من عنده خريج يعلم من المؤسسة التي ستأخذه ويعلم أن هذه هي متطلبات المؤسسة وهذه المهارات والمعارف التي يحتاجها هذا الخريج حاصل عليها وبالتالي المؤسسة العلمية يسهل عليها هذا الجانب. هذه هي ليست معالجة مباشرة أو جزئية لكنها معالجة شاملة وبشكل أوسع للقضية التعليمية.
شراكة القطاع الخاص
د. هيفاء القاضي: إضافة إلى ما ذكر حول ما يريده القطاع الخاص من التعليم، وما ينبغي أن يقدمه القطاعان لرفع مستوى التعليم، أود أن أشير إلى أن نسبة مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني ونسبة مساهمته في التوظيف نجدها تتراوح ما بين 4440٪ ومتوقع لها الزيادة، وهذا يعني أن رؤى القطاع الخاص ومتطلباته يجب أن تؤخذ في الحسبان عند تصميم البرامج التعليمية، فالقطاع الخاص يريد خريجين قادرين على التفكير يملكون القدرات اللازمة للتصدي لقضايا العمل، يحتاج إلى ديناميكية وسرعة في الحركة وسرعة في التصرف وسرعة في التفكير وقدرة في الابداع، هذه القدرات المفترض أن تغرسها المؤسسة التعليمية لدى المتعلمين فكما القطاع الخاص مطالب بالسعودة والتوظيف القطاع العام - بالمقابل - مطالب بإمداد القطاع الخاص بالكوادر المؤهلة، وحتى يتحقق ذلك لا بد من انفتاح القطاعين على بعضهما في مجال التعليم والتدريب بحيث يشارك القطاع الخاص في وضع الأهداف التربوية ووضع المناهج التي تحقق تلك الأهداف والمشاركة في تحديد فلسفة التقويم واستراتيجياته، وفي نفس الوقت هو مطالب بتقديم الفرص والمجالات والخبرات اللازمة التي تساعد على التوجه للأسلوب التطبيقي لمختلف العلوم، كما ينبغي للقطاع العام أن يعيد صياغة فلسفته التربوية بحيث تكون الخبرة وليست المعرفة هي وحدة بناء المنهج، وفي رأيي يصعب تحقيق ذلك بدون مشاركة القطاع الخاص والانفتاح إليه. نتمنى أن تتاح للقطاع الخاص الفرص للمشاركة في التخطيط والتنظير للتعليم ونتمنى من القطاع الخاص أن يسعى للحصول على هذا الحق لأنه حق مشروع، وهو يخدم المصلحة الوطنية والعملية التنموية.
التوصيات
م. الزيد: أود أن أعود إلى قضيتين أساسيتين الأولى المؤثر الأساس في العملية التعليمية هو المعلم الذي يجب التركيز عليه بشكل كبير جداً واعتقد أن أحد المسارات التي يجب أن نعود إليها هو نظام الابتعاث وأن نفتح الابتعاث بشكل جاد لأن المحصول المعرفي الذي يعود به المبتعث علاوة على أنه يمثل وسيلة ناجحة من عملية نقل التقنية وأتمنى أن نتوسع في هذا المجال بشكل كبير جدا لأنه لا يمكن لمؤسساتنا التعليمية أن تعيش في دائرة مغلقة تخرج وتعلم وتخرج وتعلم دونما الاحتكاك المباشر بالثقافات والعلوم الأخرى.
الجانب الآخر ... الاقتصاد المعرفي علم واقتصاد استراتيجي مهم وعلينا أن نختار مجموعة من المتخصصين والمتميزين في التخصصات المناسبة ونبتعثهم إلى أحسن جامعات العالم ليكونوا رواداً في هذه البلد لقيادة المستقبل الاقتصادي بما يتناسب مع ظروف المستقبل التي نرى مؤشراتها اليوم.. عملية الابتعاث ستؤثر بإذن الله إيجاباً على مؤسساتنا التعليمية وعلى جامعاتنا ونحن الآن نرى أن كل يوم يمر على جامعاتنا يزيد فيه هرم الجهاز التدريسي، علاوة على أن كثيراً منهم بدأوا يتسربون ويتقاعدون ولا يستبدلون ولا توجد آلية للتعويض وقد بدأت الجامعات تتجه للدول المحيطة للتعاقد مع مدرسين قد لا تتناسب بيئة تعليمهم وثقافاتهم وقدراتهم الفكرية مع المستقبل الذي نرجو لهذا البلد، نحن في موقع يتطلب بعداً آخر. المعلم هو المحور الأساس الذي يجب أن نركز عليه بالابتعاث وبما يجعله يمتلك ثقافات عالمية متطورة لنتمكن من تحقيق أهداف التنمية وبناء اقتصاد عصري يناسب الاقتصاد المعرفي.
- السري المهندس علي تحدث عن اقتصاد المعرفة ويسعدني أن أذكر أنني شاركت في الاجتماع التأسيسي للجمعية العربية لاقتصاد المعرفة الذي عقد في دبي وستكون ان شاء الله جمعية فاعلة بالنسبة لتحويل اقتصادنا ليكون اقتصاد معرفة، فيقال أن العالم تحول من اقتصاد الصناعة إلى اقتصاد المعرفة، فاقتصاد الصناعة طبعاً يعتمد على المعرفة، ولكن المعرفة كانت محصورة في شريحة فهي تستثمر وتخطط بينما معظم العاملين في المؤسسات الصناعية هم كالآلات ينفذون تعليمات محددة والاقتصاد المعرفي يعني هو تدفق المعرفة من أعلى مستوى ليتغلغل في جميع مستويات المؤسسة بحيث أن الإنسان العامل في المؤسسة يكون قادراً على الإبداع وقادراً على الإنتاجية بمستوى أعلى، وبالتالي يؤثر على مستوى المنافسة في الوطن الذي يسكن فيه.هذا في النهاية هو بناء الإنسان، وأنا أوافق الدكتور أحمد أن هذا يبدأ من أقل مستوى في التعليم العام وأنا أقارن نفسي كنتاج للتعليم العام من المدارس الحكومية قبل 40 سنة بالخريجين الآن من المدارس الحكومية واستنتج انه نحن كنا متعطشين للعلم، متفتحين اكثر على العالم، راغبين في العلم والمعرفة والمساهمة، وكان عندنا درجة أكبر من الطموح ولذا أوصي بمقارنة الوضع اليوم بما كان قبل أربعين سنة ولاشك أنه لم يكن عندنا تميز من الناحية المادية كان سعر البترول دولارين للبرميل تلك الأيام وبالتالي الموارد المالية كانت قليلة بالمقارنة بما هو متوفر اليوم .. فهناك فروقات أخرى ... لذا لابد من دراسة الفرق بين الأمس واليوم وما الذي أدى إلى التميز في الإنتاج والإبداع.
أعيد وأركز مثل ما قاله الأخ علي أن برامج التدريب يجب عليها ألا تركز على المهارات فقط فالأهم هو بناء الفرد وقدرته على الإبداع وقدرته على التفكير. ولذا أوصي أن ترفع وزارة التربية والتعليم يدها الى درجة ما عن التعليم الأهلي .. أولادي في مدارس خاصة وبدأوا يتعلمون الإنجليزية من الروضة الشيء المضحك انه من أولى متوسط عندهم برنامجان للغة الإنجليزية برنامج يسمونه Special program الذي يدرسونه كجزء من منهج المدرسة و General Program الذي هو من وزارة التربية والتعليم في البرنامج المفروض عليهم من وزارة المعارف يبدأون يتعلمون مبادئ اللغة مثل الحروف في نفس الوقت يكونون: CÄb_ اص قد تعدوا ar بمراحل فما الداعي للتكرار والإعادة غير المجدية وتأثيراتها الثقافية والنفسية والتربوية والمادية .. المدارس الأهلية كان لديها الاستعداد والرغبة في إضافة كثير من البرامج التي تشجع القدرات الإبداعية للطالب وقدرته على التفكير وقدرته على السعي نحو العلم وليس فقط الاستماع للمدرس ولكن تجد انه لا يوجد لديهم وقت متبق في اليوم الدراسي لان المنهج محشو بكثير من المواد. والمنهج لا يعطيهم المرونة في ذلك. رفع اليد قليلاً عن المدارس الأهلية سيجعل المدارس الأهلية مصادر للتجارب لوزارة التربية والتعليم تتعلم منها وتطبق في المدارس الحكومية.
د. اللحيدان: يجب أن نشير إلى أن هناك معوقات أمام التعليم وفي مقدمتها يأتي العدد الهائل من المقررات والمحتوى الدراسي والحشو الذي يعج به التعليم العام حيث أن الطالب لا يجد لنفسه وقتاً حتى للراحة، فعدد المقررات التي يقدمها في موضوع معين مثل المناهج الدينية خمسة مقررات ولكل واحد منهج وعدد المقررات في اللغة العربية خمسة مقررات في المرحلة المتوسطة والابتدائية وعدد المقررات العلمية التي يجب أن نهتم بها باعتبارها هي الأساس مثل اللغة الإنجليزية والرياضيات والعلوم والحاسب متدنية جداً لا تتعدى حصة أو حصتين في الأسبوع، هذه مشكلة أنا لا أدعو للتخلى عن التعليم الديني فيجب أن يكون موجوداً لكن توضع فيه الأمور المهمة التي تقيم أمور الدين المناسبة لعمر الطالب ويترك التفصيل لمن يتخصص أو في مرحلة لاحقة من التعليم.
والتوصية الأخرى هي لا بد من استقلال الجامعة عن نظام الخدمة المدنية، في ظل نظام الخدمة المدنية القائم حالياً لا يثاب المجتهد ولا يعاقب المهمل وبالتالي يتساوى الجميع فلا يكون هناك إبداع أو تطور، فلابد من خلق منافسة بين مؤسسات التعليم العام سواء القطاع العام أو القطاع الخاص تكلمنا عن تطوير المناهج وجعلها تواكب ما يقدم من مناهج في الدول المتقدمة، ولابد من تطوير مناهج الرياضيات والعلوم والحاسب وغيرها والاستفادة مما هو موجود في الولايات المتحدة واليابان والصين.. هذه ليست محصورة بالثقافة أو بالعادات الاجتماعية هذا علم تطبيقي يتلقاه الأمريكي والياباني ويتلقاه المواطن السعودي بنفس العقلية وبنفس المقدرة العالم كله يولد على الفطرة ليس متعلماً فيتعلم ويتدرب. لابد من تطوير المناهج وخصوصا التطبيقية والمناهج التطبيقية هي التي تقوي هذه الأمة (المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف وفي كل خير) والأمة لن تكون قوية وتدافع عن نفسها ما لم تكن قوية علمياً وتطبيقياً لابد أن تجيد علم التقنية وتوطنه في هذا الوطن الكريم، فتطوير المناهج مهم جداً وجعله يتناغم مع المناهج الموجودة في الدول المتقدمة، الأمر الآخر لابد من زرع روح ثقافة العمل، حيث لا يوجد لدينا من كثرة المناهج سواء في التعليم العام أو التعليم العالي وقت لزرع ثقافة العمل لإيجاد أو تبرير التخصصات أو تفعيل الطالب بحيث يزور المنشآت ويتم دغدغة ميوله فكثرة المناهج والمقررات التي تحشو ولا تفيد تحول دون ذلك، كما أوصي بالتدريب.. التدريب ضروري لأنه ليست كل الفئات مؤهلة لان تستوعب مثل ما ذكر المهندس علي.. البنوك تستوعب على درجة معينة من الكفاءة وتدربهم وأرامكو تستوعب على درجة معينة من الكفاءة وتدربهم، أنا أُدرس في الجامعة يمر عليّ طلبة متميزون جداً وفي المقابل هناك فئة ضعيفة جداً لا تستطيع المنافسة هؤلاء لابد لهم من التدريب ولابد من وضع مسار لهم لأنهم لا يجيدون تحديد مسار لأنفسهم، وبالتالي لابد من التدريب للفئة التي لا تستطيع أن تنافس في مواقع العمل، وبعد ذلك المحافظة على التعليم الأهلي ولكن لابد من خفض التكلفة على الطالب، إذا استمر التعليم الأهلي على ما هو حالياً فلن يكون إلا للنخبة ولمن لديهم القدرة المالية، الذين يستطيعون ان يدفعوا .. بعض الناس لا يستطيعون الدفع إذا كان التعليم العام يدخل المسار أمامهم بنسب مئوية والتعليم الخاص يدخل المسار أمامهم بالمقدرة على الدفع أين يذهب الآخرون لابد أن يكون لهم مسار .. هذا المسار هو التدريب والتدريب و التدريب.
النقطة الأخرى هي المشرفون أو المدرسون أو أعضاء هيئة التدريس العام والقطاع الخاص يتخرج الإنسان ويصبح معه شهادة ويظن انه وصل إلى قمة العلم،، قمة العلم لا تأتي إلا بالاستمرار وتجديد المعلومة والاستمرار بالتدريب والاتصال العلمي وسنوات التفرغ وتجديد الخبرة من خلال الاختلاط وتبادل الخبرات مع الجامعات والمعاهد ومراكز التدريب العالمية حيث أن عضو التدريس كل مرة يأتي بجديد ينعكس على جامعته وعلى عطائه لطلابه، عضو هيئة التدريس الذي يقبع 15 سنة أو 20 سنة يصدأ فكره ويصدأ علمه، فهذه ليست وسيلة لتطوير التعليم ، طبعاً هذه نقاط بسيطة جداً، والمهم أن نظام الخدمة المدنية القائم حالياً يحتاج إلى إعادة بلورة ليتعامل مع الجامعات إما باستقلالها عنه أو وضع نظام خاص بها يناسب خصوصيتها وطبيعتها.
د. العيسى: طبعاً ما ذكره الإخوان لا شك أنه يصب في صلب الموضوع وفي التوجهات التي يجب أن تطرح في مثل منتدى الرياض الاقتصادي وأن يكون الصوت واضحاً والرؤية واضحة في معالجة قضايا التعليم لأننا نسمع الكثير من الآراء التي لم تخضع للنقاش وأحياناً تتبنى كسياسة من مؤسسات التعليم ومن الحكومة ومن الدولة دون أن تخضع للنقاش ودون أن تقوم إيجابياتها وسلبياتها.. طبعاً الوقت حان لرفع شعار الجودة في التعليم العام والتعليم العالي وليس شعار من يكتب ويقرأ بشكل جميل، وإنما يجب أن يكون هناك رؤى واضحة حول الجودة في التعليم والسؤال الذي طرح حول التعليم الأهلي والتعليم الحكومي. تجربة التعليم الأهلي يجب أن تقوم الآن بشكل واضح ، التعليم الأهلي بدأ منذ سنوات في التعليم العام واعتقد أن الفترة التي بدأ فيها التعليم الأهلي وانتشر كافية للحكم على هذه التجربة لاشك أن هناك تجارب إيجابية وهناك نماذج ممتازة في التعليم لمعرفة كيف نجحت هذه التجارب التي توفرت لها أمور أخرى غير العناصر المادية، فقد توفرت لها عدة عناصر ونجحت رغم أن المعلم في المدارس الأهلية يتقاضى راتباً أقل من راتب المعلم في المدارس الحكومية ولكنه ينتج اكثر ويعمل اكثر ومطلوب أن يكون على مستوى معين من الجودة ولماذا وجد هذا الحافز مع أن مميزاته اقل من زميله في المدارس الحكومية ، المؤسسات التعليمية الأهلية أوجدت برامج ومعامل إضافية ومساندة للعملية التعليمية والى حد ما نجحت في هذا الجانب ولاشك أن هناك تجارب ربما غير مفرحة في التعليم الأهلي ولكن اعتقد أنه قد تبلورت تجارب جيدة حتى الآن في المدارس الأهلية والذين يبحثون عن تعليم جيد ومستوى جيد يلحقون أبناءهم بالمدارس الأهلية والمدارس الخاصة، هذه حقيقة يجب ألا نتهرب منها.
فيما يتعلق بالتعليم العالي .. التعليم العالي الأهلي لا يزال في بداياته وأنا اعمل بإحدى المؤسسات التعليمية الخاصة بهذا الجانب ولكن أنا متفائل بنجاح جيد لهذا القطاع على الأقل سيتلافى بعض السلبيات الموجودة الآن في التعليم الحكومي.
ومن التوصيات انه يجب العودة إلى عنصر أساسي لا نرى له وجوداً في النقاش في المجتمع بشكل عام وهو موضوع التسرب من التعليم العالي هذه قضية أساسية قضية اعتقد إنها تؤثر بشكل كبير في مسألة مستقبل التنمية بشكل عام ولا نجد لها صدى، يعني إحصائيات وزارة العمل في حصر أعداد البطالة في البرنامج الذي تم تنفيذه في الفترة الماضية تشير إلى أن هناك 88٪ من العاطلين عن العمل دون الثانوية العامة وهؤلاء يمثلون اغلب شريحة العاطلين عن العمل كيف تسربوا من التعليم العام، وهل لدى المؤسسات التعليمية والمؤسسات المعنية برامج لمعالجة موضوع التسرب لان هؤلاء يشكلون الجزء الأكبر من البطالة هم الذين يشكلون ما نسميه الضوضاء والضجة فيما يتعلق بالسعودة، ولو عالجنا مشكلة (88٪) من البطالة في الشارع ربما يكون الباقون أقل (12٪) لن يسببوا لك مشكلة بل هي مشكلة عادية ومعقولة، فكيف تسرب هؤلاء وهل هناك برامج ومؤسسات تستوعبهم بعد تسربهم يجب ألا نناقش النتائج بل يجب أن نناقش الأسباب وما تعمله وزارة العمل هو مناقشة النتائج والبحث عن كيفية تدريبهم، يجب أن نبحث في البداية كيف تسرب هؤلاء كي لا يتسرب غيرهم في المستقبل حتى نستطيع أن نعالج هذه القضية في المستقبل أن التسرب يمثل الجزء الأكبر من مشكلة تأهيل القوى العاملة ومن مشكلات التوظيف.
وهناك قضية أخرى فيما يتعلق بالتوصيات وهي التخصصات في العلوم الاجتماعية في الجامعات ومؤسسات التعليم العالي لدينا كم هائل من التخصصات في العلوم الشرعية والآداب والتربية.. هناك حديث عن تقليص هذه التخصصات وهذه معضلة، فليس بالسهولة إغلاق بعض الكليات أو الأقسام أو التخصصات وما نشاهده في كلية المعلمين دليل على هذا، فمن الصعوبة أن تغلق مؤسسة بكاملها أو تحولها ولكن ألا توجد وسيلة لتطوير هذه التخصصات، يعني ألا يوجد وسيلة لا تخرج لنا تخصصاً غير مقبول في السوق وفي نفس الوقت تخرج شخصاً غير قادر على العمل بأي وسيلة أو أي مستوى من التأهيل، فلدينا حاجة لفتح ملف التخصصات النظرية الموجودة في الكثير من الجامعات حيث هناك مالا يقل (50٪) من طلاب الجامعات في هذه التخصصات. المقصود أن هناك نسبة كبيرة من الطلاب في هذه التخصصات والأعداد تزيد كل سنة لأنها أسهل، ثم يتخرج هؤلاء بعد فترة من الزمن ويدخلون في دوامة البحث عن العمل والبطالة. ومشكلة التوظيف.
د. هيفاء القاضي: أعتقد أن منتدى الرياض الاقتصادي الأول لم يول قضية التعليم الاهتمام الكافي، وهي رأس القضايا، والمنتدى رفع شعار تنمية مستدامة.. كيف يكون هناك تنمية مستدامة بدون إصلاح تعليمي، لذا أوصي أن يكون التعليم هو أحد المحاور الرئيسة للمنتدى القادم أو الذي يليه.
كما أوصي بإعادة هيكلة مؤسساتنا التعليمية في ضوء التجارب الدولية الناجحة التي ذكرها الإخوان وفي ضوء خصوصيتنا التنموية، وخاصة تلك الهيكلة التي تعيد النظر في هيكلية صنع القرار ليجسد الشراكة بين القطاعين الخاص والعام وبين الخبراء والمتخصصين. أوصي بتأسيس مجلس يدار من خلاله التعليم وأنا هنا لا أقصد المجلس الأعلى للتعليم، وإنما أقصد مجلس يتناول تلك القضايا العلمية والعملية المرتبطة بأعمال وزارة التربية والتعليم والمؤسسة العامة للتعليم الفني.
كما أوصي بإعادة التفكير بواقعية في دور المرأة في التعليم وكيف يمكن تفعيل دورها والاستفادة منها.. فعندما نتكلم عن السعودة والتوظيف يذهب الذهن إلى الرجل وأرى أن بطالة المرأة أقسى وأصعب.. المرأة تستطيع القيام بكثير من الأعباء التنموية، ولابد من التفكير فيها بما يرقى لدورها وحجمها الديموجرافي والتنموي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.