أثار قرار إدارة معرض الرياض للكتاب اقتصار حفلات التوقيع على الكتب المفسوحة، ردود فعل عدة، واعتبرت القرار جائراً في حق إصدارات كثيرة صدرت خارج المملكة عن دور نشر عربية. وقالت الروائية ليلى الأحيدب إن روايتها «عيون الثعالب»، التي صدرت عن دار رياض الريس، «لم تفسح من وزارة الثقافة والإعلام، وهي من مطبوعات 2009 لأنها صدرت بعد معرض الكتاب السابق، ما يقصيها من حفلات التوقيع في هذا المعرض»، مشيراً إلى أنه حتى «لو كانت روايتي مطابقة للشروط فأنا لي رؤيتي الخاصة في ما يتعلق بذلك، فالتوقيع كما أقبله وأفهمه أعمق من مجرد وضع المؤلف في غرفة مقاس ثلاثة في اثنين، وإغلاق الستارة عليه ريثما ينتهي دوره! التوقيع يعني احتفالية ثقافية بالكتاب الموقع وليس مجرد وجاهة استعراضية ينحني فيها المؤلف فوق كتابه ليوقعه وكأنه أوتوغراف بائس. وأعتقد أن بعض النوادي الأدبية سنت سنة حسنة في ما يتعلق بهذا الأمر، إذ تقام ندوة عن الكتاب أو المؤلف يتم على هامشها توقيع كتابه». ولفتت إلى أن ما يحدث في معرض الكتاب هو «بؤس ثقافي ساهمنا في إشاعته وينبغي أن يتم تصحيح مسار التوقيعات لتأتي رافداً للكتاب وللمؤلف، ما كان يحدث في الدورات السابقة هو تخصيص مساحة صغيرة ومغلقة ومدججة برجال الهيئة، ليتم توقيع الكتاب وإن كان الموقع امرأة فيتم وضع احتياطات أشد، وقد حضرت توقيع كتاب لصديقة في أحد المعارض السابقة، وعندما انتهى الوقت المخصص لها دخلت عليها زوجة الموقع، الذي يليها قائلة: «لو سمحت خلص دورك هذا دور زوجي». وقالت الأحيدب إن دور النشر هنا «تمارس دور المتفرج ولا تسهم بقليل أو كثير في ترويج الكتاب ترويجاً ثقافياً، بل تكتفي بالفتات الذي قبلنا به، إعلان صوتي عن توقيع الكتاب وغرفة ضيقة وطابور يلهث!»، مشيرة إلى أن اشتراط فسح الكتاب «يقصي كثيراً من الكتب الرائعة. واستغرب حقيقة من سياسة الفسح في المطبوعات، فهي سياسة ملتبسة وغير واضحة، فالمطبوعات تبقي الكتاب معلقاً لديها، لا تقول لك صراحة أنها منعت كتابك ولا تعطيك الفسح، وكأنها تنتظر رد الفعل على المنع أو الفسح وفي ضوئها تقرر، ولو كان لديهم في إدارة المطبوعات ضوابط واضحة لأصبح من حق أي مؤلف أن يقاضيهم لو منعوا كتابه، لكنها ضوابط مطاطة وقابلة للتحوير والتعديل، فهم يبقون شعرة معاوية بينهم وبين المؤلف، وكأن المسألة خاضعة لمدى إلحاحك أو قدرتك على الإقناع، لذلك أتمنى قطع شعرة معاوية ووضع ضوابط غير مطاطة وغير قابلة للتأويل والتفسير، ضوابط تمكن أي مؤلف من مقاضاة إدارة المطبوعات عندما تمنع كتابه أو تعرقل فسحه. أما الروائي يوسف المحيميد فيقول إنه منذ ثلاث دورات، «كنت أرى أن طريقة توقيع الكتب في معرض الرياض الدولي للكتاب لم تكن موفقة، تقنينها في منصة محددة ليست عملية، وتعقيد ليس في محله. ففي بيروت مثلاً والقاهرة، تتم حفلات التوقيع داخل أجنحة الناشرين، إذ يمنح كل ناشر الحق في تنظيم توقيع ما صدر من كتب لديه، ويتم التنويه عن الحفلات عن طريق المذيع الداخلي للمعرض، وهذا يكسب المعرض حيوية أكبر، إذ تتم حفلات توقيع عدة في وقت واحد، فيجد القارئ فرصة الحصول على توقيع مؤلفه المفضل في أي وقت. أما اشتراط فسح الكتاب وإجازته للتوقيع فلا أعتقد أن ذلك سيحدث، لأن إدارة المعرض تدرك أن عليها التخفف من الرقابة إلى أقصى الحدود، بخاصة أن التنافس بين أكثر من 15 معرضاً عربياً يكون في مقدار هامش الرقابة المتاح. فكم خسرت الكويت مثلاً، في تسليط رقابة شرسة على كتب المعرض، مما أفقده نسبة عالية من الجمهور، وكذلك تراجع عدد من الناشرين عن المشاركة»، مشيراً إلى أن الرقابة على المخطوطات في الداخل قبل نشرها، «أمر يجب تجاوزه، فكلنا يعرف قرار إسناد رقابة كتب الأندية الأدبية إلى الأندية نفسها منذ سنوات، وكيف سار الأمر بسلاسة وبساطة، فما الذي يمنع أن تترك أمور الرقابة إلى دور النشر الخاصة نفسها؟ ويختص قسم الرقابة العربية في الوزارة بدور إشرافي فقط، في حال تجاوز ناشر لمحظور ما، أظن أن هذا الأمر سيرفع سقف الرقابة، ويخلق حركة نشر حقيقية في الداخل طالما انتظرناها». ويتساءل عبد الواحد اليحيائي: أين نبحث عن الرقيب هناك: هل هو ضمير الناشر، أو فكر الكاتب، أو وعي القارئ؟ ما هي الرغبة الجامحة والملحة التي تجعل قارئاً ما يسعى إلى الحصول على كتاب هو يعلم أن الرقابة المحلية قد خنقته لشهور ثم أخرجته جنيناً ميتاً؟ توقيع الكاتب على كتابه في معرض كتاب يهدف غالباً إلى ثلاثة أمور: إسعاد القارئ بالحديث المباشر مع كاتبه المفضل، والحصول على تميز بكون الكتاب موقعاً على هيئة إهداء من الكاتب إلى القارئ، والترويج للكتاب من الكاتب ودار النشر التي أصدرته. وأتساءل هنا: هل سيسعى القارئ إلى ذلك في معرض الكتاب القادم إن قلنا له لن يكون التوقيع متاحاً إلا لكتاب نال الفسح المحلي من رقابة وزارة الثقافة والإعلام؟ بخاصة وقد أثبتت الرقابة في كثير من المناسبات أنها بلا فكر ولا وعي. إذن ليكن البديل الكلام عن الكتب المعروضة كلها، ما فسح منها في المملكة وما لم يفسح»، متمنياً: أن يكون حق التوقيع على الكتاب متاحاً للجميع بلا استثناء لكل كاتب، ولكل كتاب، ولكل قارئ نحترم وعيه وقدرته على التمييز بين الكتاب الجيد والكتاب الرديء». واعتبر أنه من المعيب جداً في هذا الزمن المفتوح على مصراعيه ثقافياً «أن نطلب من مجموعة لا تفقه الوصاية على مجاميع من البشر تفقه وتعلم وتفكر، وإلا لما جاءت بحثاً عن الثقافة والوعي في معرض كتاب بحجم معرض الرياض الدولي للكتاب».