تربط المملكة العربية السعودية وجمهورية الهند علاقات وطيدة، وتنامت مسيرة العلاقات وتواصل الحوار بين قيادتي البلدين الصديقين، منذ الزيارة التي قام بها الملك سعود بن عبدالعزيز - رحمه الله - إلى الهند في عام 1955 والزيارة التي قام بها إلى المملكة في عام 1956 رئيس وزراء الهند الراحل جواهر لال نهرو، والزيارة الرسمية لرئيسة وزراء الهند أنديرا غاندي عام 1982 إلى المملكة. وشكلت زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود إلى الهند في كانون الثاني (يناير) 2006 قفزة نوعية في دعم مسيرة التعاون بين البلدين الصديقين ومعلماً لتنمية التفاهم وتعزيز الشراكة في إطار المصلحة المشتركة والصداقة الوثيقة التي تجمع بين البلدين والشعبين، بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء السعودية. وتم التوقيع خلال تلك الزيارة على ثلاث اتفاقات ومذكرة تفاهم حول التعاون بين البلدين في مجال مكافحة الجرائم، كما جرى التوقيع على اتفاق تشجيع وحماية الاستثمارات بين البلدين، وكذلك توقيع اتفاق تفادي الازدواج الضريبي إضافة إلى التوقيع على اتفاق تعاون في مجال الشباب والرياضة. وصدر في ختام الزيارة إعلان نيودلهي الذي اشتمل على عدد من المحاور المهمة، منها تعزيز التعاون لمكافحة خطر الإرهاب والجرائم الأخرى، والاتفاق على توسيع وتنويع التجارة والاستثمارات المشتركة بين البلدين، والتأكيد على أهمية استقرار سوق النفط للاقتصاد العالمي، وتأسيس شراكة استراتيجية نفطية، كذلك قيام الحكومتين بتشجيع ودعم رجال الاعمال في كلا البلدين الصديقين، والعمل على تعزيز التعاون بينهما في مجال التقنية ودعم وتشجيع التبادل الثقافي. وفي ما يتعلق بالتعاون السياسي أكد البلدان التزامهما بمبادئ الشرعية الدولية وأهمية الحفاظ على السلام والاستقرار الدوليين واتفق الجانبان على العمل معاً لحل النزاعات الدولية القائمة بالطرق السلمية. وفي المجال الاقتصادي ولتوفير إطار عمل مؤسسي لتطوير العلاقات التجارية والاقتصادية، تم التوقيع في نيودلهي عام 1981 على اتفاق التعاون الاقتصادي والفني بين البلدين وأنشئت اللجنة السعودية - الهندية المشتركة للتعاون الاقتصادي والتجاري والعلمي والفني والثقافي، كما تم التوقيع على مذكرة تفاهم لإنشاء مجلس الأعمال السعودي - الهندي الذي عقدت دورته الأولى في نيودلهي في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) 2005. ويوجد أيضاً عدد من الاتفاقات ومذكرات التفاهم الموقعة بين البلدين، ومنها مذكرة تفاهم بين المجلس الهندي للبحوث العلمية والصناعية ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية وقعت في عام 1997 وبرنامج للتعاون التقني بين المجلس الهندي للبحوث العلمية والصناعية والهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة تم الاتفاق عليه عام 1993. وتأسست عام 2005 اللجنة الفنية المشتركة بين وزارة البترول والثروة المعدنية في المملكة العربية السعودية ووزارة البترول والغاز في جمهورية الهند، بهدف استطلاع الطرق والسبل الكفيلة بتحقيق التعاون بين الدولتين في مجال الطاقة. وتبدي المملكة والهند اهتماماً بالغاً بالمشاريع المشتركة كما تواصل المملكة توجيه الدعوة إلى شركات الهندسة والإنشاء الهندية لتقديم عطاءاتها في مشاريعها في قطاعات البترول والغاز الطبيعي والبتروكيماويات والمعادن، إضافة إلى استمرار التعاون بين البلدين في مجالات مثل الوقود النظيف وتحسين عمليات المصافي ومواصلة استكشاف الفرص التجارية في قطاع التكرير والتسويق والطاقة. وتعتمد الهند في جزء كبير من وارداتها البترولية على إنتاج المملكة العربية السعودية، إذ تحصل على أكثر من 30 في المئة من حاجاتها من البترول من المملكة، وتصل كميات ما تصدره المملكة للهند إلى نحو 500 ألف برميل يومياً. وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين عام 2009 نحو 103 بلايين ريال مرتفعاً بنسبة 600 في المئة عما كان عليه في العام 2000. وارتفع عدد الشركات الهندية العاملة في السوق السعودية من نحو 68 شركة حتى عام 2006 إلى ما يقارب 250 شركة هندية عام 2009. ويقدر مجموع الاستثمارات الهندية في المملكة حالياً بمبلغ 5732 مليون ريال، كما توجد هناك استثمارات سعودية في الهند. ووفقاً للإحصاءات زادت التجارة الثنائية بين المملكة والهند في السنوات الأخيرة، إذ قفزت واردات السعودية من الهند إلى أكثر من 19 بليون ريال عام 2009 مقارنة ب 9.9 بليون ريال في عام 2006 ونحو 6.9 بليون ريال في عام 2005، وعلى الجانب الآخر ارتفعت الصادرات السعودية إلى الهند في عام 2007 إلى أكثر من 64.1 بليون ريال في مقابل 48.5 بليون ريال في العام 2006 و40.2 بليون ريال في عام 2005. وفي مجال التعاون الصحي بين البلدين، وقعت المملكة العربية السعودية مع جمهورية الهند في نوفمبر 2006، مذكرة تفاهم للتعاون الصحي المشترك في إطار اتفاق التعاون الاقتصادي والفني الموقع بين البلدين عام 1981 في نيودله، بهدف تعزيز التعاون المشترك بين البلدين في العديد من المجالات الصحية، وتعد هذه المذكرة الأولى من نوعها بين وزارتي الصحة في المملكة والهند، والتي تم على أثرها التعاقد مع القوى العاملة الفنية الحكومية من الهند إلى السعودية، وللمرة الأولى، إذ إن جميع القوى العاملة الطبية السابقة التي تعمل في المملكة كانت تتم عن طريق القطاع الخاص. وخلال السنوات الماضية حصلت الهند على قروض من الصندوق السعودي للتنمية لتمويل عشرات المشاريع، ويعمل في المملكة نحو مليون وستمائة ألف عامل هندي. ويفد إلى المملكة مئات الآلاف من الهنود المسلمين لأداء فريضة الحج والعمرة، إذ يوجد في الهند نحو 150 مليون مسلم. من جهة ثانية، يقوم رئيس مجلس الوزراء في جمهورية الهند الدكتور مانموهان سينغ بعد غد (الاثنين)، بزيارة إلى مجلس الشورى في إطار الزيارة الرسمية التي يقوم بها إلى المملكة وتبدأ اليوم (السبت) وتستمر ثلاثة أيام، تلبيةً لدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود. وسيلقي سينغ خطاباً أمام مجلس الشورى سيتناول فيه السياسة الخارجية لبلاده، ومواقفها إزاء القضايا الإقليمية والدولية الراهنة، كما سيعرض مدى ما وصلت إليه العلاقات المتينة التي تجمع البلدين الصديقين، وأوجه التعاون الثنائي بينهما في مختلف المجالات، والفرص الاستثمارية المتاحة في بلاده، والتي تتيح إيجاد مزيد من التعاون الاستثماري المشترك بين رجال الأعمال في المملكة والهند.