بدد احتمال ترشح الرئيس السوري بشار الأسد لولاية جديدة احلام اللاجئين السوريين في الاردن بعودة قريبة لبلدهم التي دخل النزاع المسلح فيها عامه الرابع، فيما أبدوا تشاؤمهم حيال مفاوضات جنيف "العبثية". واعتبر لاجئون في مخيم الزعتري (85 كلم شمال شرق عمان)، الذي يؤوي نحو 110 الف سوري في منطقة صحراوية، ان احتمال ترشح الأسد يعني الاستخفاف في مجلس الأمن وعدم الاكتراث لدماء ضحايا النزاع الذين تجاوز عددهم 146 الفاً. ويقول ابو محمد (54 عاما) من درعا في جنوب سورية، وهو يرتدي الزي العربي ويقدم "المتة" السورية لضيوفه الجالسين تحت أشعة الشمس بجوار منزله المتنقل ان "ترشح الاسد يشكل قنبلة موقوتة من صناعته، لكنها ستنفجر بالجميع معارضة ونظاماً". ويضيف الرجل، الذي عمل 30 عاماً في قوى الأمن الداخلي في وزارة الداخلية السورية قبل اللجوء الى الاردن "لا نرى حلاً لأزمتنا ولا عودة قريبة للاجئين فقد تخلى عنا الجميع"، مشيراً الى ان "مفاوضات جنيف بين ممثلي النظام والمعارضة والتي توقفت اخيراً عبثية ولن تقود الى اي نتيجة". ويضيف ابو محمد، وهو يشعل سيجارة ان "كل دول العالم تخلت عنا ونحن نواجه مصيراً غير معلوم، الغرب يهتم لحقوق الحيوان اكثر من حقوقنا وحديثهم عن حقوق الانسان كان مجرد شعارات". ولم يعلن الاسد رسمياً عزمه الترشح لولاية جديدة في الانتخابات المقرر اجراؤها قبل تموز (يوليو)، الا انه سبق ان قال لوكالة فرانس برس في كانون الثاني (يناير) ان هناك "فرصاً كبيرة" لترشحه للرئاسة. وأقر مجلس الشعب السوري الجمعة مشروع قانون يمهد الطريق امام اعادة انتخاب الرئيس بشار الاسد لولاية جديدة ويقصي عملياً معارضيه في الخارج من حق الترشح. وتسلم الاسد عام 2000 السلطة بعد وفاة والده الذي حكم البلاد قرابة ثلاثة عقود. واعيد انتخابه في العام 2007 لولاية ثانية من سبع سنوات. ويرى اللاجىء ابو مراد (45 عاماً) ان "ترشح الأسد إذا حصل يعني الاستخفاف بمجلس الأمن ودول العالم بأسرها وعدم الاكتراث بمشاعر اهالي ضحاياه". ويضيف وهو يجلس الى جانب ابو محمد "نريد وقف القتل والدمار قبل كل شيء، نريد حلاً عادلاً يسمح لنا بالعودة الى ديارنا، مللنا غربة ومعاناة". ورأى ان "لا جدوى من مفاوضات جنيف فالعالم يتاجر بالشعب السوري وبدمائه ويستغل ازمتنا لتحقيق مصالح في صراعات مراكز القوى". وفشلت مفاوضات جنيف في كانون الثاني (يناير) وشباط (فبراير)، والتي جمعت للمرة الاولى ممثلين للنظام السوري والمعارضة في التوصل الى حل سياسي للنزاع. وحذر الموفد الدولي الى سورية الاخضر الابراهيمي الخميس من اجراء الانتخابات الرئاسية، مؤكداً ان حصولها سينسف عملية التفاوض مع المعارضة. وتتفق ام محمد (40 عاماً) مع ما قاله ابو مراد وتقول السيدة التي لجأت الى الاردن قبل عام ونصف عام مع ابنائها ال11 بعدما فقد زوجها الذي كان ينوي الانشقاق عن الجيش النظامي ان "مفاوضات جنيف مجرد اضاعة للوقت فنظام الاسد لا يحترم احداً، ولا يعرف سوى مصالحه". وتضيف بأسى، وهي ترتدي ثوباً مغبراً إن "ترشح الاسد ومددت رئاسته مرة اخرى فلن يعود لنا أي أمل بالعودة، ستكون مصيبة لا يتصورها عقل". أما علاء الغوثاني (38 عاما) الذي قضى في مخيم الزعتري نحو عامين فيقول "لا أمل لنا أبدا بالعودة قريباً، ونشكر مجلس الأمن على عجزه داخل سورية، ونسياننا خارج سورية. لا احد اليوم يشعر بمعاناتنا وكأن العالم نسينا تماماً". واعتبر الغوثاني ان "ترشح الأسد استهتار بمعاناتنا وبما قاساه شعبنا من بطش واجرام، هو اصلاً فقد الشرعية منذ استخدم القوة ضد شعبه". ويشكو اللاجئون ظروفاً معيشية قاسية في مخيم صحراوي وسط البرد القارس شتاء وقيظ الصيف، في بلد يعاني اصلاً أزمة اقتصادية خانقة. وقدرت الاممالمتحدة كلفة استضافة اللاجئين السوريين في الاردن خلال عامي 2013 و2014 بنحو 5,3 بلايين دولار. وخلصت دراسة اجرتها منظمة "اوكسفام" الاغاثية لمناسبة مرور ثلاث سنوات على اندلاع الازمة السورية ونشرت الاسبوع الماضي الى ان 65% من اللاجئين السوريين في الاردن يخشون عدم التمكن من العودة الى سورية. ووجدت الدراسة انه "رغم أن الأغلبية الكاسحة من اللاجئين ترغب بالعودة إلى سورياة، توقع ثلث من تم سؤالهم فقط ان يعودوا إلى الوطن. إلا أن 78% من هؤلاء أوضحوا أنهم لا يعلمون متى يمكن أن يحدث ذلك". واجريت الدراسة في الذكرى السنوية الثالثة للنزاع الذي بدأ بتظاهرات سلمية ضد نظام الرئيس السوري بشار الاسد في 15 اذار (مارس) 2011، قبل ان يتحول الى نزاع مسلح اوقع حتى الآن 140 الف قتيل على الاقل.