اعترض دونالد ترامب، أبرز مرشحي الحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركية، عندما سئل في مقابلة إذاعية مباشرة، عن الفرق بين حسن نصرالله الأمين العام ل «حزب الله»، وأبو بكر البغدادي زعيم «دولة الخلافة الإسلامية»، والجولاني زعيم «جبهة النصرة»، وأيمن الظواهري زعيم تنظيم «القاعدة»، وقال أنه من السخف أن يُسأل عمن يقود «حماس» وحزب الله و «النصرة» و «داعش»، إذ إن الهدف من وراء هذا النوع من الأسئلة الإيقاع به والتشكيك في معلوماته العامة وقدراته على قيادة السياسة الخارجية الأميركية، وبالتالي عدم صلاحيته كي يكون رئيساً للولايات المتحدة. أقر نجم تلفزيون الواقع بفشله في تحديد الهوية السياسية لتلك الشخصيات، لكنه قال أنه يدرك أنهم أعداء للولايات المتحدة وإسرائيل، متعهداً بأنهم لن يبقوا على رأس المنظمات التي يتزعمونها في حال وصوله الى البيت الأبيض. الإحراج الأكبر الذي وقع فيه ترامب خلال المقابلة نفسها، التي أجرتها معه الخميس الماضي إحدى محطات الإذاعة الأميركية ذات التوجّه اليميني، جاء عند ذكر اسم قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني. فاعتقد المرشح الرئاسي الأميركي، أن المذيع يسأله عن الأكراد، وذلك لتقارب لفظ كلمتي Quds وKurds. تدخل المذيع وصحّح، فتذكّر ترامب أن سليماني زار موسكو أخيراً. الإذاعة أكملت ما اعتبره ترامب «كميناً» إعلامياً، فطرحت الأسئلة نفسها على كارلي فيورينا، أشدّ منافسيه بين مرشحي الحزب الجمهوري، التي أشارت الى دور سليماني في دعم نظام بشار الأسد في سورية ومقتل مئات الجنود الأميركيين في العراق وأفغانستان. وتساءلت عن طبيعة السياسة الخارجية التي سيعتمدها رئيس ليست لديه أي فكرة عن هوية أبرز المنظمات الإرهابية في العالم، التي تهدد أمن الولاياتالمتحدة وحلفاءها. محطات التلفزة الأميركية أفردت حيزاً كبيراً لمناقشة هذه المنازلة الجديدة بين نجم تلفزيون الواقع ووسائل الإعلام، وقارنت محطة ال «سي أن أن» بين نتائجه «المخزية» في امتحان مادة السياسة الخارجية والإجابات الخاطئة للرئيس السابق جورج دبليو بوش، في مقابلة صحافية مماثلة في تسعينات القرن الماضي، عندما سئل عن اسم رئيس باكستان. هذا الاهتمام الإعلامي كان متزامناً مع تغطية مؤتمره الصحافي الذي عقده لإعلان رضوخه لمطالب المؤسسة الحزبية الجمهورية، وتوقيعه تعهداً خطياً بدعم مرشح الحزب الجمهوري أياً تكن هويته، في حال فشله في نيل تمثيل الحزب في معركة الرئاسة، كما يلزمه هذا التعهد بعدم خوض الانتخابات الرئاسية كمرشح ثالث في وجه المرشحين الجمهوري والديموقراطي، وهو ما رفضه في شكل قاطع على الهواء مباشرة. بعدها، شنّ ترامب حملة إعلامية شعواء على قناة «فوكس نيوز» ومقدمة الأخبار في المحطة مايغن كيلي، التي وجهت إليه خلال المناظرة أسئلة محرجة حول موقفه من المرأة. وقبل نحو أسبوعين، تناولت وسائل الإعلام حادثة قيام ترامب خلال مؤتمر صحافي، بطرد صحافي أميركي من أصول لاتينية، حاول إحراجه في مسألة المهاجرين غير الشرعيين. أضف الى ذلك سلسلة طويلة من زلات اللسان والتصريحات التي اعتُبرت عنصرية، مثل دعوته الى ترحيل أكثر من عشرة ملايين مهاجر غير شرعي، ووصف المهاجرين المكسيكيين بالمهرّبين وتجار المخدرات و «مغتصبي الأميركيات»، واستخدامه المتكرر عبارة «بيبي أنكور» للإشارة الى المواليد الجدد في الولاياتالمتحدة الذين يمنحهم الدستور حق الحصول على الجنسية الأميركية، وتعهّده بإلغاء هذا القانون فور وصوله الى البيت الأبيض. المفارقة، أن هذا المرشّح الآتي الى السياسة من عالم المال والإعلام، خرج منتصراً من المعارك الانتخابية والإعلامية كافة التي خاضها ضد المؤسسة السياسية التقليدية في الحزب الجمهوري والمرشحين ال16 الآخرين، وكانت زلات لسانه وتصريحاته المثيرة تزيد تقدّمه المضطرد على منافسيه، حيث أظهر آخر الاستطلاعات حصوله على 32 في المئة، متقدماً ب14 نقطة على أقرب منافسيه.