تراجعت نسبة إنتاج المسلسلات الكوميدية المعروضة في موسم رمضان الماضي في شكل ملحوظ، بحيث لاحظ المتابعون شبه غياب للأعمال الكوميدية الجديدة التي ترتقي إلى المستوى المطلوب. ثمة تجارب معينة حاولت استثمار نجاحها السابق مثل «الكبير» لأحمد مكي، و«لمّا تامر ساب شوقية» لمي كساب. وبدا أيضاً أن مسلسلات «السيت كوم»، على الرغم من شهرتها وإقبال الجمهور عليها، عانت أيضاً من مشكلات إنتاجية وغياب النصوص المميزة، وبالتالي لم تعد موجودة بقوة في المشهد الدرامي المصري مثلما كانت حالها قبل سنوات قليلة، حينما كانت هدفاً رئيسياً لشركات الإنتاج التي تنفذ غالباً سياسات الفضائيات وتنتج وفق رغباتها. وفي هذا السياق، أكّد الفنان هاني رمزي أنّ تصوير مسلسل تلفزيوني كوميدي يحتاج إلى تفرّغ وتركيز كاملين، إضافة إلى البحث عن نصّ مميز وفكرة جديدة، لأن المشاهد لا يقبل من الممثل الكوميدي تقديم أداء عادي أو تهريجي سخيف، لذا فإنّه يرفض كممثل أن يتواجد في مسلسل كوميدي ضعيف كي لا يضرّ بتاريخه ويخدع جمهوره. وربط هاني رمزي بين قلّة إنتاج المسلسلات الكوميدية وبين الأزمات المالية للفضائيات التي ساهمت في تراجع نسب إنتاج الدراما في شكل عام، وليس المسلسلات الكوميدية فحسب. ورأى أنّ من واجب المسؤولين والقيّمين على هذا المجال دعم صناعة الدراما في شتى الوسائل لأن المسلسل المصري، وفق رأيه، ما زال هو الأفضل عند الجمهور العربي. وتوقع رمزي أن تشهد الفترة المقبلة رواجاً للمسلسل الكوميدي، لأنه محبّب عند المشاهد كما المعلن الذي يفضله على الأعمال الأخرى بشرط أن يكون قوياً، وأكّد أنّ على الفضائيات إعادة حساباتها تجاه المسلسل الكوميدي الذي يحتاج منها دعماً أكبر. أما الفنان الكوميدي سليمان عيد فيقول إنّ صناعة الدراما التلفزيونية عموماً، وليس الأعمال الكوميدية فقط، تعاني بشدة في ظل الأزمات المالية للفضائيات المصرية وديونها المتراكمة عند شركات الإنتاج في السنوات الأخيرة، وأضاف في هذا الإطار: «لا بدّ من التكاتف من أجل عودة المسلسل الكوميدي المصري إلى الصدارة، خاصة أنه مطلوب من المشاهد العربي خصوصاً عندما يقدم من خلال بناء درامي جذاب يعكس الواقع الذي نعيش فيه». ونفى سليمان ما يقال عن أنّ برامج «المقالب» أو «الكاميرا الخفية» أصبحت هي بديل المسلسل الكوميدي الآن عند الفضائيات، مؤكداً أن ثمة فرقاً شاسعاً بين البرنامج والمسلسل، فالكوميديا لا تتحقق من خلال موقف أو مقلب يتكرر في شكل برنامج تلفزيوني مملّ، بل إنها تأتي من مواقف مكتوبة بحرفية ومهارة. وأوضح المؤلف فداء الشندويلي أن مسلسلات «السيت كوم» لم تعد بالقوة نفسها ولم تلق استحسان الجمهور مثلما كانت في بدايتها، وهذا يعود إلى استسهال بعض شركات الإنتاج وتقديمها نصوصاً ضعيفة بكلفة إنتاجية محدودة وبالتالي يكون هذا على حساب المستوى الفني. وأشار الشندويلي إلى أن الكتابة الساخرة هي أصعب أنواع الكتابة، لذلك تستغرق وقتاً طويلاً في التحضير لها، وتنفيذها في الشكل المميز. أما الفنانة نشوى مصطفى، فنفت أن تكون أجور ممثلات الكوميديا في الدراما أعلى من أجور الممثلين العاديين، وقالت في هذا السياق: «على المنتجين أن يهتموا بالمسلسلات الكوميدية لأنها تحقق نجاحات جيدة ونسب مشاهدة عالية وحصيلتها من الإعلانات تكون ضخمة وهذا ما حدث مثلاً في مسلسل «هبة رجل الغراب» الذي حقق شهرة عريضة لتميزه ولأنه عرض في توقيت صعب وكان الجمهور يحتاج فعلاً إلى من يرسم الابتسامة على وجهه». وقالت الفنانة لقاء الخميسي إن شركات الإنتاج تلعب على المضمون في الأعمال التي تقدمها وبالتالي فإن حسابات المكسب والخسارة هي التي تحدد السياسة الإنتاجية ونوعية الأعمال المقدمة. وطالبت لقاء شركات الإنتاج بالاهتمام بالأعمال الكوميدية لأنها تحقق نجاحات جيدة حين تُقدّم في شكل درامي جيد ويتم الإنفاق عليها وتسويقها الفضائيات التي تبحث من دون شك عن مسلسلات كوميدية تحقّق لها نسب مشاهدة عالية. وأكد المنتج تامر مرسي أن السبب في تراجع معدلات إنتاج الأعمال الكوميدية هو أنها تحتاج إلى ميزانيات كبيرة جداً لأن معظم أبطالها من نجوم الكوميديا، والمنتج في النهاية يقوم بعمل خطته طبقاً للمكسب والخسارة وهناك أعمال كثيرة كان من الممكن أن تنتج في رمضان الماضي، لكنها توقفت وتراجع المنتجون عنها في اللحظات الأخيرة، بسبب عدم وجود طلب على نجومها من فضائيات صارت تلعب الدور الأكبر في تحديد المسلسلات المنتجة وتساهم في نهضة صناعة الدراما المصرية. أوضح الفنان سامح حسين أنه عاد مجدداً إلى مسلسل «راجل وست ستات» لأنّ الجمهور يحتاج فعلاً إلى مسلسلات كوميدية أو برامج «سيت كوم» التي تحقق مردوداً إيجابياً سواء على مستوى المشاهدة أو على مستوى الإعلانات، وعندما تقدم في إطار جديد، تحقق مردوداً كبيراً وغياب المسلسل الكوميدي عن الشاشة في رمضان لا يخدم الدراما المصرية، لأن الجمهور العربي مهتم كثيراً بالمسلسلات الكوميدية التي تسوق أكثر في الفضائيات العربية، خصوصاً أن الظروف الصعبة التي مر بها بعض البلدان العربية في السنوات الأخيرة جعلت الحالة المزاجية في حاجة إلى البسمة وهذا ما أثبتته له تجربته الراهنة في مسرحية «أنا الرئيس» التي تشهد إقبالاً جماهيرياً كبيراً بحثاً عن الابتسامة والكوميديا الراقية.