فرضت ظاهرة إنتاج مسلسلات مصرية منقولة عن «فورمات» أجنبية نفسها على صناعة الدراما، بعدما ظهرت أخيراً مجموعة من هذه الأعمال مثل مسلسل «أحلى أيام» المنقول عن المسلسل الأميركي «How I Met Your Mother» (بطولة طارق الإبياري وريهام حجاج وميريهان حسين) وكذلك مسلسل «Ugly Betty»، الذي جرى تعريبه في «هبة رجل الغراب» (بطولة إيمي سمير غانم)، ما أثار جدلاً واسعاً. صناع الدراما اختلفوا في توصيف الظاهرة. بعضهم أكد أنها تطور طبيعي للشكل أو القالب الذي تصاغ فيه الدراما، ونفى آخرون أن تكون هذه الظاهرة على علاقة بالإفلاس، وقالوا أنها تفتح خطوطاً لإنتاج دراما مبهرة تقف في مواجهة الغزو التركي للشاشات العربية. وقال المؤلف فداء الشندويلي أن هناك أشكالاً من الدراما موجودة في الغرب منذ سنوات طويلة، وهو شكل متعارف عليه في كثير من دول العالم مثل اليابان والهند وأميركا اللاتينية والدراما تتطور مثل أي صناعة، «إلا أن الدراما التلفزيونية يجب أن تكون قريبة من حياة الناس، لذلك يتخوف بعضهم من الاعتماد في شكل كامل على تعريب أعمال درامية، وهؤلاء سيرونه شكلاً من أشكال الإفلاس، وهذا الأمر غير حقيقي، بخاصة أن الساحة مفتوحة أمام الجميع والجمهور يحب التنوع ويتقبل الأفكار غير التقليدية طالما ستقدم في شكل احترافي وستخدم الفن». وأكد المنتج صادق الصباح أن هناك ترحيباً من الفضائيات بهذا النمط الدرامي الجديد ومن خلال دراسات استقصائية أجرتها شركات متخصصة على سوق الدراما في مصر، وجد أن سوق العرض التلفزيوني لم يعد يفضل الشكل الكلاسيكي للمسلسلات، لكن هذا لا يعني أنه سيتم الاعتماد فقط على المسلسلات الطويلة أو المنقولة عن أعمال أجنبية، فالمسلسل المصري سيكون أيضاً موجوداً بقوة طالما أنه يقدم في شكل إيجابي ومتميز درامياً». وأوضح المؤلف يسري الجندي أنه لا يمكن اعتبار مسلسلات الفورمات ظاهرة، وقال: «كل ما نراه حالياً هو نتاج حالة ارتباك تمر بها صناعة الدراما في مصر، أدت إلى اتجاه بعض المنتجين للبحث عن الجديد في الأفكار المستوردة، والعامل الاقتصادي يأخذ الإنتاج الدرامي في اتجاهات يرى فيها المنتج السبيل لتحقيق أهدافه، وكيف يحقق المكاسب المادية بأقل التكاليف، وهي الاتجاهات التي تأتي دائماً على حساب القيمة». وأشار الجندي إلى أن اللجوء لاستيراد فورمات من الخارج قد يبدو نتاج حالة من الإفلاس، «لكنه في حقيقة الأمر نوع من الاستسهال، في ظل حالة من الارتباك وعدم القدرة على تحديد مسار واضح لصناعة الفن، وهو ما يفتح الباب أمام استيراد أشكال درامية من الخارج». كما أكد أنه ليس ضد تمصير أعمال درامية أجنبية سواء كانت تركية أو مكسيكية أو أميركية وغيرها، ولكن بشرط أن تتضمن قيمة عليا تجعلها تستحق الترجمة والتداول في أسواق الدراما العربية، وألا تصبح عمليات التمصير الاتجاه السائد في ما تنتجه صناعة الدراما، مشيراً إلى أن هذا الأمر متعارف عليه في صناعة السينما، وعلى الدرب ذاته سار المسرح المصري لسنوات طويلة حتى خرج جيل من المبدعين المصريين والعرب في هذا المجال». وأكدت الفنانة الشابة ميريهان حسين التي قدمت مسلسل «أحلى أيام» أن الهجوم على مسلسلات الفورمات المنقولة عن أعمال أجنبية أمر غير مبرر لأن النقل لا يكون حرفياً والروح المصرية تسيطر على العمل لأنه من الصعب أن يقدم في مجتمع شرقي مسلسل أميركي بكل تفاصيله وعاداته وقيمه، «المهم هو طريقة تناول الموضوع ومن شاهد المسلسل سيجده مميزاً من حيث الكتابة والإخراج والمنتج محمد عبدالوهاب بذل مجهوداً كبيراً في التحضير لهذا المسلسل الذي يقدم صورة تلفزيونية مختلفة». وأشار الفنان طارق الإبياري إلى أن الجمهور هو الفيصل دائماً في الحكم على الأعمال الفنية وهو لا يمكن أن يتقبل أي عمل سواء مصري أو أجنبي من دون أن يكون متميزاً في مضمونه وأحداثه وطريقة تمثيله، «لذلك تبحث شركات الإنتاج والفضائيات عن التجديد في الأفكار الدرامية من أجل جذب المشاهد». وأضاف: «المسلسلات المصرية المنقولة عن أعمال أجنبية ظاهرة ليست جديدة وتفرض نفسها منذ فترة وهي تقدم جنباً إلى جنب مع المسلسلات المصرية».