تضطر الهند إلى تغيير سياستها تجاه الاسلاميين في حركة طالبان في أفغانستان، بسبب مبادرة طرحتها قوى غربية لتحقيق السلام مع الحركة وذلك حتى لا تتعرض نيودلهي للتهميش في دولة تراها مهمة بالنسبة للامن الهندي. ويخشى مسؤولون هنود من أن تمنح خطة أفغانية تؤيدها قوى عالمية لاستمالة مقاتلي طالبان دولة باكستان المنافسة موقفا أقوى في عملية السلام وأن تؤدي في نهاية المطاف ربما إلى استيلاء طالبان على السلطة بمجرد انسحاب القوات الغربية من أفغانستان. وحول التنافس بين الهند وباكستان منذ ستة عقود عندما استقلت الدولتان عن بريطانيا عام 1947 أفغانستان إلى أرض معركة بالوكالة ترى كل من نيودلهي وإسلام آباد أن السيطرة عليها مهمة لمصالحها. ويعقد التنافس الهندي الباكستاني الجهود الغربية لاحلال السلام في أفغانستان. وتهدد مناشدة الرئيس الافغاني حامد كرزاي السعودية وباكستان المساعدة في التواصل مع طالبان بالاضرار بثماني سنوات من الاستثمارات الهندية المالية والدبلوماسية في أفغانستان والتي منحت نيودلهي نفوذا كبيرا في كابول. وكتب سي. راجا موهان وهو خبير في السياسة الخارجية بمكتبة الكونجرس الامريكي مقالا في صحيفة (إنديان إكسبريس) أمس الاثنين قال فيه إن "فشل دلهي في التعامل مع الوضع المتغير في أفغانستان قد يسبب كبوات كبيرة للهند." وأضاف "كان للهند نفوذ كبير في أفغانستان في المرحلة الاولى (منذ 2001 حتى الاونة الاخيرة) ... لكن الركود الذي شاب السياسة الامنية الهندية في الشهور القليلة الماضية وبعض المناورات الجيدة من قبل الجيش الباكستاني هددا بتهميش دلهي في المرحلة الثانية." والحاجة الملحة للعب دور في أفغانستان حتى وإن كان محدودا ربما تكون دفعت الهند بالفعل إلى تخفيف موقفها من طالبان حتى لا ينظر إليها وكأنها تعيق عملية السلام. وصرح إس. إم. كريشنا وزير الخارجية الهندي بأن نيودلهي ترغب في دعم الجهود الرامية إلى تحقيق السلام مع طالبان لاحلال السلام في أفغانستان المجاورة. وقال كريشنا "نحن راغبون في المحاولة" شريطة أن تقبل طالبان الدستور الافغاني وتقطع الاتصالات بتنظيم القاعدة وغيره من الجماعات المتشددة. وتسعى الهند إلى استعادة نفوذها في أفغانستان للقضاء على أي معسكرات لتدريب متشددين مناهضين لها هناك -وتتهم باكستان بدعمها- وفي محاولة أيضا للتصدي لتنامي مشاعر تشدد إسلامي تهدد الامن الاقليمي. ومن جانبها تساور إدارة كرزاي شكوك كبيرة في باكستان التي تعتبر أفغانستان موقعا خلفيا استراتيجيا في حالة نشوب حرب جديدة مع الهند وكذلك بسبب صلات إسلام آباد بحركة طالبان. وقال عدي باسكار وهو رئيس المؤسسة البحرية الوطنية وهي مؤسسة بحثية للشؤون الاستراتيجية ومقرها نيودلهي "إذا أردنا تقييم نتيجة اجتماع لندن فإن العالم يحاول التوصل لاتفاق مع طالبان وعلى الهند قبول هذا الامر. "يجب أن تصوغ الهند سياستها في ضوء هذه الحقيقة ... وإلا فإنها تواجه خطر أن تكون نسقا منفردا." لكن علاقات الهند التقليدية بأفغانستان وشعبيتها بين الافغان لاسباب تتنوع من أفلام السينما الهندية إلى مشاريع المساعدات تجعل نيودلهي تقف على أرض صلبة في البلد الذي تمزقه الحرب. وتنفق الهند 1.2 مليار دولار لبناء طرق وخطوط كهرباء في أفغانستان. وربما تسعى الهند لتعزيز هذا الجانب من علاقتها بأفغانستان في السنوات المقبلة لمواجهة أي تحرك تدعمه باكستان لتهميش نيودلهي. وقالت سافيتا باندي أستاذة دراسات جنوب آسيا في جامعة جواهر لال نهرو بنيودلهي "وجود الهند في أفغانستان ضخم وحسن النية هذا هو الذي من الواضح أنه يمنح الهند هذه القوة." وأعلنت الهند الاسبوع الماضي عن المئات من منح الزمالة لدعم الطلاب الافغان الذين يسعون لدرجات علمية أعلى في مجال الزراعة الذي يعتبر مهما لتحسين حياة الافغان. وقال مسؤول في الحكومة الهندية "كانت الهند ذائما شريك تنمية لافغانستان وهذا جانب قوي من العلاقة التي ستتطور." وبالاضافة إلى ذلك فإن تحقيق انفراجة سريعة مع طالبان أمر ليس في حكم المؤكد لان المتشددين قد لا يميلون للتوصل إلى تسوية في الوقت الحالي بعدما تعززت قبضتهم على معظم أفغانستان. وقال دبلوماسي غربي طلب عدم ذكر اسمه "لذا علينا أن نرى مدى واقعية هذا العرض لتحقيق السلام. "يتعلق الجانب الاخر بما إذا كانت باكستان لا تزال تحتفظ بالنفوذ نفسه على كل قطاعات قبائل البشتون لان تأثيرها كان على الحركة المتشددة التي من غير المرجح على أي حال أن تكون جزءا من عملية السلام." ____________ * كريتيسفاس مخيرجي