أوصت اللجنة البرلمانية الفرنسية المكلفة البت بمصير ارتداء النقاب في البلاد، بحظره في الإدارات والأماكن العامة باعتباره «مظهراً من مظاهر الأصولية، ومنافياً لتاريخ فرنسا وقيمها العلمانية»، كما ورد في تقرير قدمته اللجنة أمس، الى رئيس الجمعية الوطنية (البرلمان) برنار اكوييه. لكن هذا «القرار التوافقي» الذي توصلت إليه اللجنة المؤلفة من 32 نائباً من كل الاتجاهات السياسية، بعد 6 شهور من العمل، استمعت خلالها الى شهادات نحو مئتي شخص من المعنيين بالموضوع، لم يلغِ الانقسام والغموض السائدين حول سبل تطبيق حظر النقاب. وضمّنت اللجنة تقريرها اقتراحات للتعامل مع ظاهرة النقاب، بينها قرار برلماني يقضي بمنع ارتدائه على الأراضي الفرنسية، بمعزل عن أي إجراء ملزم، ليشمل الحظر الإدارات العامة ووسائل النقل والمؤسسات الخدماتية الرسمية مثل المستشفيات والمدارس. وفي مؤتمر صحافي عقده في مقر البرلمان، دافع رئيس اللجنة أندريه جيران (من الحزب الشيوعي) عن مضمون التقرير، قائلاً إن النقاب «يخفي ممارسات فئوية وأصولية منافية لتاريخنا». وشدد على ضرورة «خوض معركة سياسية ضد رموز الأصولية»، والعمل لتطبيق «إسلام يتماشى مع قيم الجمهورية والعلمانية». كذلك أكد منسق اللجنة اريك راوولت (من حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية الحاكم) ان النقاب «ظاهرة جديدة في بلدنا أردنا تحليلها»، بهدف «الرد على أسئلة سكان أحيائنا الذين لا يفهمون النقاب، وغالباً يتخوفون منه». ووصف اكوييه التقرير بأنه حيادي وموضوعي لا ينطوي على أي تحامل، لافتاً الى أن هدفه وقف ظاهرة النقاب على أراضي الجمهورية، وتشكيل أرضية يستند إليها البرلمان لإصدار قرار أو قانون بهذا الشأن. واستشف مراقبون من كلام اكوييه ان الانقسام الذي برز داخل التيارات السياسية اليمينية واليسارية على ضرورة سن قانون لحظر النقاب، لا يزال على حاله، بل قد يتسع. وتحسباً لهذا الاحتمال، شدد اكوييه على أهمية توافر الإرادة الحسنة والتوصل الى توافق جمهوري حول الموضوع، ليكون القرار الذي سيتخذ بالتعاون مع الحكومة «موضع قبول وتفهم». في هذا الإطار، لفت جيران الى ضرورة تجنب التسرع وأخذ الوقت للتوصل الى «الرد الأكثر فاعلية وملاءمة» لمواجهة ظاهرة النقاب، مشدداً على ان القانون المرتقب «ينبغي ألا ينطوي على أي تسامح مع المروجين لهذه الممارسات». أما راوولت فاعتبر ان لا بد من «تشدد ذكي في رفض النقاب، لعدم السقوط في فخ اعتماد قرار غير مفهوم وغير قابل للتطبيق»، مقترحاً جولة أوروبية ومتوسطية لتوضيح الموقف، تداركاً لتداعياته المتوقعة. وتزامن إعداد التقرير حول النقاب مع النقاش الذي أطلقه وزير الهجرة والاندماج اريك بيسون، ومع سلسلة من «زلات اللسان» لمسؤولين حيال المهاجرين والإسلام، ما أثار مقداراً كبيراً من التوتر في الوسطين السياسي والإعلامي، ودفع غالبية الفرنسيين (63 في المئة) الى تأييد حظر النقاب الذي ترتديه بضع مئات من النساء.