أظهرت بيانات اقتصادية صدرت خلال النصف الأول من الشهر الجاري أن انطلاق الاقتصاد الألماني هذه السنة سيكون أكثر تعثراً مما يُظن. وأفادت بيانات الطلبات الجديدة على الصناعة الألمانية ومبيعات تجارة التجزئة والبناء وغيرها من القطاعات، عن تراجع وتباطؤ وخسائر لم تكن منتظرة، كما ذكر المكتب الاتحادي للإحصاء في فيسبادن ومؤسسات اقتصادية خاصة. وأقرت وزارة الاقتصاد الألمانية أيضاً بأن الانطلاقة التي كانت منتظرة «فقدت من زخمها». وعكست تصريحات الخبراء، ولأسباب مختلفة، تحفظاً أكبر من السابق إزاء الآفاق الاقتصادية المتوقعة للسنة الحالية. وساهم في التعثر الشتاء الحالي القارس الذي رافقه هطول ثلوج وعواصف شديدة. وذكر اتحاد غرف التجارة والصناعة الألمانية أن حساباته تشير إلى أن الاقتصاد قد يخسر - بسبب توقف ورش العمل فوق الأرض، مثل ورش البناء والطرق، - بليوني يورو. وتوقع كبير خبراء الاتحاد فولكر تراير أن يخسر النمو في الربع الأول من السنة 0،4 في المئة من معدله المنتظر، نتيجة توقف الأشغال. وذكرت النشرة الاقتصادية الشهرية لغرفة التجارة والصناعة العربية الألمانية أن الشركات الألمانية سجَّلت في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي زيادة في الطلبات عن الشهر الذي سبقه بنسبة 0،2 في المئة، لكن الخبراء كانوا يتوقعون نسبة أعلى بكثير. وأضافت أن الصناعة الألمانية أصيبت بنكسة واضحة مع تراجع الطلبات عليها في تشرين الثاني بنسبة واحد في المئة، مسجلة تراجعاً للشهر الثاني على التوالي لانخفاض الطلب على السيارات بعد انتهاء أثر الدعم الحكومي لها، نهاية العام الماضي. وتعرضت تجارة التجزئة لأسوأ حصيلة منذ سبع سنوات بعد إعلان مكتب الإحصاء الاتحادي أن تجارة التجزئة خسرت على مدى العام الماضي بين 2،5 و 2،7 في المئة مقارنة بنتائج 2008. وذكر مكتب الإحصاء أيضاً أن قطاع البناء «ينطلق منذ الآن من حقيقة أنه لن يستفيد هذه السنة كما كان يتوقع، من برنامج الدعم الحكومي للنمو الذي خصص بلايين اليورو لتحديث البنية التحتية في البلاد». وينظر أيضاً إلى سنة 2011 «نظرة سلبية». وبرزت الإشارة الأولى إلى تباطؤ الاقتصاد أواسط الشهر الماضي، حين ذكر مركز بحوث الاقتصاد الأوروبي في مانهايم أن مؤشره الخاص بالتوقعات تراجع من 51،1 إلى 50،4 نقطة وبقي مع ذلك أعلى ب 0،4 نقطة مما توقعه خبراء ومحللون سألهم القسم الاقتصادي في وكالة «رويترز» البريطانية. وقوَّم كبير خبراء اتحاد غرف التجارة والصناعة الألمانية تراير، الانطلاقة الاقتصادية التي كانت مأمولة، بالقول إن نهوض الاقتصاد الألماني «يسير على طريق وعرة، وستمرّ سنتان أو ثلاث على الأقل قبل أن يصعد هذا الاقتصاد من القبو إلى الطابق الأرضي». وفيما يشاطر خبراء كثر هذا التقويم، بدا خبراء معهد البحوث الاقتصادية «دي إي في» أكثر تفاؤلاً متوقعين أن يستعيد اقتصاد ألمانيا نهاية 2011، قوته التي حققها قبل بدء أزمة الركود. وفيما أُعلن رسمياً أخيراً أن انكماش الاقتصاد الألماني بلغ 5 في المئة العام الماضي، اختلف الخبراء حول معدل النمو الذي ستسجله ألمانيا هذه السنة، وتراوحت ترجيحاتهم بين 1،2 كحد أدنى و2،1 في المئة كحد أقصى. لكن مجموعة «أليانس» للتأمين خرجت بصورة مثيرة عن هذا السياق، وتوقعت أن يشهد الاقتصاد الألماني نمواً كبيراً بمعدل 2،8 في المئة ويذكِّر بعامي 2006 و2007. وكان «حكماء الاقتصاد الألماني» توقعوا في تقريرهم الخريفي الماضي أن تحقق ألمانيا السنة الحالية نمواً بمعدل 1،6 في المئة، وأعادوا أخيراً تأكيد هذه النسبة كرد مباشر على المفرطين في التفاؤل. وعلى رغم التباطؤ الحاصل في النمو الاقتصادي، واستمرار التخوف من حدوث انتكاسات مالية، ومن تمنُّع المصارف عن تأمين السيولة الكافية إلى الشركات، لا ينتظر الخبراء الألمان أن تعود البلاد من جديد إلى مرحلة الركود السابقة.