الشاعرة الراحلة مستورة الأحمدي ، شاعرة أوبريت الجنادرية لهذا العام مشاركة مع زميلتها الشاعرة نجلاء المحيا ، هذا الاوبريت الذي الغي بقرار ملكي كريم تضامنا مع ما يعانيه الأشقاء في سوريا وغيرها من الدول العربية وهو قرار يتسق مع مواقف خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ال سعود شخصيا والمملكة بشكل عام استشعارا لهموم ومصائب الآخرين،فما بالك إذا كان هؤلاء الآخرين هم أهلنا وأشقائنا في هذه الدول0 عن الشاعرة الكبيرة مستورة الأحمدي رحمها الله ، أقول ، أنني لست في وارد الحديث عن التجربة الشعرية العامة لها ، لكن هناك ملمح هام من هذه التجربة لابد أن نتوقف عنده ولو بشكل خاطف وسريع 000 هذا الملمح يتمثل في تبني الشاعرة لقضية المرأة ، ومعاناتها على أكثر من صعيد ، فالشاعرة كتبت عن الفتاة الشريفة العفيفة التي يظن بعض ضعفاء النفوس أنها في متناول أطماعهم ورغباتهم فكتبت : تتعب ويتعب من يجاريك طغيان يا تابع الواثق وقصدك تزِلّه دور بمجهر سخِّر الأنس والجان مالك سوى الخيبة وزورٍ تدِلّه بي ضعف إنسانة,ولي عثرة إنسان في كل أمر... إلا الدروب المخلة كتبت عن الرجل المتعجرف جهلا : كم عقول ضيقة وعيون صاحبها وساع تحسب التذكير مجد وتفتل الشارب جلال مسلم الفطرة وعنده جاهلية فالنزاع لا ذكر أخته يقول: "الله يعز اهل العقال" كتبت عن الخيانة ومرارتها ومرارة ما يتبعها من قرارات: عذرك اللي من ورق أذكى لهيبٍ في قراري للخيانة ألف باب وللفجيعة طعم واحد لي زمن والحس يصرخ بي وأنا اكذّب واداري وانتظر صحوة ضميرٍ ميتٍ واحسبه راقد كم سجارة كيف ترميها على صفحة خضاري وكم تداركنا إلين امست مزارعنا مرامد لم عن أرضي رمادك واطو ظلك عن جداري خلني امسح هَباب الحب عن وجه المقاعد كبت مستورة الاحمدي عن ( الطلاق ) الذي هو حق بيد الرجل ، ولكنه حق يساء استخدامه في كثير من الأحيان الباب،شديد 00قصيدة الطلاق ،التي هي محور قراءتنا ، تتحدث من خلالها مستورة عن قائمة من الممنوعات التي تفرض تحت سلطة التهديد بالطلاق ، هذه الممنوعات تتمثل في : إذا يخرجك طموحك من الباب ، والباب هنا ليس باب البيت ، ولكن باب القمع ، ومصادرة الحقوق المشروعة ، ليس هذا فحسب بل أن سيف الطلاق المصلت سيقتص منك أيتها المرأة فيما لو صدرت منك تنهيدة الم0 طالق – أيضا – فيما لو لمح هذا الرجل دمعة الم تفسد الحسن الذي يجب أن يتمتع برؤيته حتى لو كان يشبه الورد المجفف ، طالق أيضا لو عتبت – فضلا عن أن يصل الموضوع لدرجة الغضب 0000 والقائمة ، طويلة وقاسية ، استطاعت الشاعرة أن تضغطها فيما يشبه الكبسولة الطلاق، شديدة الفاعلية، شديدة التكثيف، وشديدة التأثير 00لكن سلاح الطلاق ، يأخذ منحى آخر ، فهو ليس قائمة ممنوعات فقط ، لكنه أيضا قائمة خيارات بيد الرجل : فيحلف بالطلاق إذا أراد أن يكرم أحد ، وإذا أراد أن يثبت صحة كلامه ، وإذا أرادأن يهدد عدوه 0 ..ولكن هل هذا مقتضى الحياة الزوجية التي تحلم بها كل فتاة، وأن يكون عشها في مهب الرياح التي قد تقتلعه فيما لو حدث أي خطأ بسيط في حسابات الزوج الحالف ؟ بالطبع (لا) وهو ما تؤكده الشاعرة في بقية الأبيات ، التي تصرخ محتجة : من غير ود ودون رحمه ترى غاب معنى الزواج اللي غلط فاهمينه بقية النص يسير على وتيرة متفاوتة شعريا، لكنها متصاعدة عاطفيا ، إلى أن تختتمه ،ختام تراجيدي حزين لكل امرأة، فبعد الانصياع لتلك القرارات والأوامر والصبر عليها: يهدي براعة صبرها سيد الغاب شهادة التقصير .وأحلى طبينه لو أعدنا قراءة النص ، وعزلناه عن سياقه العاطفي ، وعن انكسارات المرأة واحباطاتها بداخله ، وقراناه بشعرية محايدة، سنجد الكثير من الومضات الشعرية المذهلة مثل : إذا يخرجك طموحك من الباب ، استعارة رائعة خدمت الفكرة بأقل قدر ممكن من الكلمات ، والشعر كما يقول الأدباء لمحة دالة ، وهذا ما فعلته مستورة هنا0 وطالق إذا خطّط مزاجك لإضراب أو قال لي مليت دور المكينة وعلى الرغم من أن ( مليت دور المكينة ) ليست جملة شاعرية ، لكن الشاعرة وفقت باستخدامها إلى حد كبير لأنها تتحدث عن وضع تسير الأمور فيه بشكل آلي خال من المشاعر والتقدير، والمطلوب من أن المرأة هنا أن تكون ( مكينة ) سواء كانت مكينة إنتاج أعمال متواصلة ومتلاحقة ، أو مكينة تفريخ لا أكثر 0 يا محول لباسك لفرشة على الباب ظنتك ملبوس الدفا وانت زينه بيت في منتهى الوجع، ومنتهى الألم ، ومنتهى الشعر 00فالمرأة التي هي لباس للرجل وهو لباس لها، بما يوحي به هذا التعبير القرآني الكريم من تلازم ، واتحاد روحي ، ومودة وتلطف مشترك ، هذه المرأة حولت من لباس إلى مجرد فرشة على الباب، بما تحمله هذه الجملة من إيحاء بالمهانة والاحتقار والدوس بالأقدام أيضا: داست زهور الحلم خطوات حطّاب يفرح إذا غصن"ن" يبس قبل حينه داست زهور الحلم خطوات حطاب ! هذا الحطاب لم يقم بدوس الأزهار ، من باب العداوة ، أو الرغبة بالإذلال ، لانه لم يراها أصلا ولم يحسب لها أي حساب ، والمصيبة هنا أشد وأمرّ ، وسوء حظ هذه الأزهار جعلها في طريقة المعبد بالفأس 0 بالطبع نحن نتحدث هنا عن حالة، وربما نجد في نصوص أخرى، حالات معاكسة جديرة بالحديث عنها ، أقول ذلك ، حتى لا يغضب مني أبناء جنسي فلست بقاسم أمين ،والمرأة ليست مصيبة دائما،بل أنها مصائب في بعض الأحيان !! رحم الله الشاعرة المبدعة ، التي كانت تحمل قضية سامية ، وهذا هو الشعرالحقيقي الذي يبقى ، ويؤدي رسالته حتى لو رحل صاحبه 0