يقول المثل الشعبي : اضمن لي كميت ، وأضمن لك مرات وهذا يدل على تقارب وتجاور ضلع كميت ببلدة مرات حيث تقع ملتصقة به جهة الجنوب ومن وصله فلا بد قد وصلها ، والمهم أن يتحقق أن ما يراه الناظر هو ضلع كميت بالفعل وليس غيره. والبلدة القديمة اليوم أصبحت محل إقامة المهرجانات ، والعروض المتنوعة ، وفيها أيضا كل قديم ، سواء معالم أثرية مثل بئر الوليدي ، الذي يقال إنها حفرت من قبل خالد بن الوليد أثناء وصوله إلى اليمامة لحرب المرتدين . أو بيوت الطين وسوق البيع والشراء أو المزارع وأسوارها وأبراجها. ومن يضمن لنا الوصول إلى ضلع كميت ، نضمن له الوصول إلى بيت الضويحي الأثري والمتحف التراثي المقام فيه ، حيث يعد ضمن بيوت البلدة القديمة ، فما أن تصل ضلع كميت إلا وترى بيت الضويحي القديم. في هذا المتحف تتنوع المعروضات ويتم تصنيفها وفق أقسام متعددة تشمل كل أغراض الحياة والحرف والمهن ومكونات وسائل استخدمها المجتمع القديم خارج البيوت وداخلها . ففي المتحف عرضت أدوات السانية ، وأدوات الزراعة التي تستخدم للحرث أو العزق أو القطع أو الربط كما خصص ركن للمرأة تحت مسمى غرفة العروس تضمن مكينة الخياطة وأدواتها، والزينة واللباس والحفظ . كما عرض نموذج متكامل لدكان الأمس بكل ما فيه من حلوى ومشروبات ومستلزمات الأهالي وما كان يباع في دكاكين البلدة . وللكتابة والقراءة والكتاتيب نصيبهم ، فعرضت أدوات الكتابة ووسائل التعليم ونماذج من الكتب القديمة والمقررات التي كانت تدرس في المدارس النظامية منذ أكثر من أربعين سنة . وللعملات القديمة نصيبها أيضا من بين المعروضات ، كما عرضت نماذج من أدوات المكاييل والموازين و شملت المعروضات وسائل طحن الدقيق كالرحى والمجرشة ، والمنحاز والنقيرة والأدوات الحجرية التي تدق فيها الغلال كالقمح وكافة الحبوب. وفي ركن آخر عرضت أدوات الإضاءة ووسائلها بالإضافة إلى ركن تضمن أدوات تستخدم وقت السفر مثل : الهودج ، وهو الذي يوضع على البعير لتركب المرأة داخله فيسترها عن الخارج ، وأيضا القربة والصميل والشداد والمسامة . ومهما كتبنا عن مدى تنوع المتحف فلن نوفيه حقه وذلك لما بذل فيه من عناية وترتيب وشمول أيضا . ولكل هذه الأدوات على كثرتها وتعدد أصنافها وأنواعها مسميات تعرف بها ، إذا ذكرت في قصيدة أو حكاية أو قصة سحبت معها ذاكرتنا نحو الأمس حيث اختفى اليوم الكثير من تلك المسميات بأسمائها وأعيانها ، فلم نعد نجد الصميل ولا القربة ، ولا الميقعة ولا الهودج ولا الدلو ولا الغرب ولا السانية ، حتى دكان القرية اجتاحه السوبر ماركت، ومع كل ذلك تبقى في الذاكرة تعيد لنا ذكراها الشيء الكثير من الارتياح والأنس وتشد الكبار رؤيتها وكذلك الصغار وتأسرنا المتاحف فنقف طويلا أمام معروضاتها كما لو كنا عشنا أحداث مرت بها. ولعلي هنا أختم بقصيدة الشاعر المعروف من أهالي مرات ، عبد الله الضويحي ينقلنا عبر مفردات قصيدته وبساطتها إلى عصر أفلت شمسه ومالت نحو المغيب ، لكنها لا تزال باقية في الذاكرة ، نستمد منها الكثير من سعادة الذكرى. يقول الشاعر عبدالله : نويت أقوم بزياره ، جنوب كميت واكتاره نحرت السوق من بدري ، أشوف البيت واخباره لقيت البيت ما هو بيت ، خراب هدت اسواره وقفت وحارت الرجلين ، وشفت النفس محتاره زلفت لبيتنا مشتاق ، وناشت رجلي جداره تهدد وانسلخ بالدرب ، تراب سد معباره وطار غبار ياكثره ، عليه من البطي شاره دخلت بغرفة المجلس ، وذكرت العود وكماره ذكرت الوالد وحنيت ، حنين النوق لحواره وشفته يا عرب بالعين ، يشب النار بوجاره اشوف الدلة الخمره ، يقلبها على ناره يزل بدلة صفراء ، يحوف البن ببهاره يلالي النجر وينادي ، مع الصفره يجي جاره يصب من البكر فنجال ، يقعد الراس وأفكاره مشيت وخاطري محتار ، أدور وين مظهاره نحرت الصفة القصيا ، أدور كود مصفاره بدى لي عاقب البندق ، يجلجل وسط سحاره وعلق بالوتد مشعاب ، وفوق الرف غداره سواد سراج أبو دنان ، كثيف سود جداره ويومي في شغا المحجان ، صميل يبست اشطاره صميل فات له ماضي ، الا يا حلو مدراره وباب الجصه مجافى ، عقب ما كان بسكاره عقب وقت مضى يا حول ، صعيب فتح مسكاره ووسط القوع به منحاز ، عليه من الدّبل قاره وجنبه دبة التنور ، تهشم وانتهى كاره لطمني قوطي الشعشاع ، تناثر باقي كساره وهذا مغزل الغالي ، نقش في العود تذكاره كتب في حافته سطرين ، ترى الأيام غداره ترى عمر الفتى يا زين ، غصين تذبل أزهاره قصيدة فعلا ذات مفردات قديمة يصعب على العديد منا فك رموزها لطمني قوطي الشعشاع ، تناثر باقي كساره والشعشاع مواد توجد عادة في تنكة صغيرة أو وعاء معدني مخصصه لتزيين شعر المرأة تخلط بالماء أو يؤخذ منها بقدار محدد لتطيب الرائحة ذات لون فاقع يميل إلى الوردي له رائحة مميزة كما أن الشاعر استخدم كلمة لطمني ، وتعني ضربة الشيء بغير قصد ، سواء مع القدم أو مع الرأس واللطمة عادة تكون فجائية.